أيام قليلة تفصل العالم عن الذكرى الأولى للحرب الأوكرانية التى لا تزال دائرة وسط تداعيات اقتصادية عابرة للحدود والقارات، وآثاراً قادت العديد من الأسواق لأزمة مكتملة الأركان بعد صعود منفلت فى مؤشرات التضخم فى مختلف الدول.
وخلال العام الأول من الحرب، تبادلت روسيا من جهة، والولايات المتحدة والدول الغربية من جهة، فرض العقوبات الاقتصادية وتجميد الأصول عبر حزم متتالية، ما يفتح العديد من التساؤلات الهامة، حول مصير تلك الأصول، وما ستؤول إليه حل الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وانهاء الحرب التى بدأت فى 24 فبراير الماضى.
ثروات روسية على قوائم الحظر
قدرت وزارة المالية الروسية حجم الأصول المجمدة من قبل الغرب بما يتراوح بين 300 مليار و350 مليار دولار، وهو ما يقارب نصف احتياطيات روسيا من الذهب والنقد الأجنبى، وبرغم أن تلك الأصول من الناحية القانونية لا تزال ملك للإدارة الروسية، إلا أنها لا تستطيع التصرف فيها بموجب العقوبات.
وبخلاف التقديرات الروسية، ذكر المفوض الأوروبى للعدالة فى الاتحاد الأوروبى ديدييه راندرز أن قيمة أصول روسيا المجمدة تقدر بـ 17.4 مليار يورو، وتشمل حسابات بنكية وعقارات ويخوتا وسلعا فاخرة أخرى لـ1350 من المواطنين والشركات الروسية التى وقعت تحت العقوبات الأوروبية.
وفى مقدمة الكيانات الروسية التى عانت من العقوبات، يأتى البنك المركزى الروسى فى المقدمة، حيث بلغت حصته من "التجميد" 23 مليار يورو، ووفقا لبيانات مطلع العام الحالى.
الأصول المجمدة.. ملف شائك أمام قمة السلام
ومع اقتراب الذكرى الأولى للحرب، يشهد معسكر أوكرانيا والغرب ترتيبات لعقد قمة سلام عالمية بوساطة من الأمم المتحدة بحسب ما أعلن عنه وزير الخارجية الأوركانى دميترو كوليبا نهاية ديسمبر الماضى، وهى الترتيبات التى تعكسها الجولة الحالية التى يجريها الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى لعواصم أوروبية بمقدمتها بروكسل.
وفى مقابلة سابقة مع وكالة الاسوشيتدبرس، قال وزير الخارجية الأوكرانى أن روسيا لا يمكن دعوتها إلى القمة إلا إذا واجهت جرائم حرب أمام محكمة دولية"، غير أن الحديث عن سلام دون وجود طرف روسى سيظل أمراً يفتقر كثيراً لأدوات حل الأزمة.
وفى موسكو، اقترحت وزارة المالية الروسية صفقة تبادل للأصول المجمدة بين المستثمرين الغربيين والروس، بحث تقوم هذه الآلية على الاستعاضة عن أصول المستثمرين الروس التى جمدتها الدول الغربية بسبب العقوبات بأموال مستثمرين أجانب محجوزة داخل روسيا، غير أن هذا الاقتراح لا يزال قيد الدراسة من جانب واشنطن والغرب.
وبرغم عدم الرد القاطع من قبل الغرب على مقترح روسيا، إلا أن الدعوات التى ظهرت على لسان مسئولين غربيين باستخدام الأموال الروسية المجمدة فى إعادة إعمار أوكرانيا، يظل كذلك مقترحاً غير قابل للتنفيذ فى ظل عدم إمكانية تطبيقه من الناحية القانونية، وسيعرقل أى حدث عن قمة السلام المرتقبة، ويقوض فرص نجاحها حال انعقادها.
أوراق روسية رابحة فى حرب الأصول
وتظل المقترحات الروسية بشأن تسوية ملف الأصول المجمدة، اطروحات من موقع قوة، وهو ما عبر عنه نائب رئيس مجلس الأمن القومى الروسى دميترى ميدفيديف، الذى قال صراحاً أن روسيا بإمكانها اتخاذ قرارات مماثلة عبر "تأميم" أصول الشركات الأجنبية وودائع الأفراد الأجانب داخل بلاده.
وبحسب تقرير سابق للنبك المركزى الروسى، يقدر حجم الإجمالى للاستثمار الأجنبى فى الاقتصاد الروسى بنحو 1.18 تريليون دولار، 679 مليار منها عبارة عن اسهم فى الأعمال التجارية، و392 مليار دولار أخرى موزعة ما بين السندات والقروض والسلف التجارية وودائع.
ومنذ أن اتخذت السلطات الروسية -ردا على العقوبات- تدابير وقائية لمنع سحب رؤوس الأموال للدول المذكورة إلى الخارج أصبحت هذه الأموال محجوزة بالفعل داخل البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة