المجر من الدول الأوربية المهمة لنا اقتصاديا وسياسيا أيضا، والسنوات القليلة الماضية شاهدة على توثيق للعلاقات التاريخية بين القاهرة وبوادابست من خلال زيارات متبادلة بين قيادات ومسئولى البلدين، فلا ينسى مسئولو المجر أن مصر هى أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع بلدهم، حيث بدأ تبادل العلاقات الدبلوماسية عام 1928، وتم افتتاح سفارة مصر في بودابست عام 1957، وعقب انضمام المجر للاتحاد الأوروبى عام 2004 وقع البلدان اتفاق التعاون الاقتصادى الجديد فى 2007، الذى بموجبه تم عقد ثلاث دورات للجنة المشتركة المصرية المجرية للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى الأولى فى نوفمبر 2008 فى القاهرة، والثانية فى يونيو 2015 فى بودابست، والثالثة بالقاهرة فى عام 2018، وشهدت العاصمة المجرية الأسبوع الماضى الدورة الرابعة للجنة المشتركة.
لغة الأرقام تقول إن التبادل التجارى بين البلدين يتجاوز 400 مليون دولار، وهو رقم ضئيل إذا ما قارناه بالتفاهم السياسى الكبير بين البلدين، كما أن عدد السائحين وصل إلى مستوى 40 ألف سائح، وهو رقم أيضا ضئيل، وهو ما يؤكد الأهمية الذى يجب أن نوليها لتوسيع مستوى الشراكة بين البلدين لمضاعفات الأرقام السابقة التى لا تتناسب مطلقا مع بلدين بحجم وقيمة وامكانيات مصر والمجر، وإذا كنت أتحدث عن المجر فلأنها مثال أمامنا اليوم حضر من خلال الدورة الرابعة للجنة المشتركة بين البلدين التى عقدت الأسبوع الماضى، والتى استعدت للذاكرة أهمية الحديث عن تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول المهمة.
اللجنة المشتركة فى بوادابست ترأسها من مصر الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، ومن المجر بيتر سيارتو وزير الخارجية والتجارة، وشهدت على هامشها أيضا فعاليات منتدى الأعمال المصرى المجرى، بمشاركة نحو 80 شركة مجرية و60 شركة مصرية من مختلف القطاعات إلى جانب مسئولى الجهات الوطنية والهيئات الاقتصادية، بحضور وفد اقتصادى مصرى رفيع المستوى ضم حسام هيبة، رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ووليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالاضافة إلى السفير محمد إبراهيم الشناوى، سفير مصر لدى المجر، ورؤساء وممثلى الغرف التجارية بالمحافظات، وممثلى العديد من الشركات فى قطاعات البترول والنقل والتجارة والزراعة والصناعة، والاستيراد والتصدير، والتعدين، وهو وفد يدلل على الجدية التى تصبغ التحركات المصرية خارجيا فى تناولها للعلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، من خلال تصورات واضحة تحدد الامكانيات المتاحة للتعاون والبناء عليها.
الدكتورة رانيا المشاط، قالت إن المنتدى يعزز ويقوى الروابط الاقتصادية بين البلدين ويتيح الفرصة للجانبين لعرض الفرص الاستثمارية والمزايا النسبية فى مختلف القطاعات الاقتصادية، كما يعزز تكاتف الجهود على كافة المستويات الرسمية وغير الرسمية، ودوائر رجال الأعمال للتصدى لمواجهة التحديات العالمية، من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد الاقتصادية المتاحة وتبادل التكنولوجيا والخبرات.
ما قالته وزيرة التعاون الدولى يمثل أحد المسارات الصحيحة المهمة التى تسير عليها الدولة المصرية فى الوقت الراهن من جلاب تنويع مصادر الاستثمار، والعمل على استغلال فرص التعاون المشترك مع كافة الدول الصديقة واستكشاف المشروعات والفرص التى من شأنها تعزيز العلاقات الاقتصادية، والاستثمار والتجارة، وبالتأكيد فأن الدول الأخرى ومستثمريها سيكونوا مستفيدين هم أيضا من هذا التوجه، بسبب ما تتمتع به مصر من مزايا استثمارية نسبية مرتبطة بموقعها الجغرافى المتميز، وانضمامها لعدد من التكتلات الاقتصادية واتفاقيات التجارة الحرة بما يجعلها بوابة للعبور للأسواق الأفريقية، بالإضافة إلى النظرة الجديدة التى تحكم أداء وتعامل الحكومة المصرية مع القطاع الخاص باعتباره شريك رئيسى ومحرك أساسى للنمو الاقتصادى فى مصر.
مرة ثانية أؤكد أن المجر مثال حاضر أمامنا ارتباطا بتوقيت عقد اللجنة المشتركة، لكنه مثال يجب أن يكون متعدد التطبيق مع دول كثيرة، تحتاج إلى صياغة جديدة لآليات التعامل معها ووضع التصورات الاقتصادية فى المقدمة، مثلما فعلنا مع المجر، فقد كان ترأس وزيرة التعاون الدولى ومعها هذا الوفد الاقتصادى المهم رسالة ذات دلالة، نحتاج لتكرارها مع دول كثيرة، بأننا نقيم علاقاتنا الحالية وشكلها المستقبلى وفقا لتصورات واضحة تتخطى الجانب السياسى وتنطلق من الاقتصاد كمنصة فاعلة وذات تأثير ايجابى واضح على تدعيم وتقوية العلاقات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة