قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن الجامعة العربية تظل الركيزة الأساسية للجهود العربية الرسمية والبرلمانية لتنسيق السياسات الفاعلة في إطار منظومة العمل العربي، بينما تبقى مؤسسات التمثيل والتشريع والرقابة، ممثلة في البرلمانات العربية، ركناً أساسياً في منظومة الحكم الرشيد الذي يقوم على إشراك الشعوب في العملية السياسية والتنموية، باعتبار أن الإنسان هو جوهر العملية التنموية وأداتها وغايتها في الوقت نفسه.
جانب من اجتماع الجامعة العربية
وأضاف أبو الغيط، في كلمته أمام المؤتمر الخامس للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية المنعقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم السبت، أن هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية تحتاج إلى تفعيل أكبر لدور هذه المؤسسات، فالمصاعب الاقتصادية تضغط على الجميع، وأوضاع التضخم والركود وارتفاع تكلفة المعيشة لها تبعات وارتدادات اجتماعية نرصدها في العالم باتساعه.
وفي العالم العربي بطبيعة الحال، بحسب أبو الغيط، فإن هذه الأوضاع الصعبة، وتلك الأزمات الضاغطة، سوف تستمر معنا لفترة ليست بالقصيرة طالما ظل الوضع الجيوسياسي العالمي مُلتهباً على نحو ما نشهد في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وطالما ظل الاقتصاد العالمي يُعاني من تبعات كورونا وغيرها من الأزمات، والتي أفرزت مزيجاً خطيراً من الركود والتضخم.
واستطرد الأمين العام أن التماسك السياسي والاجتماعي يظل مفتاحاً مهماً لتجاوز تلك الأزمات، وتعزيز صمود المجتمعات في مواجهتها، موضحا أن دور المجالس النيابية، ومؤسسات التمثيل والتشريع يُعد محورياً في توفير القناة الواصلة بين الحكومات والشعوب، فالشعوب من حقها أن تفهم وتُدرك أبعاد الأزمة وسبل المواجهة، والتكاليف المرتبطة بذلك، والحكومات من واجبها أن تضع شعوبها في صورة ما يجري، بكل أمانة وشفافية، ومن واجبها أيضاً أن تشرح برنامجها وخططها للمواجهة والصمود، وتظل البرلمانات هي الوسيط الذي لا غِنى عنه للحوار المطلوب بين الحكم والشعب، وساحةً مهمة للمناقشات الضرورية لكافة البدائل وكُلفتها وتبعاتها.
وناشد الأمين العام في كلمته كافة البرلمانيين العرب أن يكونوا صوتاً أميناً للشعوب في التعبير عن معاناتها وآلامها، وأيضاً تطلعاتها وأحلامها، وأن تكون المجالس النيابية، في الوقت ذاته، منصة أساسية لتنوير الرأي العام بالحقائق والخيارات، بكل ما تقتضيه هذه المهمة من العقلانية والتجرد.
ودعا البرلمانيين إلى إيلاء الاهتمام الواجب للقضايا التي تهم الأمة العربية في مجموعها والتي تؤثر تأثيراً مباشراً على حياة المواطن العربي في كل مكان، مشيرا إلى قضية الأمن الغذائي العربي، الذي يتعرض لتحديات خطيرة بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا، وما تسببت فيه من اضطراب في سوق الحبوب العالمي، فضلاً عن تصاعد التضخم وما يرتبط به من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، وبخاصة الضرورية منها، وربما تعرفون أن الجامعة العربية قد تبنت في قمة الجزائر في نوفمبر الماضي استراتيجية شاملة لتحقيق الأمن الغذائي العربي، ويقتضي الأمر عملاً متضافراً بين الدول العربية من أجل تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، وبرامج عمل قابلة للتنفيذ.
أكد أبو الغيط أن الأوضاع العربية لا زالت أسيرةً للأزمات الممتد، وأخطرها على الإطلاق تلك التي تتعلق بوحدة بعض الدول وتماسك كيانها الوطني مثلما نشهد في اليمن وسوريا وليبيا، وبعد عقدٍ ويزيد من الصراعات الداخلية، لا زالت هذه الدول في حاجة ماسة إلى تسويات سياسية لاستعادة وحدتها ودرء مخاطر التدخلات الأجنبية والإقليمية في شئونها على نحو يُشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي في مجموعه
وأشار إلى القضية الفلسطينية التي تمر بلحظةٍ حرجة وبالغة الصعوبة، فالاحتلال الإسرائيلي يتبنى رؤية يمينية بالغة التطرف تسعى إلى تصفية القضية، وقضم الأرض عبر البناء الاستيطاني، والقضاء على الهوية الفلسطينية بالتهويد والقمع.
وأوضح رؤية الجامعة العربيةالقائمة على أن استمرار هذه الأوضاع، في ظل صمتٍ دولي مريب، من شأنه أن يزج بالمنطقة كلها، وليس فلسطين وحدها، في دوامة خطيرة من انعدام الاستقرار والاضطراب، بل سيقود إلى الدفع بالتيارات المتطرفة إلى صدارة المشهد على الجانبين، فالتطرف لا يولِّد إلا تطرفاً مضاداً.
وحذر الأمين العام لجامعة من انسداد الأفق السياسي والذي يؤدي إلى حرمان الفلسطينيين من كل أمل في تحقيق حلمهم بالاستقلال وإقامة الدولة على حدود الرابع من يونيو 1967، ومن دون مشروع للتسوية، موضحا أن ذلك يعني أن المجال سيبقى مفتوحاً لمتطرفي الحكومة الإسرائيلية لكي يُمارسوا مخططاتهم بالغة الخطورة، على نحو ما نشهد في القدس وغيرها من مدن الضفة،
وشدد على مسئولية محبي السلام كافة، بل من واجبهم، بالعمل على التصدي لهذه المخططات المشؤومة، وتعزيز رؤية الدولتين التي يريد هؤلاء المتطرفون القضاء عليه.