أتحدث في هذا المقال عن وجهة نظري، بدون سابق إنذار، وددت أن أمتدح مطربي المفضل "بهاء سلطان"، الذى أكتب عنه حاليًا، تلك الكلمات وفى الخلفية استمع لأغانيه، دافع كبير لي للكتابة وللتفكير منذ سنوات طويلة، فـ "سلطان" بالنسبة لي صديق تفكير أكثر منه مطرب مفضل، فهو مرتبط بشكل شديد بذهني، الذى يكون في أفضل حالاته المزاجية تحت تأثير كوبليهاته، التي لم ولن يعفو عليها الزمن وإن مر عشرات السنين منه.
"جرحني مرة وكان أناني"، سلطان وهو اسم على مسمى، أعتقد أنه صاحب جزء كبير من تشكيل شخصيتي العاطفية في تلك الأغنية بالتحديد، التي طالما سمعتها في الراديو أثناء مذاكرتي ليلاً وبالتحديد فترة الثانوية العامة، وبداية تكوين العلاقات العاطفية، فهو كان الأفضل في تقديم العظات والنصائح، فبدأ بالسماح وسرعان ما تلقى خيانة أخرى، فهو صاحب النصيحة الذهبية التي أصبحت ضمن قواعد تعاملي في الحياة، وهي "ده باعني تاني وخاني تاني ومش هسامحه يا قلبي تاني"، وهي عدم المغفرة والسماح في الفرصة الثانية، مع التنويه لإمكانية السماح مرة ثالثة ولكن "ده بعده"، وهو تأكيد على عدم استحقاقه لتلك التضحية، مع ضرورة التعلم من تلك المواقف قائلاً: "قلبي اتعلم ينسى وهيتعلم يقسى"، مع التأكيد مرة أخرى بقوة على إمكانية نسيانه بكل سهولة: "لازم يعرف إن أنا بعرف أنسى اللي بينساني"، والعودة مرة أخرى إلى إراحة ضميره قائلاً: "ولا بتجيني صورته في عيني ولا اسمه على لساني"، وهى لضرورة المضي قدمًا وتعلم الدرس.
"يا اللى بايع"، أقف كثيرًا أمام تلك الأغنية التي طالما احترت في توصيفها بالنسبة لي، فهي أغنية 280 ثانية ولكن تأثيرها يعادل سنوات من الدروس الحياتية، كانت وما زالت تلك الأغنية لها مكانة خاصة جدًا بالنسبة لي، فكانت رفيق المرور من فترة حزينة جدًا، وهي قادرة على أن تحدث بداخلي موجة من الفرح والرقص، فتلك الأغنية تحدث اضطرابًا في وظائف الشعور لسامعيها، ومن الصعوبة أن تصف الشعور الأنسب الذى يتماشى معها، بدأ سلطان دندنته في تلك الأغنية قائلاً: "كنت بخاف طول عمري عليك أكتر من روحك يا، ياللي زمان أنا كنت غرامك قولي إزاي تنساه"، فهو شعور متضارب بالندم على تقديم شيء ما بشكل زائد عن اللزوم، لينتقل سريعًا إلى "خد وانت ماشي كل اللي يفكرني بيك"، واقع تلك الجملة بالتحديد له طابع خاص فهو يشرح الموقف الذى يتعرض له أى شخص في تلك الحالة عند اكتشاف حقيقة الخيانة من الشخص الآخر، وهو شعور الرضا التام عن الذات وعدم التفكير مرة أخرى في ذلك الشخص وضرورة نسيانه.
"قالى" هي الأغنية التي سرد فيها سلطان غالبية العلاقات العاطفية التي تبدأ بالجنة ومن ثم تنتقل للنار، وهو أدق وصف للبدايات والنهايات، لم يوجه سلطان نصائح في تلك الأغنية ولكنها كافية في استخلاص العبرة من الحدوتة لكل واحد على حدة، فبدأ سلطان بسرد الحياة المتكاملة والتي لا يشوبها شائبة في العلاقات قائلاً: "قاللي قلبي لك قاللي عمري لك"، ليعيد ويثنى على تلك الحياة الوردية قائلاً: "فرشلي الأرض ورد وعدني بألف وعد"، ليعيد مرة ثالثة وصفه بجملة "قاللي أنا دنيتك آه، أنا جنتك آه"، لينتقل سلطان لوصف الحياة بعد ما ظهر الكل على طبيعته وهي النقيض الآخر، ليصف تحول العلاقة بـتلك الجملة التي تعد الأقرب "القلب طلع غدار والجنة لقيتها نار"، ليقدم سلطان الندم على كل ما قدمه "خد حبنا آه.. خد قلبنا آه.. خد مننا كل الهنا"، لينتهي برسالة لوم لنفسه "معرفش خدعني ليه عملت لقلبه إيه، لما أنا مش حبيبه مش نصيبه طب ليه؟".
"أنا غلطان"، الأغنية التي أبدع في كتابة كلماتها عزيز الشافعي، والتي أعادت لى شعور الاضطراب القديم، ولا يمكنني نسيان أول مرة قمت بدندنتها، فهي الأغنية التي عاشها الكثيرون بكل تفاصيلها، فبدأ سلطان كلمته الأولى في الأغنية "وأنا غلطان عشان حبيت وبينت اهتمامي بيك"، ليظهر مدى قسوة التجاهل الذى لاقاه بعد إظهار الحب والاهتمام، ليعيد ويؤكد على النتيجة "عشان كدة يعني بقيت ما انفعشي"، لينتقل سلطان إلى الجملة الأقرب لقلبي والتي طالما علا فيها صوتي بشكل كبير وهي "وليه طيب عشان طيب، عشان يعني اللي في قلبي على لساني"، ليستمر سلطان في سرد أسباب التحول المفاجئ في المعاملة ويختم بالجملة الأفضل والأوقع لتلك العلاقات "ومن بكرة أنا وأنت هنتقابل ولا الأغراب".
طالما ما كان سلطان صاحب ذوق مختلف في تقديم أغانيه واختياره للكلمات وللموسيقى وللتوزيع، فهو صاحب طلة مختلفة عن أصدقاء جيله ومشواره الموسيقي، فبعد غياب استمر لسنوات عن الساحة، عاد سلطان من جديد بلون موسيقي وأغاني أصبح من رائديها، فبعد تقديمه لألبوم "ياللى ماشي"، وألبوم "3 دقائق"، و"قوم أقف"، و"كان زمان" و"مالنا"، وعودته بألبوم سيجارة في 2021، أصبح متعدد الألوان، فهو المطرب القادر على التحكم فى فرحك وفي حزنك وفي تقديم النصائح والعظات.
أعيد وأشير إلى أنني وددت أن أواصل المدح لكل أغاني سلطان واحدة واحدة، وأسرد تفاصيلها ولكن لكل منا تفاصيله الخاصة بالأغاني والموسيقى، وواقعها الخاص على الأشخاص في حالات معينة وفي أوقات معينة، فكانت الموسيقى في معظم الأوقات رفيق المرور من أسوأ اللحظات ظلامًا، فهي الصديق المتفاني للعقل وللروح التي لم تخطئ ولو للحظة في اصطحاب سامعيها لبر الأمان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة