وكما هي العادة يخلف المصريون كافة التوقعات، ويقهرون العقبات والتحديات لنفاجأ مرة بعد الأخرى بما يشفي الصدور، ويقلل من روع الأزمات ويرسم البسمة رغم شدة الصعوبات.
فقد كانت الاستطلاعات والتنبؤات تنذر بكساد وتراجع لرواد معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكانت هناك أيضاً دعوات للمقاطعة احتجاجاً علي ارتفاع أسعار الكتب الناتج بشكل تلقائي عن ارتفاع أسعار كل شىء عالميا، بما فيه الورق والطباعة والنقل وخلافه، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد مثل غيرها من دول العالم، والتي نالت من الجميع.
ولكن:
عندما فتحت أبواب معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته ال 54 هذا العام وسط مخاوف شديدة من ضعف وتراجع الإقبال ودعوات المقاطعة، فاجأنا المصريون كما هو المعتاد بما يقهر ويطيح بكافة التوقعات، وشهد المعرض هذا العام إقبالاً غير مسبوق طوال ال 12 يوما ومبيعات مجزية وفعاليات وتخفيضات وعروض على الكتب وكافة وسائل التشجيع والجذب التي لاقت تفاعلاً كبيراً ودعماً متعمداً ورسالة قوية من جمهور القراء أنهم ما زالوا علي العهد باقين، وأن الكتاب لم يفقد محبيه ولن تحل محله آلاف المواقع الإلكترونية، وأن المصريين ما زالوا داعمين لبلادهم في السراء والضراء.
فقد شارك في هذه الدورة 1047 ناشرًا مصريًا وعربيًا وأجنبيًا، من 53 دولة، من بينها دولٌ جديدة مثل المجر والدومينيكان.
كما أقيمت فعاليات ثقافية تشمل لقاءات مع مبدعين وكتاب ومفكرين وفنانين ورموز وقامات مصرية عربية وعالمية، لتعزيز دور الثقافة في بناء المستقبل.
إضافة إلى تقديم الناشرين المصريين والعرب خصومات تصل إلى ٨٠٪، فتضم بعض أجنحة الناشرين كتب يبدأ سعرها من جنيهين وتصل إلى ٢٠ جنيهًا.
و أيضاً تحديد سعر التذكرة الإلكترونية بـ 5 جنيهات يتم حجزها إلكترونيًا فقط.
كما كان للطفل نصيب كبير من المعرض يتمثل في تخصيص صالة لكتاب الطفل، مثل تقديم قصة أبوخربوش لكامل الكيلانى في صالة الطفل باستخدام النظارة الثلاثية الأبعاد.
ومساندة لـ «قادرون باختلاف»، واصل المعرض دعمه بأن يفتح أبوابه مجانًا لهم ومرافقيهم، ويقدم لهم خصومات خاصة على الإصدارات.
إذ بلغ إجمالي زوار المعرض خلال 12 يوما من الفعاليات المتنوعة 3,609,395 وهو الرقم الأكبر منذ انتقال المعرض لمقره الجديد بأرض المعارض الدولية بالتجمع الخامس.
نهاية:
فالإيمان بقيمة العمل الثقافي، وقدرته على إحداث الوعي ومواجهة كافة التحديات قد تجلي بأبهي صورة، إذ مثلت هذه الدورة نُقطة فارقة في مسار تحقيق العدالة الثقافية، لقطاعات المصريين خاصة الشباب الذين يمثلون 70% منهم ، والتي كان معرض الكتاب هذا العام مثال حي على تكاتف كافة قطاعات ووزارات ومؤسسات البلاد المتعددة لدعم ونشر الثقافة وقيم بناء الإنسان، والتي دعمها بالمقابل المصريون وشاركوا بإنجاحها، كما لم يكن بالحسبان رغم كل الصعوبات والمعوقات وسلبية التوقعات.
لنرى دائماً وأبداً أنها مصر وأنهم المصريون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة