بما أننا أصبحنا فى زمن السرعة فى كل شىء، فلا مقدمات ولا حيثيات، نبدأ مقالنا مباشرة، لماذا صار كثير من الناس أكثر حدة وعنفا، فلا أحد يتحمل أحد، وأصبحت الخلافات بلا سبب، وتهب المشاجرات لمجرد تفاهات، والكل يريد أن يتكلم ولا أحد يستمع، وأصبحنا نسمع عن جرائم لا يقبلها عقل ولا منطق؟
ولماذا بات الذوق العام فى حالة انهيار، حيث استسهال الشتائم والسباب حتى فى حالات الصحبة والزمالة، وأصبحنا نرى شبابا لغتهم فيما بينهم لا تخلو من ألفاظ غير لائقة، رغم أنهم يمزحون أو يتسامرون، فلا حرج ولا تحفظ، ما يثير تساؤلا، هل مات الحياء وانتحر الخجل!!.. خاصة أنه أصبح هناك ألفة لسماعها، ولسان حال الجميع يقول: وأنا مالى، كل واحد حر !!
لذا، علينا الانتباه أن للمجتمع دور مهم فى الضبط والربط والحفاظ على الذوق العام، لتتحرك فيما بيننا وبداخلنا صفات المروءة والشهامة والجدعنة والرقى والأخلاق، لأنه ببساطة عندما يتم تخلى المجتمع عن قيمه ستحل مؤكدا ظواهر مقيتة، مثل تفشى الاستحلال، فلا حق يعود ولا ينتصر، ولا صغير يوقر كبير، ولا كبير يحترم صغير، ولا وارث يراعي الله فى توزيع ميراث ، وتنقطع الأرحام، وتكثر الخلافات، وتعم اللا مبالاه.
بل الخطر يا سادة، أن إحساس الناس بعضها ببعض يصاب بالعطب، فلا أحد يتألم لوجع قريب، أو يقدر كرب أصاب صديق، ولا يتعامل تاجر بسماحة، ولا الجار ينتفض لإنقاذ جاره، وتسود الأنانية وروح العَداوّة بين الجميع؛ فنجد مثلا، التلميذ عَدو مُعلمه لاجباره على درس خصوصى أو الضغط عليه لتقويمه، والمريض كاره لطبيبه الذي يُبدع في استنزافه، والمُشترى عدو البائع لاستغلاله واحتكار السلع ورفعها كل ساعة.
وبعد كل هذا نستطيع أن نفهم، لماذا تكسو حالة من الكآبة الوجوه، ويكثر التجهم والقلق فى حياتنا، ولا يكون هناك مكان لضحكة صافية، أو بسمة نقية، أو نكتة أثناء موقف ولقاء!!
فالقضية ليست ضيق حال كما يقول البعض، لكنها أخلاق وروح وتعاملات، فالتحدى خطير، والحرب شرسة فى ظل عالم مليئ بالصراعات، وفى ظل حضارة تعلو من المادة على حساب القيمة، وتستهدف العقل حتى ولو قتلت القلب.
وأخيرا.. نقول، إن منهج ( وأنا مالى ) بداية الانزلاق نحو الخطر، لذا علينا بالعودة إلى التضامن فى الأزمات، والتكاتف فى المواقف، والشعور ببعض فى الأحزان، والتسامح فى خلافتنا، والضمير يكون أسلوب حياة فى كل مسارات حياتنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة