جمال عبد الناصر

محسن بيه ممتاز.. وبنفسه

الثلاثاء، 28 فبراير 2023 11:40 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم أتخيل أن تكون شخصية "محسن بيه ممتاز" التى جسدها الفنان الكبير الراحل يوسف شعبان في مسلسل "رأفت الهجان " بتلك الشهرة العربية والتأثير، فقد حالفنى الحظ فى اصطحاب الراحل يوسف شعبان فى رحلة إلى المغرب لتكريمه فى مهرجان "الدار البيضاء للفيلم"، وتقربت من ذلك النجم المثقف الوطنى العاشق لتراب مصر، والذى لم يكف عن الحديث عن مصر، وعن حبه لها وعن مكانتها فى العالم العربى.

وما رأيته في المغرب مع الفنان يوسف شعبان ومدي الحب والاستقبال والحفاوة التي قوبل بها يجعلني أثق بأن للفنان دور كبير ومؤثر في حياة الشعوب، والقوى الناعمة لها آثارها الإيجابية بوصفها أداة مؤثرة للدول التي تملكها وتحسن استغلالها بشكل فعال.

نعود لقصة يوسف شعبان والمفاجأة التي لم أكن اتوقعها في درجة التعايش من قبل الجمهور المغربي مع شخصية " محسن بيه ممتاز "، واعتقادهم بأن يوسف شعبان ضابط مخابرات حقيقي، وكان الجميع يناديه باسم الشخصية " محسن بيه ممتاز "، ويلتقطون معه الصور ويكتبون علي السوشيال ميديا وقتها: "اتصورت مع محسن بيه ممتاز" ناقصني رأفت الهجان ، وآخرين يكتبون : " يا رأفت مصر أمانة بين إيديك ".

وكلما يأتي ذكر الفنان يوسف شعبان أمامي أو أشاهده في عمل يذاع علي التليفزيون أو تأتي ذكري ميلاده أو رحيله أتذكر حكايته التي سأرويها الآن وهي حكاية كنت شاهدا عليها ومرافقا له فيها وحدثت أمامي ، وتفاصيلها كالآتي : الفنان يوسف شعبان عقب تكريمه فى مهرجان الفيلم بالدار البيضاء عاد إلى غرفته فى الفندق ثم استدعانى قائلا : جمال المحفظة بتاعتى اتسرقت، فقلت له: "ازاى يا أستاذ معقولة .. طب انت دورت عليها كويس"، فقال لى: مش موجودة فى الشنطة ولا فى جيب البدلة اللى لبستها فى التكريم .

طلب منى أن نحرر محضر فى قسم الشرطة فاتصلت برئيس المهرجان المخرج محمد المشترى فحضر وتوجهنا إلى قسم الشرطة بصحبة النجم يوسف شعبان لتحرير محضر لأهمية الأوراق والكارنيهات والفيز التي كانت بالمحفظة وكل محتوياتها، وبمجرد دخولنا لقسم الشرطة انتفض الشرطى وقال  : محسن بيه ممتاز بنفسه عندنا في الدار البيضاء .  

استدعى الشرطى الذى فى الاستقبال مأمور القسم واستقبلنا أنا والنجم الراحل يوسف شعبان ورئيس المهرجان محمد المشترى وحكي له يوسف شعبان عما حدث، وأنه يريد تحرير محضر لإثبات ضياع أوراقه وحرر لنا الشرطي المغربي المحضر، ووعد الفنان يوسف شعبان بالبحث عن " محفظته ".

من عاداتى فى كل بلد أسافر إليها أن اشترى الجرائد الشهيرة بها لأتعرف على حال البلاد ومشاكلها وهمومها، وفوجئت بأن كل العناوين على الصفحات الأولى فى الجرائد في اليوم التالي لتحرير المحضر هكذا : (سرقة بزطام يوسف شعبان) ، أو ( البحث عن بزطام يوسف شعبان " وعناوين كثيرة يتكرر فيها كلمة بزطام التى سألت عن معناها أصدقائنا المغاربة فقالوا لى : بزطام تعنى المحفظة .

لم تنته الحكاية على هذه العناوين فى الصحف ولكن فى مساء اليوم كان هناك " عزومة " للمحافظ على شرف الفنان الكبير الراحل يوسف شعبان، وتحدث وقتها عن حبه للمغرب وعشقه لها وعن الأوضاع آنذاك فى مصر ما بعد الثورة وسأله المحافظ عن "البزطام" فقال له يوسف شعبان : يا ريت ياسيادة المحافظ نلاقيها لأنها بها أوراق مهمة فوعده المحافظ بعودتها، وقال له : أتمنى تكون مرتاح فى إقامتك لدينا بالمغرب، فقال له : أنا اعشق المغرب بس الفندق اللى نازلين فيه غرفتى تطل على منظر خلفى لشارع جانبى، وكنت أتمنى أن يكون المنظر أمامى مطل على البحر "، وهنا فورا اتصل المحافظ بإدارة الفندق، وطلب منهم تغيير الغرفة وبالفعل حينما عاد يوسف شعبان لملم أشيائه من غرفته لينقل إلى غرفة أخرى، وهنا كانت المفاجأة فقد عثر يوسف شعبان على بزطامه " محفظته " فى أسفل " الدولاب " بالصدفة، وهو يلملم ملابسه وأغراضه فاتصل بى وقال لى: أنا لقيت المحفظة فى الغرفة، وفى ختام المهرجان أثناء توزيع الجوائز شكر يوسف شعبان الشرطة المغربية وقال أنه وجد البزطام لتكون عناوين الصحف في اليوم التالي : يوسف شعبان يجد البزطام ويشكر الشرطة .

يوسف شعبان كان يمتلك حكايات كثيرة وقصص كثيرة لا تنتهى، منها رحلته للمغرب من قبل ومقابلته لجلالة الملك " الحسن الثانى " حينما كان نقيبا للفنانين فى مصر، وكيف استقبله وتسامرا لمدة تجاوزت الساعتين فى قصر الملك، كما حكى لى عن فترة توليه النقابة وخدمته لزملائه، ومر الحديث عن بعض أعماله التي كان يعتز بها في  مسيرته ومنها بكل تأكيد فى الدراما التليفزيونية مسلسل " المال والبنون "، و"الشهد والدموع " و"الضوء الشارد" وشخصية محسن بك ممتاز فى مسلسل "رافت الهجان "، وفى السينما سألته على دوره فى فيلم "حمام الملاطيلى " وجرأته فى تقديمه وقال لى: قدمه الكثير من نجوم العالم وكنت أرغب فى تقديمه كنوع من التحدى .

رحم الله الفنان يوسف شعبان الذي تمر اليوم ذكري رحيله فقد رحل يوم 28 فبراير عام 2021 عن عمر اقترب من الـ (89 سنة).










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة