حضور مصر ومشاركة قائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة أضفى رونقا وإبهارا على القمة التي تنظمها دبي لبحث ومناقشة واستشراف مستقبل الحكومات والتحديات العالمية الحالية والمستقبلية، وسبل الارتقاء بالأداء الحكومى، وتعزيز قدرة الحكومات على استباق التغيرات المتسارعة والاستعداد لها، مع التركيز على تسخير التكنولوجيا والابتكار، لمواجهة التحديات التي تواجه البشرية.
القمة العالمية للحكومات، والتي تعقد هذا العام تحت شعار" استشراف حكومات المستقبل" هى إحدى الأفكار الملهمة التى أطلقتها دبى فى العام 2013 تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وتعقد بشكل سنوي بمشاركة رؤساء الدول ورؤساء الحكومات وصناع القرار الاقتصادي وقادة الفكر وأصحاب القرار في صناعة المستقبل.
وتضاف هذه القمة إلى أفكار كثيرة جعلت دبي نموذجا للإبداع والإلهام لدول المنطقة، وكما قال الرئيس السيسي، فإن "تقدم وازدهار إمارة دبي ودولة الإمارات يشكل تجربة تنموية ملهمة لكافة المنطقة".
نجاح دبي في عقد القمة سنويا طال العشرة سنوات الماضية يؤكده الحرص الدائم من الحضور – وكما أوضح محمد بن عبد الله القرقاوي، وزير شئون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات- فالقمة الحالية حضرها حوالي 20 رئيسا ورئيس حكومة، وجمعت أكثر من 80 منظمة عالمية وإقليمية وأكثر من 250 وزيراً و10 آلاف من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال وقادة الفكر والخبراء وصناع المستقبل، وتحدث في 220 جلسة أكثر من 300 متحدث عالمي، وهو ما يوضح الأهمية التي اكتسبتها القمة العالمية للحكومات في مناقشة قضايا المستقبل، ووضع التصورات له، والدعوة دائما دول العالم إلى العمل كشركاء في مواجهه التحديات.
حضور مصر كضيف شرف في القمة الحالية، ومشاركة الرئيس السيسي في الجلسة الحوارية العامة، استقبله المشاركون من داخل وخارج الامارات بإعجاب وفرحة كبيرة والتصفيق الحاد والمتكرر من الحضور في القاعة الرئيسية للقمة والتي امتلأت بهم القاعة عن آخرها، وعكس مكانة مصر العربية والإقليمية والدولية، وجاءت كلمات المسئولين في الإمارات وباقي الدول المشاركة، معبرة عن الحضور المصري المبهر، وعلى رأسه الرئيس السيسي والنشاط المكثف له.
الرئيس كان صريحا وواضحا وصادقا في حواره في الجلسة العامة على صعيد شرح الأوضاع الصعبة التي مرت بها مصر منذ عام 2011 وحتى العام 2015، ونجاح مصر في العبور من هذه الأزمة، والقضاء على الإرهاب، ثم العمل والبناء من خلال تجربة تنموية مدهشة للعالم كله، وأيضا على صعيد تأكيده على طبيعة العلاقات القوية والأخوية مع الأشقاء في دول الخليج، رغم حملات التشويه والأكاذيب التي تستهدف هذه العلاقات.
حديث الرئيس كان له مردودا رائعا وجميلا على المستوى الرسمي أو الشعبي داخل وخارج قاعات القمة العالمية، وجاء التصفيق الحار والابتسامات على الوجوه، لتؤكد مكانة مصر وحضورها المبهر والمدهش، والذي أضاف الكثير للقمة التي تسعى إلى الارتقاء بجودة الحياة وتعزيز التقدم التكنولوجي.
مصر قدمت نفسها بوضوح وقوة وثقة وشفافية في هذه القمة، سواء في الجلسات الخاصة باستعراض تجربة مصر في التنمية وفي مواجهه الأزمات وفي التحدي بالمبادرات الحكومية والشعبية، أو في لقاءات الرئيس مع كبار المسئولين الدوليين والعرب، وبالمشاركة المصرية الرسمية التي تعتبر الأكبر على مدار السنوات الماضية، بما يؤكد عمق العلاقات الأخوية المتميزة والراسخة بين مصر والإمارات.
مكاسب مصر من هذه القمة كثيرة، فأمام هذه الحشد من قادة العالم وصناع الفكر والقرار الاقتصادي في العالم يتحدث الرئيس السيسي، ثم يلتقي بالشركات المليارية الناشئة في تطبيقات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية والإدارة المستدامة للموارد.
وشهد اللقاء حواراً مفتوحاً مع ممثلي الشركات الذين أبدوا اهتماماً بالعمل فى مصر أو التوسع فى مشروعاتهم القائمة، حيث أكد الرئيس حرص مصر على التواصل المستمر مع المستثمرين للتعرف على المشاكل والمعوقات التي تواجههم والعمل على حلها وتذليل كافة العقبات أمامهم، مشيراً إلى أهمية دور القطاع الخاص، خاصةً الشركات الناشئة ورواد الأعمال، وذلك كقاطرة للتنمية المستدامة من خلال الاستثمارات ونقل المعرفة لاسيما الحديثة والتكنولوجية، وتم استعراض جهود الدولة لجذب الاستثمارت وتشجيع ريادة الأعمال.
وجاء اللقاء مع الدكتور محمد الجاسر، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية إيجابيا ومثمرا وشهد مناقشة أطر التعاون القائم بين مصر والبنك في القطاعات ذات الأولوية لعملية التنمية الجاري تنفيذها في مصر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وخاصةً في ضوء الدور المهم الذي قام به البنك خلال السنوات الماضية كشريك في العملية التنموية في مصر.
وجاءت مشاركة الرئيس السيسي أيضا في جلسة "تمكين القطاع الخاص ودور الصندوق السيادي المصري"، غاية في الأهمية، فالجلسة حضرها ممثلو عدد من الشركات العائلية الكبرى، إلى جانب محافظ البنك المركزي، ووزراء الخارجية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي، والمالية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتجارة والصناعة، والمدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي.
وحرص الرئيس على إبراز الجهود الحالية للدولة على كافة الأصعدة لتحفيز القطاع الخاص، وتوفير فرص للشراكات الاستثمارية التي تحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، فضلاً عن الإجراءات التي تم اتخاذها لتعزيز الإطار المؤسسي الداعم للاستثمار، وعلى رأسها إقرار سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى تعزيز الحياد التنافسي، وإنشاء صندوق مصر السيادي كأحد الآليات لدفع الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وذلك تحقيقاً لأهداف استراتيجية الدولة التنموية التي تعتبر القطاع الخاص شريكاً أساسياً في مسيرة التنمية، وبما يتوافق مع خطة الإصلاح الهيكلية للاقتصاد والقطاعات ذات الأولوية في هذا الإطار، وفى مقدمتها قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات والصحة والتعليم والسياحة.
وفي لقائه مع كريستالينا جورجييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، أشادت جورجيفا بأداء الاقتصاد المصري، وما أظهره من قدرة على الصمود واستيعاب التداعيات السلبية الناجمة عن جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، أخذاً في الاعتبار الرؤية التنموية التي تسعى الدولة المصرية لانتهاجها تحت قيادة الرئيس من أجل مواصلة تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري، ومن ثم تطلع صندوق النقد الدولي إلى مواصلة علاقات التعاون المتميزة مع مصر ودعمه للإصلاحات الاقتصادية بها.
لقاءات كثيرة ونشاط مكثف في 48 ساعة عبرت عن تقدير العالم لمصر ومكانتها وتجربتها ودورها الرائد في المنطقة وقضاياها وسياستها الحكيمة.
حضور مبهر لمصر أحسنت دبي الملهمة في الاختيار لتكون " أم الدنيا" ضيف شرق القمة العالمية للحكومات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة