عادل السنهورى يكتب: سلاطين الفن الشعبى فى مصر.. محمد طه.. أسطورة الغناء الشعبى المصرى «آه يا عينى»..دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بتأليف وارتجال 10 آلاف موال.. بدأت موهبته فى مصنع الغزل والنسيج

الأربعاء، 29 مارس 2023 04:51 م
عادل السنهورى يكتب: سلاطين الفن الشعبى فى مصر.. محمد طه.. أسطورة الغناء الشعبى المصرى «آه يا عينى»..دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بتأليف وارتجال 10 آلاف موال.. بدأت موهبته فى مصنع الغزل والنسيج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بتأليف وارتجال 10 آلاف موال.. بدأت موهبته فى مصنع الغزل والنسيج.. بعد قيام ثورة يوليو 52 تم اختياره مع نجاة وعبدالمطلب والجيزاوى للغناء أمام قادة الثورة.. وانضم إلى نقابة الموسيقيين بحكم القضاء وبموال شعبى أمام المحكمة


 ضمه جلال معوض للغناء فى حفل أضواء المدينة عام 56 وغنى فى السويس أثناء العدوان الثلاثى.. كتب عنه «جليل البندارى» مقالا بعنوان «براندو بالطربوش والجلباب البلدى» أثناء زيارته إلى لبنان

 

من أوسع الأبواب، دخل أسطورة الفن الشعبى المصرى محمد طه موسوعة جينيس للأرقام القياسية، قد يندهش البعض ويسأل، كيف حدث ذلك، وهل هذا الفنان الذى بدأ حياته عاملا بمصنع الغزل والنسيج مع شقيقه، بعد أن ترك موطنه فى طهطا بمحافظة سوهاج، استطاع بفطرته البسيطة وعدم إلمامه بالقراءة والكتابة أن يدخل الموسوعة العالمية؟!
 
فى 1940 انتقل من العمل بـ«المحلة الكبرى» فى مصنع الغزل والنسيج، حيث بدأت علاقة محمد طه بالغناء، حيث كان يردد الأغانى الحماسية للعمال، وقتها تعرف طه على رئيس الزجالين مصطفى مرسى، الذى تعهده بالرعاية وتبنى موهبته وعلمه فن الارتجال، ثم انتقل إلى مدينة «كفر الدوار» القريبة من الإسكندرية، وبدأ يؤلف ويلحن مواويله الخاصة، ولم يطل مقامه فيها، إذ استدعاه الجيش للتجنيد الإجبارى فى القاهرة، وهى خطوة أدخلت السرور على قلب أبيه، الذى رأى فى التجنيد فرصة ليبتعد ابنه عن طريق «الغناء» والسمعة التى لحقت به، لكن التجنيد قربه أكثر من الغناء، وكان فرصة للتعرف على مسارح الفن الشعبى فى القاهرة، ومنها مقاهى حى «الحسين، والسيدة زينب» التى كان يغنى فيها أثناء الاحتفال بـ«الموالد» والمناسبات الدينية.
 
أما شهرته، فجاءت بعد قيام ثورة يوليو 1952، حيث تم اختياره مع الفنانة نجاة والفنان محمد عبدالمطلب والمونولوجست عمر الجيزاوى لإحياء 10 سهرات فنية، يحضرها قادة الثورة، الرئيس محمد نجيب آنذاك، وجمال عبدالناصر وأنور السادات. كان أول موال قدمه محمد طه بعنوان «هيا بنا يا شباب الجيش طالبنا»، وقد نال هذا الموال إعجاب الجمهور وقادة الثورة.
 
 
فى مقاهى السيدة زينب والحسين، وفى سنة 1954، تصادف أن استمع إليه الإذاعيان الكبيران طاهر أبوزيد وإيهاب الأزهرى، وهو يغنى فى مقهى المعلم على الأعرج بالحسين، واصطحباه إلى الإذاعة وتم اعتماده كمطرب بالإذاعة، وقاما بتسجيل عدد من مواويله.
 
اسمه بالكامل محمد طه مصطفى أبودوح، ولد فى طهطا بمحافظة سوهاج بصعيد مصر فى 24 من سبتمبر 1922، لكنه نشأ وترعرع مع والديه وأشقائه الثلاثة فى بلدة أمه «عزبة عطاالله سليمان» بقرية سندبيس التابعة لمركز قليوب.
 
فى عام 1955 أراد محمد طه أن ينضم إلى عضوية نقابة الموسيقيين، وكانت لا تمنح فى هذا الوقت إلا لحملة المؤهلات العليا، وكان طه أميا لا يحمل حسب تعبيره إلا «شهادة ربانية »، فخصصت له جلسة بدار القضاء العالى ضمت فى عضويتها الفنان أنور منسى وقاضيا يدعى «عادل» وبعض المستشارين.. فسألته هيئة المحكمة: ما الذى يثبت أنك فنان؟ فأجاب بموال ارتجله فى الحال:
 
«أنا فى محكمة العدل أصل العدل للعادل.. واسمع يا منسى أنا مش منسى.. ده أنا فى الكلام عادل.. وإذا حكمتم يكون الحكم بالعادل.. أنا اسمى عدل الكرام محمد أبوطه.. أبو نفس عالية ما يوم وطاها »، فلم تتردد المحكمة فى قبوله عضوا عاملا بنقابة الموسيقيين.
 
فى عام 1956، طلب الأستاذ زكريا الحجاوى الأب الروحى والرائد للفن الشعبى من محمد طه أن يشارك فى حفل بالسويس أثناء العدوان الثلاثى على مصر، وكانت الحرب فى حينها مشتعلة بمدينة بورسعيد، فى هذا الحفل التقى طه الإذاعى الكبير جلال معوض، الذى قدم الحفل من خلال برنامجه الشهير «أضواء المدينة»، وكانت هذه أول حفلة جماهيرية يغنى فيها طه.

فن الارتجال

برع محمد طه فى معرفة فن الموال وكتابته إلى حد الارتجال فى التأليف، وتعلم طه فن كتابة وارتجال الموال من جيل الرواد الذين سبقوه أمثال الحاج مصطفى مرسى، الذى حفظ له موال «حسن ونعيمة»، كما تعلم من عبدالفتاح شلبى شيخ الزجالين، والشيخ إبراهيم سليمان، والفنان الششتاوى خاطر الذى حفظ على يديه موال «مسعد ووجيدة»، والذى تحول فيلما سينمائيا فيما بعد من بطولة الفنانين فريد شوقى ومحمد عوض ومحمد رشدى بالإضافة إلى طه.
موهبة محمد طه تجاوزت حلاوة صوته وجمعت بين فن التأليف والتلحين والغناء، لم يكن طه دارسا للموسيقى على أسس علمية ومنهجية فى معاهد الموسيقى، إلا أن عشقه للموسيقى وموهبته الفطرية وإحساسه وحبه الصادق لتعلم هذا الفن جعله من خيرة الفنانين، الذين لحنوا لأنفسهم مئات الأغانى والمواويل بل تفوق على بعض خبراء التلحين وأساتذة الموسيقى فى سرعة وضع الألحان الفورية على المسرح مباشرة.
فى 3 من سبتمبر 1961 كتب الأستاذ «جليل البندارى» فى «أخبار اليوم» مقالا عن محمد طه، عنوانه «براندو بالطربوش والجلباب البلدى » قال فيه: «استيقظت من النوم على مظاهرة فى شوارع بيروت، وفتحت نافذة غرفتى بالفندق لأرى المطرب الشعبى المشهور محمد طه وهو يمشى فى الشارع بجلبابه البلدى وطربوشه التقليدى، وكان يوزع مواويله على المعجبين والمعجبات، كما توزع ملكات جمال العرب ابتساماتهن على الجمهور وعلى لجنة التحكيم، ففى كل خطوة كان المعجبون والمعجبات يلتفون من حوله ليوقع بإمضائه على أوتوجرافاتهم كروبرت تايلور وأحمد مظهر ومارلون براندو تماما».
موال لكل مواطن
محمد طه خاطب كثيرا من الفئات، وتغنى لكثير من المناسبات فى مواويله، فغنى للفلاح «إن أصلى فلاح ومزارع وخادم أرض»، وقال للمصريين الدارسين فى الخارج «يا طالب العلم يا اللى البلد بعتاك للخارج»، وفى مناسبة شم النسيم غنى طه موال «اطلع وشم النسيم ومعاك أحبابك»، وفى عيد الأم غنى «الأم بتقول القلب الحنون ابنى»، وموال آخر جمع بين الأم والأب قال فيه «الأم والأب بالمعروف راعيهم»، وغنى للكرامة فقال: «حفظ الكرامة شهامة والأصيل معروف»، كما غنى كثيرا من المواويل للعمال.

على الأصل دور

حرص طه فى الموسيقى أن يبحث عن الأصل، فهو صاحب مقولة «على الأصل دور»، فقدم أغانيه على الآلات التى عرفت فى القدم مثل «المزمار والناى والبوق»، وكون طه فرقة لهذه الآلات لتصاحبه وتؤدى الحانه التى تميز بها دون غيره من أبناء جيله، وذات مرة فى حفل بكازينو الأندلس، قابل الجمهور محمد طه بالضحك بمجرد أن رأى آلة «الأرغول» لأنه لم يعتد على مشاهدتها من قبل، وكان من بين المطربين المشاركين فى هذا الحفل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ ومحمد رشدى ومحمد العزبى ونادية فهمى، ولكن بمجرد سماع موال محمد طه غير رأيه، وأعجب به لتقديمه الحكمة والأمثال فى قالب الموال.

 

فى السينما والمسرح والتليفزيون

 

أحب محمد طه الأعمال الدرامية، واشترك فى العديد من المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية والأفلام والعروض المسرحية.
 
فى السينما، اشترك محمد طه فى أكثر من 30 فيلما منها «ابن الحتة، بنات بحرى، أشجع رجل فى العالم، حسن ونعيمة، خلخال حبيبى، شقاوة رجال، دعاء الكروان، الزوج العازب، رحلة العجايب، نص دستة مجانين ».
 
فى هذه الأفلام قدم محمد طه مواويل من تأليفه، تناسب القصة التى يتناولها العمل الفنى، فمثلا فى فيلم «السفيرة عزيزة» إخراج حسن الصيفى، كتب موالا بمناسبة خروج الجزار من السجن وعودته وسط زفة من الأهل والجيران بحى الجمالية تقول كلماته (يا معلم الكل ليلتك فل وزيادة).
 
وفى فيلم «حسن ونعيمة» تغنى بموال «يا اللى زرعت الحب ليه تزرع فى قلبه مرار، وليه تخلى حلاوته للحبايب نار».
 
وحسب أسرته، كان الفيلم الوحيد الذى أنتجه محمد طه «6 بنات وعريس» من بطولة محمد رشدى، ومحمد عوض، وأمين هنيدى، وآمال فريد وسهير زكى، وإخراج السيد زيادة.
 
وفى مجال الدراما الإذاعية، اشترك محمد طه فى عشرات المسلسلات التى حققت له شهرة واسعة، على رأسها مسلسل «مسعود ووجيدة».
 
الدراما التليفزيونية أيضا لم تكن بعيدة عن محمد طه، فقد شارك فى العديد من الأعمال، من بينها مسلسل «مذكرات المعلم شعبان»، الذى غنى فيه من ألحان الموسيقار سيد مكاوى.
 
وعلى خشبة المسرح، تميز أيضا محمد طه بقدرته الفائقة على التعبير طبقا لمتطلبات المواقف الدرامية، فكان يتميز عن غيره من الفنانين الشعبيين بموهبة الارتجال الفورى، ومن بين المسرحيات التى شارك فيها «بين النهرين، جوز مراتى، الصفقة ».
بعد ذلك، كان الإذاعى الكبير «جلال معوض» يستعد للسفر إلى غزة لإقامة إحدى حفلات «أضواء المدينة»، وطلب من «محمد طه» أن ينضم إلى الفريق المسافر لإحياء الحفل، كانت الرحلة اختبارا حقيقيا نجح فيه بتفوق، فما إن اعتلى المسرح حتى استحوذ على مشاعر الجماهير، التى راحت تعبر عن إعجابها، وكعادته فى الوفاء للأماكن ظلت «غزة» بندا ثابتا على سجل رحلات «محمد طه»، وقد ذهب إليها للمشاركة فى احتفالات الإفراج عن «الفريق أول يوسف العجرودى» حاكم غزة الذى أسره الصهاينة، وغنى له من تأليفه موالين، يقول الأول:
«يا رايح فلسطين حود على أهل غزة
تقعد مع أهل الكمال تكسب وتتغذى
وسلم على يوسف حاكم قطاع غزة
وقل له إحنا البواسل
سيوفنا فى قلب اليهود غازة »
والموال الثانى يربط بين الرئيس جمال عبدالناصر ويوسف العجرودى:
«الشعب كله جمال.. وجمال مع يوسف
ودخلت كرم الحبايب فيه رمان مش يوسف
وكنت مأسور عليك ميت «مائة » سور يا يوسف
والرب نجاك وشفنا رؤاك يا يوسف »
وهو موال رباعى ـ أى من أربع شطرات ـ يستعرض فيه «محمد طه» قدرته على الارتجال، مع التورية والجناس ـ وهما من لوازم الموال ـ فـ«جمال» تعنى جمال الصورة والأخلاق، كما تعنى «جمال عبدالناصر»، وأيضا الجمال الذى اشتهر به يوسف، و«يوسف» من معانيها كذلك البرتقال اليوسفى، ويوسف العجرودى المحتفى به. ومع نجاحه فى غزة، كان طبيعيا أن يكرر «جلال معوض» الاستعانة به، وهكذا اصطحبه إلى حفل أضواء المدينة بالإسكندرية، وفى الحفل رأى «محمد حسن الشجاعى» تجاوب الجمهور معه، فلم يملك إلا أن قال له: «الآن اقتنعت بك»، وأجازه للغناء فى الإذاعة وأعطاه أغنية تقول كلماتها:
«فلاح فالح فى زراعتى
شهد المحصول بفلاحتى
وحكومتى رفعت قيمتى
وادتنى الأرض بتاعتى
فلاح.. فلاح »
ولمزيد من التحدى، لم يكتف «محمد طه» بغناء الكلمات بل لحنها بنفسه، ومعها سمع الجمهور صوته للمرة الأولى عبر أثير الإذاعة سنة 1956.
وعلى الرغم من قبوله فى الإذاعة وقيده فى نقابة الموسيقيين، ظل «محمد طه» يحتفظ بعمله فى مصنع النسيج، باعتباره مصدرا مضمونا لدخل ثابت، لكن غيابه عن العمل تجاوز الحدود مع انخراطه فى عالم الفن وتحوله إلى فقرة ثابتة من فقرات أى حفل عام يقام فى مصر، حيث اختاره وجيه أباظة للغناء فى عيد الثورة، واستمرت الاحتفالات 10 أيام، وكان أجره عن المشاركة فيها 60 جنيها بالتمام والكمال، تبرع بها كلها لصالح تسليح الجيش، وفى الوقت نفسه تلقى خطابا من المصنع يستدعيه، لأنه تغيب 93 يوما بدون وجه حق، وفى المصنع خيروه بين الانتظام فى العمل وبين الاستقالة، فاستقال وحصل على 23 جنيها قيمة مكافأة نهاية الخدمة.
لم يتوقف طموح «محمد طه» عند حد، فقد كون فرقته الموسيقية الخاصة «الفرقة الذهبية للفنون الشعبية» وضم إليها أخاه «شعبان طه» الذى يشبهه تماما، والذى كان يلعب دور «البديل» له فى الغناء، حيث يغنى بدلا منه إذا كان مطلوبا للغناء فى مكانين فى الوقت نفسه، كما ضمت الفرقة عازفين للناى والأرغول والكمان والعود والطبلة، وهى الفرقة التى ظلت تلازمه فى كل حفلاته وأسفاره وأيضا فى الأفلام التى شارك فيها.
ويوثق كتاب «ابن البلد»، للأديب سمير كرم فريد، قصة حياة الفنان محمد طه ورحلته مع الغناء الشعبى، فى مزج رائع بين دراسة أجراها عن مواويله وحوار مباشر أجراه مع محمد طه عن رحلته.
أطلق على الشقة البسيطة التى كان يسكنها فى حى شبرا «بيت الفن الشعبى»، وكون شركة لطباعة أسطواناته سماها شركة «ابن البلد»، مؤمنا بأن الموهبة التى يتمتع بها هى منحة من الله، عليه أن يؤدى شكرها بتكريس حياته من أجلها، وهو ما ظل يفعله ـ بدأب عامل وصبر فلاح ـ منتقلا من نجاح إلى آخر، حيث شارك بالغناء فى 30 فيلما، منها «ابن الحتة، بنات بحرى، أشجع رجل فى العالم، خلخال حبيبى، شقاوة رجالة، السفيرة عزيزة، الزوج العازب، دعاء الكروان، المراهق الكبير، ملك البترول، زوجة ليوم واحد، رحلة العجائب، دستة مجانين ».
وليست مصادفة أن أول فيلم شارك فيه كان «حسن ونعيمة»، 1958، المأخوذ عن موال «حسن ونعيمة»، وهو موال طويل يحكى قصة حقيقية وقعت أحداثها فى «بنى مزار» بمحافظة المنيا سنة 1905، صاغها «الحاج مصطفى مرسى» أفضل وأشهر من كتب المواويل، فى كلمات آسرة، وصور خلابة، منها قوله عن ليلة غنى فيها «حسن»:
«غنى الكروان وألحان الغرام شبابيك
طلعوا البنات فى العلالى «الأعالى» وفَتَّحوا الشبابيك
قالت نعيمة غرامى يا حسن شبابيك»
ومن المواويل القصصية التى اشتهر بها «محمد طه»، «ياسين وبهية» وهو موال كتبه مؤلفه المجهول فى 1927 بعد حادث مصرع «السير لى ستاك» قائد قوات احتلال السودان، وإصرار بريطانيا على أن تسحب مصر قواتها من السودان، وكانت «أسوان» هى نقطة تجمع القوات المصرية العائدة فى معسكر يقوده «اللواء صالح حرب باشا»، وشاء سوء حظ «ياسين» الفلاح الثائر أن يضعه فى طريق «اللواء صالح»، الذى كان يبحث عن بطولة فقتل «ياسين» بحجة أنه «مطرود» أى هارب من العدالة.
وقد بلغت حصيلة المواويل التى غناها «محمد طه» 10 آلاف موال، منها 350 موالا سجلتها الإذاعة، وبعضها مسجل على أسطوانات وشرائط، المواويل معظمها من تأليفه، ومنها ما هو «مرتجل»، مثل ذلك الموال الذى غناه أمام عميد الأدب العربى «د.طه حسين» فأعجبه، وسأله عن مؤهلاته الدراسية، فقال: محمد طه بخفة ظله التى اشتهر بها: لا أحمل إلا شهادة الميلاد وشهادة الخدمة العسكرية، وعقب العميد: لكنك تحمل شهادة ربانية أكبر من الليسانس فى المواويل.
فى صباح اليوم الذى توفى فيه ـ 12 من نوفمبر 1996ـ  خرج محمد طه من بيته، فى حى شبرا الشعبى، لشراء أغراض للمنزل، وفى الشارع داهمته أزمة قلبية نقل بسببها إلى مستشفى «معهد ناصر» حيث توفى بعد ساعات، تاركا سيرة طيبة، وتراثا فنيا عريضا، وبعض العقارات والأملاك، و8 أبناء، أكبرهم «صالح» وهو الوحيد الذى ورث جمال الصوت عن أبيه.
الشاعر مسعود شومان الباحث والمتخصص فى الفنون الشعبية يقول: إن مشوار محمد طه من الغنى لنتوقف أمامه، فلم يكن مشوار كفاح فحسب، لكنه كان علامة فى تاريخ الغناء الشعبى فى مصر ويحتاج من الباحثين الوقوف أمامه لفصل ما هو مؤلف وما هو موروث، وفهم استخدام المؤسسات الرسمية لأصوات الفنانين الشعبيين فى قيادة توجهاتها، وكذا معرفة العلاقة بين المغنى وجمهوره، والإمساك بلحظات الارتجال التى تقودها المواقف، فضلا عن تدوين نصوصه المغناة وتصنيفها «مواويل بأنواعها- قصص موالية- أغانى شعبية- أغانى الأفلام.. إلخ ».
ويضيف شومان: «لقد أثرى محمد طه المكتبة الموسيقية برافد غنائى وموسيقى ربما انتهى لو لم يتصدر المشهد مدافعا عنه، وبعد رحلة زادت على خمسين عاما من الغناء والموسيقى، يرحل عن عالمنا فى 12 من نوفمبر 1996 تاركا إرثا غنائيا كان بمثابة البصمة التى وضعها على قلوب محبيه من البسطاء، الذين يستدعونه كلما احتاجوا إلى سماع صوت الحكمة والبهجة من جديد».
 
4
 

6
 

7
 

8
 

محمد-طه1
محمد طه
p
 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة