اعتمد المسرح المصري في بداياته علي من بنات الشام أو من اليهوديات المتمصرات أو القادمات من شتى بقاع الأرض، وكانت تلك الخطوة بعد فترة سابقة لها كانت أغلب أدوار السيدات يقوم بها الرجال، ويجسدون تلك الشخصيات النسائية نتيجة عدم تقبل المجتمع المصري لفكرة التمثيل للفتيات وكان من العار أن تشارك فتاة في التشخيص حتي جاءت سلطانة الطرب منيرة المهدية التي كان لها السبق في كونها أول مصرية صميمة تقوم بالتمثيل على المسرح المصري بانضمامها لفرقة عزيز عيد فقد كانت قبل الانضمام مطربة التخت المصرية الأولى وكانت أغانيها تملأ الأسماع وكانت تقيم حفلات غنائية في كازينو سانتي بحديقة الأزبكية هي وتوحيدة وكانت أيضا من أشهر مطربات مصر.
وبالمناسبة نجاح فرقة عزيز عيد، ونجاح مسرحيات الكوميدي العربي كان العامل الرئيسي فيها عشاق منيرة الذين كانوا كثيرين كما كانت لها مكانة خاصة عند عظماء مصر وكانت تعرف معظم وزراء مصر في ذلك الزمن وكانوا حريصين على متابعة أعمالها.
قدمت منيرة المهدية أول دراما مصرية ريفية من فصل واحد وهي (الوردة الحمراء) ومثل فيها عزيز عيد وتلميذه نجيب الريحاني ولكن لم تستطع هذه المسرحية مواجهة الشارع الفني المصري الذي تسيطر عليه الملاهي والعروض الرخيصة فأسدلت المسرحية ستارها بعد أسبوعين ليعود عزيز عيد يلملم أحلامه من جديد وهو في حالة التشرد والإفلاس الذين لازماه فترات طويلة من حياته.
جدير بالذكر أن منيرة المهدية اسمها الحقيقي زكية حسن منصور، وهي مغنية مصرية وهي أول سيدة تقف على خشبة المسرح و قامت بغناء مايزيد عن ثلاثين عام، وقد اشتركت منيرة في تحرير المرأة، كما تزعمت حركة وطنية عن طريق مسرحها وفنها الغنائي الأصيل.
كما غنت منيرة المهدية في تركيا أمام مصطفى كمال أتاتورك الذي كان من رواد مسرحها في القاهرة وعندما أسدل الستار صرخ بألا تنزل منيرة، ورفع الستار مرة أخرى لتظل منيرة تغني طوال الليل وأتاتورك في نشوة وذهول.