أعلن البنتاجون، الخميس، أنه يتعقب منطاد تجسس صينيى يحلق عبر الولايات المتحدة، وتحديدا فوق ولاية مونتانا، فيما لم تعترف الصين بأن هذا المنطاد يخصها.
وقبيل الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى الصين، قال مسئولون أمريكيون أن منطاد تجسس صينى مشتبه به كان يحلق فوق الولايات المتحدة على مدار يوميا.
وذكر المسئولون أن الطائرات المقاتلة كانت مستعدة لإسقاطه، لكن قادة الجيش نصحوا الرئيس بايدن بعدم إسقاطه من السماء خوفا من أن يتسبب الحطام فى تهديد للسلامة، وهى النصيحة التى قبلها بايدن.
وقال البنتاجون فى بيان أن المنطاد يتحرك حاليا على ارتفاع أعلى بكثير من الحركة الجوية التجارية، ولا يمثل تهديدا عسكريا أو ماديا للأشخاص على الأرض.
وقالت نيويورك تايمز أن قرار الولايات المتحدة إعلان الاكتشاف يهدف على ما يبدو إلى إبلاغ الصين قبل زيارة بلينكن، وهى الأولى لوزير خارجية أمريكى منذ ست سنوات، والتى سيلتقى خلالها مع الرئيس الصينى شى جينبينج. وتوقعت أن يزيد الظهور المفاجئ للمنطاد التوترات المتصاعدة بين القوتين.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسئول أمريكى قوله أنه فى حين أن هذه ليست المرة الأولى التى ترسل فيها الصين مناطيد تجسس إلى الولايات المتحدة، فيبدو أن هذا المنطاد سيظل لفترة أطول. غير أن أحد كبار مسئولى الإدارة الأمريكية، والذى رفض الكشف عن هويته، قال أنه لا يمثل تهديد مادى أو عسكرى، وأضاف أن قيمته محدودة فى جمع المعلومات الاستخباراتية.
ولم يتضح ما الذى كانت الصين تبحث عنه فوق مونتانا، بحسب ما قالت نيويورك تايمز، إلا أن الولاية مقر للجناح الصواريخ رقم 341 فى قاعدة مالمسترون الجوية، وهى واحدة من ثلاث قواعد جوية أمريكية تقوم بتشغيل وصيانة الصواريخ الباليسيتة العابرة للقارات.
وقال الجنرال باتريك رايدر، المتحدث الصحفى للبنتاجون، أنه بمجرد اكتشاف المنطاد، تحركت الحكومة الأمريكية على الفور للحماية من جمع المعلومات الحساسة.
وأرسل البنتاجون مقاتلات من طراز إف 22 لتتبع المنطاد يوم الأربعاء، مما أدى إلى توقف الرحلات مؤقتا فى مطار بيلينجز. وقال مسئولون أن وزير الدفاع لويد أوستن دعا إلى اجتماع لكبار المسئولين العسكريين والدفاعيين لمناقشة كيفية التعامل مع الوضع.
وفى وقت لاحق، أعلنت وزارة الدفاع الوطنى الكندية أنها تراقب حادث ثان محتمل. وأوضحت الوزارة: "الكنديون فى أمان وتتخذ كندا التدابير لضمان أمن مجالها الجوى بما يشمل تتبع حادث ثان محتمل". وأضاف البيان: "وكالات الاستخبارات الكندية تعمل مع شركائها الأميركيين وتواصل اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية كندا من تهديدات تجسس أجنبي.
من جانبها، قالت الصين أنه تعمل للتحقق من الحقائق بشأن المزاعم الأمريكية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية أنه يجرى التحقق، مضيفة أنه حتى تصبح الحقائق واضحة، فإن التخمين والتضخيم فى القضية لن يساعد فى حلها بشكل صحيح.
وقالت المتحدثة أن الصين دول مسئولة وتلتزم دائما بدقة بالقانون الدولى، وليس لديها نية لانتهاك أراض أو مجال جوى لأى دولة ذات سيادة، وأعربت عن أملها أن يتعامل الجانبان مع الوضع بهدوء وحذر متبادلين.
ما هو منطاد التجسس؟
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية أن مناطيد التجسس استخدمت على مدار قرون، ويقول خبراء أن استخدامها ربما يزداد فى المستقبل.
منطاد التجسس، كما تقول الجارديان، هو قطعة من جهاز تجسس، مثل كاميرا، تكون معلقة تحت منطاد يحلق فوق منطقة معينة، تحمله تيارات الرياح. وربما تشمل المعدات المرفقة بالمنطاد جهاز رادار ويعمل بالطاقة الشمسية.
وعادة ما تعلق المناطيد على ارتفاع ما بين 24 ألف إلى 37 ألف متر، وهو ارتفاع أعلى من حركة المرور الجوى، فالطائرات لا تحلق أبدا أعلى من 12 ألف متر.
متى تم استخدام المناطيد لأول مرة؟
استخدمت المناطيد لأول مرة فى ستينيات القرن التاسع عشر، خلال الحرب الأهلية الأمريكية عندما قام أنصار الاتحاد باستخدام المناطيد لمحاولة جمع معلومات عن النشاط الكونفيدرالى. وأرسلوا إشارات عبر شفرة مورس أو على ورقة مربطة بحجر، بحسب ما يقول بلاكسلاند.
وأحيت الولايات المتحدة الفكرة فى السنوات الأخيرة، إلا أنها كانت تنوى لاستخدام المناطيد على الأراضى الأمريكية فقط.
لماذا تستخدم مناطيد التجسس بدلا من الأقمار الصناعية؟
يقول جون بلاكسلاند، استاد الأمن الدولى ودراسات الاستخبارات فى الجامعة الوطنية الاسترالية، ومؤلف كتاب "كشف الأسرار"، أن خلال العقود القليلة الماضية، كانت الأقمار الصناعية ضرورية، وكانت هى الإجابة. لكن الآن، وبعد اختراع الليزر والأسلحة الحركية لاستهداف الأقمار الصناعية، هناك عودة للاهتمام بالمناطيد. لكنها لا تقدم نفس المستوى من المراقبة المستمرة مثل القمر الصناعى. غير أن استردادها أسهل، كما أن إطلاقها أرخص بكثير. فإرسال قمر صناعى إلى الفضاء يحتاج قاذفة فضائية، وهو قطعة من المعدات تتكلف عادة عدة ملايين من الدولارات.
كما أن المناطيد يمكن أن تقوم بمسح مساحة أكبر من الأرض على ارتفاع منخفض، وقضاء وقت أكبر فوق منطقة معينة نظرا لأنها تتحرك ببطء أكبر من الأقمار الصناعية، وفقا لتقرير صادر عام 2009 من قبل كلية القيادة الجوية والأركان التابعة للقوات الجوية الأمريكية.