استقبل الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- وفدًا رفيع المستوى من بعثة الاتحاد الأوروبي، برئاسة إيلكا سالمي منسِّق المجلس الأوروبي لمكافحة الإرهاب.
وأكَّد المفتي خلال اللقاء أنَّ العمل الجماعيَّ والتعاون الدوليَّ يعدُّ السبيل الأمثل لمواجهة الفكر المتطرف، مشيرًا إلى أنَّ دار الإفتاء المصرية قد أدركت خطر الجماعات الإرهابية مبكرًا، ولديها تجربة فريدة في مواجهة الفكر المتطرف على مدار سنوات.
وأضاف المفتي أن دار الإفتاء أنشأت مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، الذي يرصد ويُحلِّل ويُصدر الردود والتقارير لكلِّ ما يصدر عن المتطرفين على مدار الساعة، عام 2014، مشيرًا إلى أنه تم تطوير المرصد ليصبح مركز سلام لدراسات التطرف، وهو مركز عالمي علمي وطني متخصص في دراسات التطرف ومواجهة الإرهاب، منبثق عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وجاء تأسيسه كثمرة لجهود متوالية وخبرات طويلة وعمل دءوب لدار الإفتاء في مجال مكافحة التطرف والإرهاب على المستوى المحلي والعالمي.
وأشار إلى أنَّ المركز عقد أول مؤتمراته الدولية العام الماضي تحت عنوان: "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية.. واستراتيجيات المواجهة"، وذلك بمشاركة وفود من أكثر من 42 دولة يمثِّلون كبار القيادات الدينية والوزراء والمراكز البحثية المتخصصة في مواجهة التطرف، والشخصيات العامة وممثِّلي دُور الإفتاء على مستوى العالم، وخرج بنتائج ومبادرات ومشروعات مهمة عملنا على تنفيذها بالفعل.
وأضاف مفتي الجهورية أن الدار خلال مواجهتها للفكر المتطرف أدركت أهمية تدريب وتأهيل أئمة المساجد في الخارج على مواجهة التطرف والاندماج الإيجابي والفعال في مجتمعاتهم من أجل تحقيق السلام والاستقرار المجتمعي، فعقد لذلك مؤتمرًا دوليًّا، تلاه عَقْدُ العديد من البرامج التدريبية من بينها تخريج دفعتين لأئمة بريطانيا وتدريب أئمة من روسيا الاتحادية ودول إفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وأوضح أن الدار أصدرت كذلك موسوعة مكونة من ألف فتوى وردت إليها من الدول الغربية، وتُرجمت إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وجارٍ ترجمتها إلى الإسبانية، فضلًا عن إصدار الدار مجلة Insight الإلكترونية باللغة الإنجليزية للرد على مجلة "دابق" ورومية" اللتين يصدرهما تنظيم داعش الإرهابي.
وحول استخدام الفضاء الإلكتروني والتحوُّل الرقْمي أكَّد أنَّ الدار عملت كذلك على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في حربها ضدَّ الجماعات الإرهابية، حيث أنشأت الدار عددًا من الصفحات المتخصصة في مواجهة التطرف على مواقع التواصل الاجتماعي بلغات عدَّة من بينها صفحة "الإرهاب تحت المجهر".
وأشار إلى أن الدار أطلقت كذلك تطبيق "فتوى برو" وهو تطبيق موجَّه في الأساس للمسلمين في الغرب باللغتين الإنجليزية والفرنسية كمرحلة أولى ليكون بمثابةِ المفتي المعتدلِ والمعين لهم على الحصول على الفتوى الرشيدة المرتبطة بالأصل والمتصلة بالعصر.
وأضاف أنه قام بعدد من الجولات حول العالم لتوضيح صحيح الدين ومواجهة الأفكار المغلوطة حول الإسلام والمسلمين، حيث زار فضيلته بروكسل والْتقى رئيس البرلمان الأوروبي وألقى كلمة أمام البرلمان هناك، بالإضافة إلى زيارة فرنسا وهولندا، ومؤخرًا زيارته إلى بريطانيا حيث ألقى كلمة تاريخية أمام أعضاء مجلسَي العموم واللوردات البريطاني، وقدم تقريرًا أعدته دار الإفتاء باللغة الإنجليزية حول جذور العنف لدى جماعة الإخوان.
من جانبه أشاد منسق المجلس الأوروبي لمكافحة الإرهاب بمجهودات دار الإفتاء المصرية و المفتي في مجال مكافحة التطرف، وما يقوم به من جولات خارجية والتشبيك والتعاون مع المؤسسات الدولية لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد الجميع.
وأشار إلى أن زيارتهم تأتي في الأساس لمد جسور التواصل والتعاون مع المؤسسات الدينية المعتدلة، وعلى رأسها دار الإفتاء المصرية؛ من أجل بحث سُبل وآليات التعاون في هذا المجال، نظرًا لما لدار الإفتاء من خبرة كبيرة وجهود مميزة في هذا المجال.
كما عبَّر عن اتفاقه مع المفتي على أهمية الفتوى في حفظ الأمن والاستقرار المجتمعي، وأهمية تعزيز الوعي الديني الصحيح لدى المسلمين في أوروبا، وإيصال الأصوات الدينية المعتدلة من أجل محاربة الأفكار الهدامة والمتطرفة.
وأبدى منسق المجلس الأوروبي لمكافحة الإرهاب تطلعه إلى التعاون مع دار الإفتاء المصرية في مجال مواجهة التطرف والإرهاب والاستفادة من تجربتها ومجهوداتها في هذا المجال، كونها إحدى المؤسسات الدينية الوسطية المعتبرة في العالم.