قدم الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، التهنئة لجميع منسوبي الجامعة بالقاهرة والأقاليم؛ بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، وذلك خلال كلمته الافتتاحية لفعاليات المؤتمر الدولي العلمي الرابع لكلية أصول الدين، والذي يُقام اليوم تحت عنوان: «وسائل التواصل الحديثة بين المكتسبات الحضارية والثوابت الاجتماعية من منظور إسلامي» بمركز مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر.
وتوجه بالتهنئة لإدارة كلية أصول الدين ومنسوبيها بنجاح انعقاد المؤتمر الدولي الرابع لهذه الكلية الأصيلة الشامخة العزيزة من كليات جامعة الأزهر الشريف، التي تُنْبِتُ العلم وتُخَرِّجُ العلماء، مشيدًا بحسن التنظيم وحسن اختيار موضوع المؤتمر.
واشار إلى أن البحوث المقدمة في المؤتمر بما تنتهي إليه من نتائج وتوصيات، هي مشاركة فعالة للأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في القضايا المعاصرة وتجديد الخطاب الديني وأداء واجب الوقت، لافتا إلى أن انعقاد المؤتمر يعكس جليًّا قيام الأزهر الشريف بدوره في خدمة الدين والوطن؛ لأن الأزهر جامعًا وجامعة يعيش قضايا الأمة، ويقول كلمة الفصل فيما لها وما عليها بصدق وأمانة وتجرد، هكذا كان الأزهر الشريف -ولا زال، وسيظل بإذن الله تعالى- حاملًا أمانة العلم، ناشرًا للفكر الوسطي المعتدل.
وأوضح أن العالم في الأعوام القليلة الماضية شهد طفرةً هائلةً في تطوير وسائل التواصل الاجتماعي، وكان الأصل في هذه الوسائل أن تعين على التواصل بين أفراد الأسرة وأفراد المجتمع، ولكن آل أمرها إلى أن تكون وسائل للتقاطع الاجتماعي، فأصابت الأفراد بالعزلة والانطوائية، وأصابت الأسرة ببعد أفرادها عن بعض، وأصابت المجتمع بآفات خطيرة، وكان تعامل السواد الأعظم من المجتمع معها شبيهًا بالإدمان، حتى قامت بعض المنظمات المعنية بالتحذير من خطر الإدمان الإلكتروني؛ لأنه لا يقل خطرًا عن إدمان المخدرات، فضلًا عن تدمير الجيل الناشئ بالألعاب الإلكترونية وأخواتها، وضياع الأعمار فيما لا يفيد.
مضيفًا أن تدميرَ هذه الوسائل للوقت وتضييعها للأعمار لم يقتصر على النشء الصغير فقط، بل ضيعت كثيرًا من أوقات الكبار وفرضت بينهم وبين قراءة الكتب التي هي مستودع العلوم حجابًا مستورًا، وباتت الكتب المطبوعة تشكو بُعْدَ القراء وجفاءهم، منبهًا إلى عدد من الموبقات التي أهلكت الناس في وسائل التواصل الاجتماعي والتي يأتي أغلبها مما تغص به من نشر للشائعات وإشاعة الفواحش والإباحية في المجتمع، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾(النور: 19).
مشيرًا إلى أن تيسير الدخول على هذه المواقع التي تنشر الفاحشة، إنما هو فتنة وابتلاء؛ ليعلم الله من يخافه بالغيب، وإن أكبر ما تجره وسائل التواصل الاجتماعي من أضرار هو نشر الأخلاق الذميمة؛ مؤكدا أن صلاح الإنسان مرهون بحُسْنِ خُلُقِه، وصلاحُ الأمم مرهون بصلاح الإنسان؛ فإذا صَلَحَ الإنسانُ أَصْلَحَ كُلَّ شيء، وإذا فسد الإنسانُ أفسد كل شيء، فكل عمل يهذب سلوك الإنسان ويُقَوِّمُ نَفْسَه ويصلح رُوْحَه وجسمه يصب في النهاية في خدمة المجتمع الذي يعيش فيه وفي خدمة الأمة وخدمة الإنسانية.
مختتمًا كلمته بالتأكيد على أن وسط هذه الأضرار والاستغلال السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي تظهر بعض الأقمار المضيئة من الإيجابيات التي تنتشر في هذه الوسائل لتخدم الدين والعلم وتصحح الأفكار المغلوطة؛ ويأتي هذا المؤتمر إيمانًا بدور وسائل التواصل الحديثة؛ والتي تعمل على إظهار الجوانب المشرقة المتفقة مع تعاليم الإسلام، والملائمة لقيمه وأخلاقه، وإبراز تأثيراتها الإيجابية والسلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، وطرح الحلول المناسبة لمشكلاتها، والإفادة منها في خدمة التراث الإسلامي، وكيفية تسخيرها في المحافظة على الثوابت الدينية والقيم المجتمعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة