أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، أنه لا سبيل أمام الدول النامية والأسواق الناشئة لتنفيذ العمل المناخي إلا من خلال دمجه مع أهداف التنمية المستدامة الأخرى في إطار نهج شامل.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة نظمها مركز التنمية المستدامة التابع لمعهد بروكينجز الأمريكي تحت عنوان "مفاتيح العمل المناخي: كيف للدول النامية أن تحقق النجاح العالمي والرخاء المحلي؟".
وقال "محيي الدين"، إن تنفيذ أهداف المناخ يتطلب العمل بالتوازي مع مكافحة الفقر وتوفير فرص العمل وإتاحة مصادر المياه والطاقة للجميع، كما يتطلب تحقيق أهداف المناخ توسيع رؤية الدول المتقدمة فيما يتعلق بالاستثمار في العمل المناخي والتنموي لتشمل الاستثمار في مشروعات التنمية والمناخ في الدول النامية، مع التعامل الجاد مع بعض الملفات الهامة مثل الانتقال العادل وتأثيره على المجتمعات، وكذلك مسألة أولويات التمويل في الدول المختلفة.
وأوضح "محيي الدين"، أن الدعوة إلى تعزيز الجهد الدولي لمواجهة تغير المناخ لن تكون مجدية دون مشاركة الدول المتقدمة في تمويل وتنفيذ مشروعات المناخ المحلية والإقليمية في مختلف الدول، مشيرًا إلى أن مصر على سبيل المثال أطلقت مبادرات وخطط للعمل المناخي والتنموي وآليات تمويله وتنفيذه ثم عرضت هذه المبادرات والنماذج أمام العالم في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ كما أبدت استعدادها للتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية وحكومات الدول المختلفة لنقل هذه التجربة للدول النامية للاستفادة منها،
وأفاد "محيي الدين"، بأن علاج أزمة المناخ يحتاج للتمويل الكافي والعادل، وتوافر التكنولوجيا وتبادل المعرفة، والقيادة التي تدفع نحو التنفيذ الفعلي للعمل المناخي، موضحًا أن القيادة هنا ليست قاصرة على الحكومات، بل تشمل كذلك قطاع الأعمال والمحليات وغيرها من الأطراف الفاعلة.
وفي حديثه عن تمويل العمل التنموي ككل، والعمل المناخي على وجه الخصوص، قال "محيي الدين"، إن تمويل العمل التنموي والمناخي يتسم بأنه غير كافي وغير فعّال وغير عادل وغير متزن، غير كافي لأن العمل المناخي يحتاج أكثر من عشرة أضعاف ما تعهدت به الدول المتقدمة في مؤتمر المناخ بكوبنهاجن لتمويل العمل المناخي في الدول النامية سنويًا ولم يتم الوفاء به كاملًا حتى الآن، وغير فعّال بالنظر للمدى الزمني الطويل للتفاوض بين الدول ومؤسسات التمويل والذي يستغرق ثلاث سنوات أو أكثر، وغير عادل نظرًا لأن الدول النامية تضطر للاقتراض لتنفيذ مشروعات المناخ لعلاج أزمة لم تكن سببًا فيها من الأساس، وغير متزن بالنظر إلى الأهمية القصوى لعملية التكيف مع تغير المناخ في الدول النامية وخاصةً في أفريقيا مقابل ما يتم تخصيصه من تمويل لهذه العملية لا يتجاوز 15% من تمويل العمل المناخي في هذه الدول.
ونوه محيي الدين، في هذا الصدد، عن مقترحات خفض تكلفة الاقتراض لتمويل العمل التنموي والمناخي في الدول النامية، والتي تشمل تحديد سعر فائدة لا يتجاوز 1% مع منح فترات سداد وسماح طويلة الأجل،
وشدد "محيي الدين"، على أن تغير المناخ سيكون له تأثير سلبي على أرواح البشر وحياتهم اليومية، مشيرًا إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أكد مؤخرًا على الضرورة الحتمية للقيام بثلاثة أمور هي خفض الانبعاثات الكربونية إلى النصف، ومضاعفة الجهد فيما يتعلق بتمويل التكيف مع التغير المناخي، وتعزيز التعاون فيما يتعلق بالتعامل مع ملف الخسائر والأضرار الناتجة عن هذه الظاهرة.
وأكد "محيي الدين"، أهمية تعزيز الاستثمار في أبعاد العمل المناخي الثلاثة التي تمثل خطوط الدفاع في مواجهة تغير المناخ وهي التخفيف والتكيف والخسائر والأضرار، موضحًا أن إجراءات تخفيف الانبعاثات تشهد تدفقًا مقبولًا للأموال وهو ما تحتاجه أيضًا إجراءات التكيف مع التغير المناخي، خاصةً أن أجندة شرم الشيخ للتكيف حددت بالفعل مجالات عمل قابلة للاستثمار والتمويل في قطاعات الزراعة والغذاء، والمياه والطبيعة، والسواحل والمحيطات، والمستعمرات البشرية، والبنى التحتية، كما يمكن تحسين التعامل مع الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ من خلال الاستثمارات وتنفيذ المشروعات للحد منها.