فى محل صغير بالقرب من مسجد سيدى عبد الرحيم القنائى ستجد رائحة الماضى تفوح من داخله وستجذبك الأدوات القديمة للطباعة والقص، فهنا مكان من أقدم الأماكن لتغليف وتجليد المصاحف والأناجيل ورسائل الدكتوراه، وكذلك كانت تطبع فيه ما يريده الزبائن فى وقت سابق بشكل يدوى، ورغم التقدم ووجود آلات حديثة للطباعة والتجليد، إلا أن عبد الرحيم نور الدين، مالك المحل الذى يعمل منذ 80 عاما، ما زال يحتفظ بصنعة والده ويستخدم العمل اليدوى فى إخراج المطلوب للزبائن ويحافظ على الجودة، كما أنه يستخدم جلودًا ذات خاصية تتماشى مع الكتابة والتجليد والمادة اللاصقة التى تستخدم.
وفى سكينة وهدوء يعمل العم عبد الرحيم نور الدين، موظف بالمعاش وحرفى التجليد بقنا، داخل جدران المحل ليبدأ العمل فى فترة ما بعد الظهيرة وحتى المساء ليعود فى النهاية حاملًا الرضا ويقضى يومه فى العمل الذى يساعده على تحسين دخله بعد بلوغه المعاش، وأن يمارس الحرفة التى أحبها فى الشباب وفضل العمل فيها بجانب عمله الذى التحق بها بعد الحصول على مؤهل تجارى عال بعد المعهد المتوسط، لتمتد جذور المهنة من الأب إلى الأبناء ومنهم العم عبد الرحيم.
وقال عبد الرحيم نور الدين، إن مهنة التجليد تعلمها منذ الصغر عن طريق والده الذى كان يعمل فى الطباعة ويمتلك أقدم مطبعة فى قنا تحمل اسمه ورغم التحاقه فى وظيفة بالأوقاف بعد استكمال دراسته إلا أنه فضل الاستمرار فى تلك المهنة حبًا فيها، وبعد بلوغه سن المعاش قرر التفرغ الكامل لها فى محله الصغير والعمل على تجليد المصاحب والأناجيل والرسائل العلمية عن طريق الجلد وتصليحها أيضًا، لافتًا أنه عشق التجليد أكثر من الطباعة رغم إجادته النوعين وعمل فيه كنوع من الحب وليس العمل فحسب.
وأوضح عبد الرحيم نور، أن التجليد رأى فيه نوعا من الفن يفيد وينمى من قدراته، فالطباعة منتشرة ولا أحد يعمل فى التجليد والتغليف سوى هو وشخص آخر، وأبرز الخامات التى يستخدمها فى التجليد هو الجلد الذى يزيد فى الكفاءة عن النوع البلاستيك وتعطى جودة عالية فى الرسائل العلمية ومظهر لافت بألوان مختلفة منه الأسود والزيتى والنبيتى التى تتنوع ما بين الماجستير والدكتوراه ويستخدم اللون على حسب الرسالة بالأسود للدكتوراه والزيتى للماجستير.
وأشار نور الدين، إلى أن الإقبال على تصليح المصاحف وتغليفها يزيد فى شهر شعبان وكذلك رمضان والمناسبات الدينية فى كل عام وهو شيء اعتاد عليه وأتقن على مدار سنوات كيفية التجليد وترميم المصحف، مضيفًا أنه كان فى السابق يطبع جميع أنواع المطبوعات منها الدعاية الانتخابية على آلة كتابة يدوية ومع التقدم وانتشار محلات الطباعة اقتصر على التجليد فقط، الذى يستخدم فيه جلود يحصل عليها من أماكن فى القاهرة.
العم عبد الرحيم أثناء العمل
العم عبد الرحيم نور الدين
تجليد مصحف
مجلد مصاحف بقنا
محل العم على
مراسل اليوم السابع مع العم على
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة