صورة قاربت على المائة عام بمتحف المخطوطات بجناح الأزهر في معرض الكتاب من عام 1925، للجنة إصلاح الأزهر يتواجد بها: الشيخ أحمد الأحمدي الظواهري، والشيخ أحمد هارون، والشيخ عبداللطيف الفحام، والشيخ محمد عز العرب، والشيخ عبدالعزيز جاويش، والشيخ عبداللطيف المغربي، وغيرهم.
هذه الصورة تؤكد أن تطوير الأزهر ومناهجه وإدخال سبل مواكبة العصر، لم يكن أمرا مستحدثا في الأزهر الشريف؛ بل هو رؤية فكرية أزهرية مستمرة منذ قدم الزمان، لم تتوقف يوما؛ وهو ما نتج عنه بقاء الأزهر لأكثر من ألف عام وأصبح أكبر وأهم مؤسسة عالمية سنية في العالم.
بدأت الخطوات العملية الأولى لإصلاح الأزهر في نهاية القرن التاسع عشر، بإنشاء مجلس لإدارته، كان هذا المجلس تحت رئاسة الشيخ حسونة النواوي وكيل مشيخة الجامع الأزهر، مع الشيخ الإمام محمد عبده، فكان أول أعمال المجلس وضع خطة لتطوير نظم التعليم والإدارة بالأزهر؛ ما أحدث نهضة علمية عظيمة، كان أول معالمها إصدار قانون عام (1314 هـ 1896 م)، والذي يعد أهم القوانين الأزهرية الأولى الخاصة بتطوير النظم التعليمية والإدارية بالأزهر، وخطوة مهمة نحو الإصلاح بما تضمنه هذا القانون من إدخال العلوم الحديثة في التعليم الأزهري بصفة رسمية، مثل الحساب والجبر والهندسة، والتاريخ، والجغرافيا، وكذلك وضع شروط لانتساب الطلبة إلى الأزهر.
وتوالت أعمال تطوير الأزهر والنهوض به بإصدار قانون عام 1326 هـ / 1908 م، في عهد مشيخة الشيخ النواوي الثانية، وأهم ما نص عليه تقسيم التعليم في الأزهر وملحقاته إلى ثلاث مراحل تعليمية هي: القسم الأولي، والقسم الثانوي، والقسم العالي، وتحديد مدة الدراسة في كل قسم بأربع سنوات، ويمنح الطالب في نهاية القسم الأولي شهادة تسمى الشهادة الأولية وفي نهاية القسم الثانوي شهادة تسمى الشهادة الثانوية، وفي نهاية القسم العالي شهادة تسمى الشهادة العالمية.
وتبلورت مسيرة الإصلاح التعليمي في الأزهر بإصدار القانون رقم (10 ) لسنة 1911 م في عهد الشيخ سليم البشري وأهم ما تناوله هذا القانون أنه حدد اختصاصات شيخ الجامع الأزهر، ومجلس الأزهر الأعلى، وأسس هيئة كبار العلماء، وزيدت مدة الدراسة إلى خمس عشرة سنة، وقسمت إلى ثلاث مراحل تعليمية (أولي، وثانوي، وعالي)، وحددت كل مرحلة بخمس سنوات، وقد سارت النظم التعليمية والإدارية في الأزهر والمعاهد التابعة له بمقتضى هذا القانون فترة زمنية كبيرة حوالي عشرين عاما، وقد أدخلت عليه تعديلات عديدة كان أبرزها عام 1342 هـ / 1923 م.
وقد توجت جهود الشيخ المراغي والشيخ الظواهري في الإصلاح في الأزهر بتأسيس الجامعة الأزهرية بمقتضى القانون رقم ٤٩ لعام (۱۹۳۰م) المشهور بقانون إنشاء الجامعة الأزهرية، لتتحول الدراسة العالية بالجامع الأزهر إلى ثلاث كليات قائمة حتى الآن وهي: اللغة العربية وأصول الدين والشريعة، وقد ابتدأت البعثات تتوارد وتتابع من الصين وبولونيا وألبانيا، والهند، وغيرها، وأخذت الجامعات الكبرى تتصل بالأزهر الشريف، وكان منها غرناطة، وهكذا أصبح الأزهر جامعةً علميَّة عصرية كبرى، تمم هذه الصبغة الشيخ المراغي، بإصداره قانون رقم (٢٦) لعام ١٩٣٦م، وتم تطوير نظم الدراسات العليا والتوسع في التخصصات بالكليات.
كما تم التوسع في إنشاء المعاهد الدينيَّة في مختلف الأقاليم المصرية، وتطور نظم تعليم البعوث الإسلامية التي وفدت على الأزهر، وإنشاء مدينة البعوث الإسلامية كنظام عصري بديل عن الأروقة، وغير ذلك مما يتعلق بالمعالم العصرية لنظم التعليم الحديثة وتطورها من مرحلة لأخرى، حتى وصلت إلى الصورة التي أصبحت عليها في وقتنا الحاضر من تأسيس ٨٤ كلية للبنين والفتيات في مختلف محافظات الجمهورية بمختلف التخصصات الشرعية، والعربية والإنسانيَّة، والعمليَّة، واللغات الأجنبية، وغيرها.
ومنذ أن تولى أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مشيخة الأزهر وقد أخذ على عاتقه تطوير الأزهر بكل قطاعاته، وذلك من خلال استراتيجية الأزهر التي أطلقها تحت اسم "الإصلاحِ والتَّجدِيد" في عام ٢٠١٦، مؤكدًا أن استراتيجية الأزهر ترتكز على تصحيح صورة الإسلام فى العالم والتعريف بتعاليمه السمحة وخصص بالاستراتيجية جزءا لتطوير المناهج أكد فيه: استمرار تطوير وتنقيح المناهج الأزهرية لتُواكب تطورات العصر وتعكس القيم الحقيقية السمحة للإسلام.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام السابع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 54 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.