أثبتت المرأة المصرية جدارة داخل محراب العدالة، بعدما أصبحت عضواً فاعلاً في منظومة القضاء، وكانت بمثابة لحظة تاريخية تلك التي جلسن فيها قاضيات مصر على منصات قضاء مجلس الدولة في موعد تاريخي يوم 5 مارس الماضي، في ذلك التاريخ جلست القاضية رضوى حلمي أحمد علي للمرة الأولى على منصة المحكمة الإدارية بمجلس الدولة، بعد ثلاث عقود من مطالبات ودعاوى قضائية بتمكين المرأة من العمل القضائي، فمن منصة محكمة الجنايات، مروراً بانضمامهن كعضوات بالنيابة العامة، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى على طلب النائب العام بنقل القاضيات للعمل بالنيابة العامة للعام القضائي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، إلى مثول أولى عضوات النيابة العامة في مقام الادعاءِ اليوم، في أول سابقة في تاريخ القضاء المصري.
المستشار عبد المجيد محمود النائب العام الأسبق علق قائلا:" إن الإرادة الحقيقية للقائمين على الأمور هي التي أدت الى هذه الخطوة والنتيجة الطبيعية، التي تتفق ومكانة مصر، وقدم في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" الشكر والتحية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإلى المستشار حماده الصاوي النائب العام، والمستشار عمر مروان وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى قائلا:" فلا أحد ينكر جهودهما الدؤوبة من أجل رفعة القضاء والقضاة وأدعو لهم بالتوفيق"، موضحاً أن قضاة وقاضيات مصر في القلب منهم عضوات النيابة العامة سيظلون ظهيراً لشعب مصر الذين هم جزءًا منه، وعنصر أساسي في نسيجه.
يذكر أن محكمة الجنايات شهدت اليوم، مثول داليا محمود وكيلة النائب العام في مقام الادعاء في مرافعتها، باعتبارها أولى سيدات مصر، وأولى عضوات النيابة العامة اللاتي تمثل الهيئة الاجتماعية في مقام الادعاء للمرة الأولى في تاريخ القضاء المصري.
وألقت وكيلة النائب العام المرافعة اليوم في قضية النيابة العامة -رقم ١٦٠٧٦ لسنة ٢٠٢٢ جنايات مركز كرداسة- التي قدمت فيها متهما بارتكاب جريمة قتل محام عمدا مع سبق الإصرار في كرداسة بالجيزة، ببندقية آلية، واستهلت وكيلة النائب العام مرافعتها بالإشارة إلى عقيدتها خلال المثول بمحراب العدالة -إخلاصا لله تعالى- وإلى النفوس التي أغواها الشيطان مثل المتهم، الذي أضله شيطانه حتى قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، خارجا بذلك عن سياسة الدين والقانون، مستحقا لعقاب من جنس عمله.
كما أكدت مثول النيابة العامة في تلك الدعوى دفاعا عن مهنة المحاماة التي أريقت دماء المجني عليه في سبيلها، والتي هي جزء لا يتجزأ عن بنيان العدالة، وتستمد سموها من نبل مقصدها وهو الدفاع عن الحقوق والحريات.
وبينت وكيلة النائب العام وقائع الدعوى مستوفية فيها تفصيلاتها بما تشمله من أركان الجريمة وظروفها المشددة، واستعرضت أدلتها ومدى تساندها ومؤداها من حيث ثبوت الجريمة وصحة إسنادها للمتهم، وطالبت بالقصاص من المتهم بمعاقبته بالإعدام شنقا إعمالا للشرع والقانون، وشفاء للصدور، وردعا لمن توسوس له نفسه أو يغويه شيطانه باقتراف مثل هذه الجريمة، مؤكدة أن النيابة العامة في مقام الادعاء هي ولية دم المقتول وأن القصاص من المتهم في هذه الدعوى يطمئن المجتمع والقائمين على شئون العدالة في مصر ، بانتزاع المجرمين من بين نسيج المجتمع إعلاء لكلمة الحق والعدل.
واختتمت وكيلة النائب العام مرافعتها بالإشارة إلى شرف مثولها في مقام الادعاء باعتبارها أولى سيدات مصر وأولى عضوات النيابة العامة اللاتي يقفن في هذا المقام الجليل بمحراب العدالة المقدس، مناشدة المحكمة بقول الحق العدل جل جلاله "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس".