شهدت الحلقة الثانية من مسلسل رسالة الإمام، مشهدًا مهمًا، وهو اللقاء الذي جمع بين الإمام الشافعي وهارون الرشيد، ولحظة العفو عنه بعدما تدخل بالحديث عنه القاضي الشيباني، فمن هو؟ وما الذي نعرفه عن الشيباني؟.
محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني.. يعد من أشهر تلاميذ الإمام أبي حنيفة، وقد كان له أثر كبير في نشر مذهبه، ولد محمد الشيباني عام اثنين وثلاثين ومائة من أبٍ كان يعمل جنديًّا وكان ثريًّا، حريصًا على تعليم ولده، فقد انتَقَل به إلى الكوفة، وكانت الكوفة وقتَها زاخرة بكبار الفُقَهاء كأبي حنيفة، والعلماء والحفَّاظ والأدباء.
تتلمذ محمد الشيباني في الفقه على يد أبي حنيفة، وأثنى عليه الإمام في مجالسه الأول عندما لمس منه أن يشفع العلم بالعمل به، وقال فيه: إن هذا الصبي يفلِح إن شاء الله، وقد كان، ثم بعد وفاة الإمام أبي حنيفة تتلمذ على أبي يوسف، وقد استظهر محمد بن الحسن القرآن الكريم وعمره أربعة عشر عامًا وقيل: إنَّه حفظه في أيَّام معدودات، ويُعلِّل ذلك بأنَّه كان يتمتَّع بعقليَّة حافظة وذكاء حادٍّ وعقل تام.
بدأ الشيباني دراسته في الكوفة كواحد من تلاميذ أبي حنيفة، وعندما بلغ الشيباني عامه الـ 18، وذلك في عام 767 ميلادي، توفي أبو حنيفة بعدما درّس الشيباني لسنتين فقط، فشرع الشيباني بعدها يتدرب عند أبي يوسف، وكان أبو يوسف أكبر منه وأفضل تلميذ من تلامذة أبي حنيفة.
كما درس محمد الشيباني على يد عدد من الأساتذة البارزين، أمثال سفيان الثوري، والأوزاعي، وزار الشيباني لاحقاً المدينة المنورة، ودرس هناك من سنتين لـ 3 سنوات مع مالك بن أنس، والأخير هو مؤسس المذهب المالكي في الإسلام. وهكذا، نتيجة لمتابعته العلم منذ صغره، أصبح الشيباني واحداً من العلماء في عمرٍ مبكر جداً. ووفقاً لما قاله إسماعيل حفيد أبي حنيفة، فقد درّس الشيباني في الكوفة في عمر الـ 20 تقريباً في عام 770 ميلادي.
انتقل الشيباني إلى بغداد، وأكمل دراسته وقلده الخليفة هارون الرشيد منصب قاض لعاصمته الرقة، تقريباً بعد عام 796، وأعفي الشيباني من هذا المنصب عام 803. كان للشيباني التأثير الأكبر على تاريخ العلم والعلماء المسلمين. حيث علم محمد بن إدريس الشافعي، وهو واحد من أهم تلاميذ الشيباني. ولاحقاً، اختلف الشافعي مع معلمه وألف "كتاب الرد على محمد بن الحسن"، وبالرغم من ذلك، بقي الشافعي يكن أشد الاحترام والإعجاب لمعلّمه الشيباني.
أوكل الرشيد منصب القاضي إلى الشيباني مرة أخرى، حيث رافق الأخير الخليفة عندما اتجه إلى خرسان، حيث عمل الشيباني هناك في منصب القاضي حتى وفاته عام 805 ميلادي في الري (جزء من طهران في إيران حالياً). وبالمناسبة، فقد توفي الشيباني في نفس اليوم والمكان اللذان توفي فيهما النحوي واللغوي البارز الكسائي. لذا علّق الخليفة الرشيد وقتها: “دفنت الفقه والنحو في يوم واحد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة