تحتضن العاصمة المصرية القاهرة، مؤتمرا هاما يهدف لتعزيز صمود المقدسيين ودعمهم في مواجهة الحملة الإسرائيلية الممنهجة التي تهدف لتهويد كل ما هو فلسطيني، خاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وذلك بوضع سياسات تعتمد على رؤية الصهيونية الدينية التي تم ترسيخها داخل الحكومة اليمينية الأشد تطرفا بقيادة بنيامين نتنياهو.
حضر المؤتمر الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وسط حضور عربي ودولى لافت في المؤتمر الذي يهدف لدعم المقدسيين وتعزيز صمودهم.
يأتي المؤتمر في توقيت مهم للفلسطينيين في ظل التحركات التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو لتعزيز الوجود الصهيوني في القدس المحتلة، واستهداف جموع المقدسيين، ما يهدد أي فرصة لتفعيل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويدفع نحو مواجهات عنيفة بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل توجه الكنيست الإسرائيلي لإقرار قوانين تبدد حالة الأمن والاستقرار النسبي في القدس الشرقية خلال العقود الماضية.
حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة لا تؤمن بفكرة وجود حقوق للمقدسيين في القدس الشرقية، وهو ما يدفعها للقيام بمشاريع استيطانية والتوسع فيها خلال الفترة المقبلة، فضلا عن إقرارها قوانين مجحفة تمكن الاحتلال من فرض سيطرته الكاملة على القدس الشرقية و "أسرلة" كل ما هو فلسطيني في مدن الضفة الغربية.
ويشكل الحضور العربي والدولي في مؤتمر القدس الذي تحتضنه جامعة الدول العربية في القاهرة، رسالة شديدة اللهجة إلى الجانب الإسرائيلي برفض أي محاولات استفزازية وفردية لفرض واقع جديد في مدينة القدس المحتلة، فضلا عن الدعم العربي الكامل للمقدسيين الذين يعانون بشكل يومي من الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويسعى الجانب الفلسطيني لتشكيل محور عربى قوى قادر على تعزيز صمود المقدسيين والفلسطينيين خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل تغول كبير لحكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي ينادي بدولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية منذ عقود.
وتفرض حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو قطيعة على السلطة الوطنية الفلسطينية، فضلا عن وجود نوايا لسن قانون تنفيذ أحكام الإعدام ضد الفلسطينيين المنفذين للعمليات الفدائية، إخلاء خان الأحمر، تهويد الشيخ جراح، وتغيير الوضع القانوني في القدس والأقصى وهو ما سيشكل توترا كبيرا.
يأتي انعقاد مؤتمر القدس في القاهرة بالتزامن مع اجتماع "الكابنيت" الإسرائيلي، مساء اليوم، والذي سيناقش خطة وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلي برئاسة ايتمار بن غفير للقيام بعملية أمنية واسعة شرق مدينة القدس ضد المقدسيين، وهو ما يهدد بزيادة وتير التصعيد من جانب المقدسيين الرافضين لسياسة الإرهاب التي تلجأ إليه حكومة الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة الفلسطينيين، سواء بالإعدام الميداني للفلسطينيين والفلسطينيات أو التهجير وهدم المنازل وهي السياسة التي تتوسع فيها حكومة "نتنياهو" منذ توليها زمام السلطة، وذلك بهدف تعزيز الاستيطان والتوسع فيه بالضفة الغربية والقدس.
الدور العربي الداعم لمركزية القضية الفلسطينية وفي القلب منها القدس الشريف أمر هام وضروري ويحتاج إلى خطوات فعلية، تؤكد استمرار دعم العرب للمقدسيين حتى ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو 1967، والاعتراف بالدولة الفلسطينية ومنحها حقها بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فضلا عن حشد الجهود لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ومواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين بأشكاله المختلفة.
ويبقى ملف حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، أحد أبرز الملفات بل "خطوط حمراء" لن تقبل الدول العربية بتجاوزها، في ظل التحركات التي تقودها القاهرة وعمان لوقف المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس، خاصة في المسجد الأقصى المبارك الحرم القدسي الشريف، ومحاولات تغيير مسماه، ومواجهة مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً، والإدانة الشديدة للاقتحامات المتكررة والمتصاعدة للمسجد الأقصى.
وتضع الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو سلسلة من المشاريع الاستيطانية التي تخطط لتنفيذها في مدينة القدس المحتلة ومنها ما يُسمى بمخطط مركز مدينة القدس ومشروع واجهة القدس، مشروع "وادي السيليكون"، مشروع "مدينة داوود"، مشروع المنطقة الصناعية في العيساوية، مشروع القطار الهوائي للمستوطنين، مشروع تسوية العقارات والأملاك في المدينة، بالإضافة للقوانين العنصرية الإسرائيلية التي تخول سلطات الاحتلال بسحب بطاقات هوية آلاف المقدسيين، ومصادرة ممتلكاتهم من خلال ما يُسمى بـ "قانون أملاك الغائبين".
وينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة في الضفة الغربية وتحديدا بمدينتي جنين ونابلس بهدف استهداف المقاومين الفلسطينيين، وذلك تفعيلا لخطة حكومة "نتنياهو" التي تسعى للتوسط الاستيطاني في مدن الضفة الغربية والقدس خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يقابل بمقاومة عنيفة من قبل الفلسطينيين الرافضين للجرائم الإسرائيلية التي تستهدف بشكل يومي المواطنين الفلسطينيين في الضفة أو المقدسيين بمدينة القدس المحتلة.
ويحتاج المقدسيون إلى تمويل ودعم حقيقي في ظل الضرائب الباهظة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على التجار والعمال بالبلدة القديمة، وهو ما يعزز صمود المقدسيين في مواجهة جيش الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو، بالإضافة إلى أهمية دعم المشاريع التنموية التي تسعى لإنقاذ المدينة المقدسة وحماية مقدساتها وتعزيز صمود المقدسيين ومؤسساتهم، في مواجهة خطط التهويد والتهجير التى تلجأ إليها إسرائيل للمقدسيين من منازلهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة