ربما يكون من ميزات العالم اليوم أنه لا توجد أسرار أو معلومات يمكن إخفاؤها، لا توجد أسرار أو مفاجآت، مع أهمية التفرقة بين الحقائق والتوقعات أو المعطيات، والحرب الروسية الأوكرانية تدور بما حولها من تفاصيل بشكل علنى، وانعكاساتها على الاقتصاد والسياسة واضحة، وتدخل عامها الثانى من دون آفاق للحل، وبالتالى فإن التعامل معها لا يتم من خلال معالجات وقتية أو مسكنات، لكن من خلال بدائل، يفترض أن تتم افتراضًا أن الوضع والصراع القائم بانعكاساته وتداخلاته مستمر لوقت آخر.
ومثلما كان هناك عداد لحالات «كوفيد 19» طوال عامين، هناك عدادات لأسعار الفائدة، والبترول، والغاز، والقمح، والغذاء فى بورصات العالم، يتابعه سكان الكرة الأرضية، ويتغير لحظة بعد أخرى، ضمن أزمة مركبة تختفى فيها سيناريوهات التوقع، وعنوانها «عدم اليقين»، وتفاعلات يصعب التنبؤ بنتائجها، وتمتد تأثيراتها إلى دول الاتحاد الأوربى وأمريكا وروسيا وأفريقيا وآسيا، وتلجأ الدول إلى إجراءات مصرفية ومالية، لخفض ورفع الفائدة، أو تعديل أسعار الوقود بما يضاعف من الشعور بوطأة أزمة لا يمكن إخفاؤها، ولها أبعاد سباق على النفوذ، وصراع اقتصادى ومحاولات تشكيل نظام عالمى، يحدد كل طرف موقفه.
من هنا يمكن النظر إلى الإجراءات الأخيرة التى تأتى بعد إجراءات سابقة بدأت منذ العام الماضى، فى أعقاب نشوب الصراع، وكانت الدعوة إلى التفرقة بين قلق مشروع من تضخم وارتفاعات أسعار، لا يمكن تجاهلها، وبين محاولة نشر الفزع ومخاوف المجتمع، ولهذا حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ إبريل الماضى، وبعد شهرين من الحرب، على أن يوجه الحكومة إلى حزم إجراءات وتعامل مع الأزمة، وعقد مؤتمر اقتصادى، والاستماع لآراء الخبراء، مع الحرص فى كل مرة على أن تكون الإجراءات الضرورية مرتبطة بحزم إجراءات تخفف من تأثير الأزمة، لجنة تسعير الطاقة أوقفت رفع أسعار البنزين مرتين، وثبتت سعر السولار أربع مرات، ونسب الرفع حسب إعلان اللجنة فى حدها الأدنى، ونفس الأمر فى أسعار شرائح الكهرباء التى وجه الرئيس الحكومة لتثبيتها ثلاث سنوات، أثناء كورونا، ومرة مع الحرب، رغم أنها ضمن إجراءات معلنة منذ 7 سنوات.
وما تم اتخاذه تطبيق لنظريات وآراء خبراء، رأينا فى الدول الكبرى الإجراءات الاقتصادية، رفع فائدة أو أسعار، تحفيض استهلاك أو دعم، توزيع أعباء، البنك الفيدرالى الأمريكى رفع الفائدة أكثر من مرة وانعكس هذا على اقتصادات العالم، البنك الأوروبى، ودول صناعية كبرى، أعلنت رفع أسعار الخدمات والطاقة بشكل كبير، بما رفع أسعار السلع الاستهلاكية.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، حرص فى كل مرة على تأكيد التقدير لمعاناة المواطنين، وأن أحدًا لا يمكنه إنكار ارتفاعات الأسعار وانعكاساتها، وبالتالى فقد قرر رفع رواتب الموظفين، 1000 جنيه، والحد الأدنى للأجور فى الحكومة بين 3500 - 7000 جنيه، وتم وضع حملة الماجستير والدكتوراه، ضمن المخاطبين بهذا، مع زيادة المعاشات 15%، وتكافل وكرامة 25%، ورفع حد الإعفاء الضريبى.
هذه الإجراءات تتعلق بملايين الموظفين، وتمثل خطوة لمعالجة آثار الأزمة، وفى نفس الوقت فقد كانت معالجة اختلالات الأسعار، بالتعامل مع العرض والطلب فى السلع الأساسية، من الزيوت والخبز والدجاج والأرز، بالشكل الذى يوازن العرض والطلب، من دون أن يؤثر على الصناعة المحلية، فقد تم توفير الأعلاف، ومعالجة الفجوات الإنتاجية، من خلال الاستيراد لحين استكمال الدورة الإنتاجية.
ومن جانب آخر، هناك سياسة التعامل طويل الأمد مع الأزمة وانعكاساتها، من خلال فتح مجالات وبدائل، ونسج علاقات اقتصادية وتجارية تتيح تنويع مصادر القمح والزيوت واللحوم بالشكل الذى يعالج أى مشكلات فى التوريد، بجانب تدعيم الزراعة بشكل ساهم فى توفير نسبة من القمح ضمن مشروعات زراعية فى مستقبل مصر وتوشكى، وغيرها.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، يحرص على مخاطبة المواطنين، وتقديره لمعاناتهم مع التضخم والأسعار، ويوجه الحكومة من ناحية بتوفير المعلومات والإجراءات بشكل واضح، والدفع نحو قرارات تخفف تأثيرات الأزمة، مع العمل ضمن استراتيجية البدائل، واستمرار العمل فى مبادرة حياة كريمة ودعم الصناعة والزراعة وفتح المجالات للقطاع الخاص، بما يعنى التعامل مع الأزمة من باب الفعل، وليس فقط رد الفعل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة