وصل الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى إلى أرض الوطن بعد زيارة رسمية ناجحة لـ"نيويورك" شارك خلالها في فعاليات "مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة منتصف المدة لعقد المياه" والذى عقد خلال الفترة "22 - 24” مارس الجارى.
ألقى سويلم بيان مصر أمام الجلسة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه ، والذى أشار فيه لضرورة عدم التعامل مع المياه وكأنها سلعة اقتصادية، فالمياه كالهواء لا غنى عنها للبقاء الإنساني ، ومن ثم تصبح المياه شرطاً مُسبقاً لضمان حق الإنسان في الحياة وبالتبعية سائر حقوق الإنسان ، وأن مصر خير مثال للدول التي تعاني من التحديات المُرَكَّبة المترتبة على تغير المناخ والندرة المائية، وتعتمد بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة 98% ، ولديها عجز مائي يصل إلى 55% من إحتياجاتها المائية، وأن مصر أنفقت إستثمارات هائلة لرفع كفاءة منظومة المياه تعدت الـ 10 مليار دولار خلال الخطة الخمسية السابقة، واستيراد واردات غذائية هائلة بقيمة حوالي 15 مليار دولار، مع التأكيد على أهمية وجود تعاون مائي فعَّال عابر للحدود والذى يُعد بالنسبة لمصر أمراً وجودياً لا غنى عنه ، والتأكيد على ضرورة مراعاة أن تكون إدارة المياه المشتركة على مستوى "الحوض" بإعتباره وحدة متكاملة ، والإلتزام غير الإنتقائي بمبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق لا سيما مبدأ التعاون والتشاور بناء على دراسات وافية .
كما إستعرض الأخطار الناتجة عن التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ والمتمثلة في سد النهضة الإثيوبي الذي تم البدء في إنشائه منذ أكثر من 12 عام على نهر النيل دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة ، وإستمرار عملية البناء والملء بل والشروع في التشغيل بشكل أحادي خرقاً للقانون الدولي وإعلان المبادئ عام 2015 وبيان مجلس الأمن عام 2021.
وأشار إلى أن إستمرار هذه الإجراءات يمكن أن يشكل خطراً وجودياً على 150 مواطن وخروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل ، وفقدان ما يقرب من 15 % من الرقعة الزراعية في مصر ومضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية، مؤكداً على ضرورة عدم الإنجراف إلى إيلاء الأولوية لمكاسب طرف بعينه على حساب خسارة الآخرين، حيث لن يكون من شأن ذلك إلا تقاسم الفقر بما قد ينجم عن ذلك من توترات، وضرورة إيلاء الأولوية للتعاون السليم بحسن نية والذى سيُفضي لتعظيم المكاسب وتقاسم الرخاء والإزدهار للجميع.
كما أشار سيادته في البيان إلى أن مصر تعمل في إطار استراتيجيتها التعاونية على تعظيم المكاسب الممكنة من الترابط ما بين موضوعات المياه والغذاء والطاقة والمناخ ، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي ، فوطنياً .. تبنت مصر سياسة مائية تقوم على الإستخدام الرشيد والمتسم بالكفاءة لمواردها المائية المتجددة مع الإعتماد المتزايد على الموارد المائية غير التقليدية ، وإقليمياً .. تتمسك مصر بأهمية إنتهاج قواعد التعاون الذي يراعي مصالح كل الأطراف ، والتشاور بناء على أسس علمية سليمة لضمان تحقيق الإنصاف وتجنب الضرر ذي الشأن ، كما ستعمل مصر خلال رئاستها للأمكاو على التنسيق لحشد التمويل اللازم لتعزيز البنى التحتية الأفريقية على أسس من المنفعة المشتركة ، ودولياً .. إنخرطت مصر في كافة المبادرات الدولية المائية ، والعمل على إيلاء مسائل الندرة المائية أولوية خاصة على الأجندة الأممية ، وإدراج المياه للمرة الأولى على الإطلاق في القرار الجامع الصادر عن COP27.
كما ترأس سويلم جلسة "المياه فى مؤتمر المناخ COP27 .. مبادرة التكيف فى قطاع المياه" ، والتي إستعرض خلالها مكونات وخطة عمل ومحاور مبادرة التكيف بقطاع المياه AWARe والتي ستحفز التعاون الشامل لمعالجة تحديات المياه وزيادة المرونة وتقديم حلول للتعامل مع تغير المناخ وتنفيذ مشروعات فى مجال التكيف مع التغيرات المناخية بالدول النامية وخاصة الدول الافريقية ، كما استعرض سيادته طرق تنفيذ المبادرة والتى تشتمل على أطر التمويل الميسرة واجراءات نقل التكنولوجيا القابلة للتطبيق والعمل على بناء القدرات فى مجال المياه ، وإستعرض أيضاً الكيان المؤسسى للمبادرة المكون من لجنة توجيهية دولية والأمانة العامة للمبادرة والمجلس الاستشاري العلمي .
كما ترأس سويلم ، و يوكو كاميكاوا المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الياباني للمؤتمر جلسة "الحوار التفاعلي حول المياه من أجل المناخ والقدرة على الصمود" ، حيث أشار الدكتور سويلم إلى أن الوعي العالمي بقضايا المياه وتحدياتها أدى للاعتراف المتزايد بالصلة القوية بين المياه والمناخ ، وأن التحدي المُركب بين المياه والمناخ يتطلب إستجابة شاملة لمعالجة هذه التحديات مع إحداث تغييرات كبيرة في نظم الإدارة لضمان أفضل استخدام لموارد المياه المتاحة ، ووضع رؤية متكاملة لموارد المياه والبيئة لإبتكار أنظمة مائية وغذائية وإقتصادية مستدامة ستسمح بإبطاء تغير المناخ والتكيف مع هذا التغير ، وأنه يمكن للعمل المناخي المتميز ووجود سياسات تعاونية في مجال التكيف أن يعزز الأمن المائي المستدام في جميع أنحاء العالم ، كما يمكن لمبادرات التخطيط الشاملة أن تمنع أو تقلل بشكل كبير من خطر خطر تغير المناخ ، كما أشار سيادته إلى أن ندرة المياه تشكل التهديد الرئيسي لتلبية الاحتياجات البشرية الحيوية من مياه الشرب والغذاء ، وهو ما يتطلب حشد الجهود الدولية وتوفير التمويلات اللازمة لإدارة المياه المقاومة للمناخ ، وتحديد إجراءات تنفيذ المبادرات الحالية المتعلقة بالمياه والمناخ مثل دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للعمل بشأن الإنذار المبكر للجميع بحلول عام 2027 ، وتحالف كوماموتو ، ومؤتمر الأطراف ، ومبادرة التكيف التي أطلقتها مصر خلال مؤتمر المناخ الماضى .
وقام سويلم فى الجلسة الختامية لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه بعرض نتائج وتوصيات "الحوار التفاعلي حول المياه من أجل المناخ والقدرة على الصمود" والتي تمثلت فى (تعميم أطر سياسات الإدارة المتكاملة للموارد المائية وربطها بالأطر الأخرى المتعلقة بالنظم البيئية والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها - تطوير وإعتماد آليات وطنية للتنسيق بين القطاعات المختلفة المعنية بالمياه - العمل على إيجاد نظام معلومات مياه عالمي يسهم فى العمل المناخي والحد من مخاطر الكوارث - تعبئة التمويلات وتسهيل تخصيصها لقطاع المياه والاجراءات المقاومة للمناخ والعمل على ضمان التنفيذ الفعال من حيث التكلفة - البناء على ما تحقق فى مؤتمر COP27 من اتفاق بشأن تمويل البلدان الأكثر ضعفاً والمتأثرة بآثار تغير المناخ والنظر فى إنشاء صندوق خاص للخسائر والأضرار - أهمية وجود آلية لمتابعة الإجراءات والالتزامات التي ستنتج عن المؤتمر الأمم المتحدة للمياه كخطوة رئيسية لتحقيق تقدم ملموس في مجال المياه والمناخ في السنوات القادمة) .
وشارك سويلم في ندوة "دور الشباب في مجال المياه والصرف الصحى" ، والتي أشار فيها لأهمية تعزيز التعاون الدولى في مجال إدارة الموارد المائية وتحسين الامداد بمياه الشرب وخدمات الصرف الصحى وتعزيز دور الشباب في زيادة الوعى بتحديات المياه حول العالم ، وأن مصر بوصفها الرئيس الحالي لمجلس وزراء المياه الأفارقة ستسعى لتمكين الشباب الأفارقة والإستفادة من مهاراتهم وأفكارهم البناءة ، كما ستعمل القارة الأفريقية من خلال الأمكاو على عرض قضايا المياه في أفريقيا أمام العالم خلال "مؤتمر الامم المتحدة للمياه" ، والدفع للإنتقال من مرحلة الخطط والسياسات لمرحلة الإجراءات الفعلية على أرض الواقع وزيادة الإعتماد على السياسات والممارسات المبتكرة وتطوير التكنولوجيا ، للوصول لنتائج ملموسة في إدارة الموارد المائية والتعامل مع تغير المناخ وتحسين إمدادات مياه الشرب والصرف الصحي لتحقيق رفاهية الشعوب الإفريقية .
كما شارك سويلم في جلسة "المياه .. السلام .. الأمن في أفريقيا" والتي أشار فيها لأهمية المياه لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لأفريقيا بإعتبار أن الماء عامل مهم للإنتاج والنمو الاقتصادي ، وأنه لن يتسنى تحقيق هدف الاتحاد الأفريقي المتمثل في الوصول إلى المياه والصرف الصحي بنسبة 100٪ بحلول عام 2030 كجزء من أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي ، بدون إحراز تقدم كبير في تحقيق الأمن المائي في إفريقيا خاصة في ظل فجوة البنية التحتية بالقارة الإفريقية ، وإعطاء الأولوية للتنسيق والتعاون بين جميع الدول المتشاطئة في إفريقيا ، وتعزيز التبادل المعرفي والترابط بين مؤسسات الأحواض .
وخلال مشاركته في الجلسة رفيعة المستوى "إستثمارات المياه في أفريقيا" والتي شهدت إطلاق "تقرير اللجنة الدولية رفيعة المستوى حول إستثمارات المياه في إفريقيا" .. أشار الدكتور سويلم أن إطلاق "تقرير اللجنة الدولية رفيعة المستوى حول إستثمارات المياه في إفريقيا" يمثل علامة بارزة في الجهود المبذولة لتوفير الاستثمارات في مجال المياه بالقارة الإفريقية وسد فجوة الاستثمار في المياه بالقارة ، خاصة أن أكثر من 400 مليون أفريقي لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة ويتضاعف هذا العدد عندما يتعلق الأمر بعدم توفر خدمة الصرف الصحي الجيد نظراً لعدم توفر التمويلات اللازمة في هذا المجال ، مشيراً لأهمية المبادرات الموجهة لتعبئة الاستثمارات والتمويل لتنفيذ مبادرات السياسة القارية ذات الصلة ، ودعم إجراءات التخفيف والتكيف ولتحسين مرونة الدول الإفريقية في مجال المياه وتقليل مخاطر الكوارث المتعلقة بالمياه وتحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر وحماية البيئة .
وشارك سويلم أيضاً في الجلسة الحوارية "المياه والتنمية المستدامة" ، والتي أشار فيها إلى أن الماء حق إنساني واجتماعي وبالتالي فإن الحصول الموثوق به على المياه الصالحة للشرب هو حق من حقوق الإنسان الذى لا غنى عنه لاستدامة "الحق في الحياة" ، وأنه لا يمكن تقييد قيمة المياه بالمنطق الاقتصادي ، حيث أن تسعير المياه سيؤدى لتفاقم عدم المساواة العالمية ويهدد السكان الأكثر فقراً والسكان الذين يعيشون في المناطق المعرضة بالفعل للإجهاد المائي كما هو الحال في مصر ، حيث يعتمد الاقتصاد المصري على المياه ، ويؤمن قطاع الزراعة حوالي نصف غذاء 105 مليون نسمة ويحافظ على سبل العيش لأكثر من نصفهم .
كما شارك فى جلسة المجموعة الإقليمية "العمل معاً من أجل الماء .. مصدر الحياة" ، والتي أكد فيها على أهمية إنعقاد هذه المجموعة والتى شاركت مصر وفنلندا في تأسيسها عام 2021 ، مستعرضاً مجهودات المجموعة خلال الفترة الماضية ، حيث تم إصدار البيان الإقليمى المشترك بشأن المياه بدعم من عدد قياسى بلغ 168 دولة و ١١ منظمة ، كما نظمت المجموعة إحتفالية "علامة عام واحد" في يوم المياه العالمى 2022 ، كما قدمت المجموعة عدد من البيانات المشتركة خلال الإجتماعات التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023 ، مع التأكيد على إلتزام المجموعة القوى بالنهوض بالهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة فضلاً عن جميع الجوانب المتعلقة بالمياه ، مع العمل على ضمان المساواة في التمتع بحقوق الإنسان في المياه وخدمات الصرف الصحى خاصة بالدول التى تعانى من الندرة المائية والبلدان النامية التى تعتبر الاكثر احتياجا للإدارة المتكاملة للموارد المائية على كافة المستويات .
وشارك الدكتور سويلم أيضاً في جلسة "ضمان توافر المياه بشكل مستدام" ، والتي أكد خلالها على أهمية المياه في تحقيق التنمية بالقارة الأفريقية في ظل تأثير المياه المباشر على كافة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية ، حيث يستهلك إنتاج الغذاء حوالي ٧٠٪ من المياه في جميع أنحاء العالم وأكثر من ٨٥٪ من المياه في البلدان النامية ، وبالتالى أصبح تأمين إمدادات المياه العذبة العالمية لتلبية الإحتياجات البشرية من المياه أحد أكثر التحديات التي تواجه دول العالم حالياً ، مشيراً إلى أن هذه الجلسة ومؤتمر الأمم المتحدة للمياه يٌعدان فرصة لمناقشة سُبل ضمان الأمن المائي وتوفير المياه وخدمات الصرف الصحي للشعوب .
وخلال مشاركته في جلسة "الاستجابة لنداء الأمين العام للأمم المتحدة لمبادرة أنظمة الإنذار المبكر" .. أشار الدكتور سويلم إلى أن الأخطار المتعلقة بالمياه تمثل أكثر من ٨٠٪ من جميع الأخطار الطبيعية حول العالم ، وهى جميعاً لها آثار وخيمة على البشر والتنمية الاجتماعية والاقتصادية لا سيما في البلدان النامية ، كما أن إعتماد مصر شبه الكامل على مياه نهر النيل يجعلها أكثر عرضه لإرتفاع درجات الحرارة وبالتالي عدم اليقين بشأن هطول الأمطار على منابع النيل ، بخلاف تأثير ارتفاع الحرارة داخلياً على زيادة إستهلاك المياه ، بالإضافة لتأثيرات التغيرات المناخية الأخرى مثل زيادة مخاطر السيول الومضية بسبب تغير أنماط هطول الأمطار ، وهو ما دفع مصر لإطلاق "مبادرة التكيف في قطاع المياه" ، ودعم مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة "الإنذار المبكر للجميع" وهو ما يمكن أن تساهم فيه الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية من خلال العمل على دعم وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر على مستوى دول شمال إفريقيا ضد المخاطر المناخية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة