مع اقتراب عيد الفطر تتسابق العائلات في الجزائر على تحضير مختلف أصناف الحلويات، في مشهد مشابه لفترة استقبال شهر رمضان حين عرفت الأسواق ومحال بيع المواد الغذائية إقبالاً منقطع النظر.
غير أن هذه السنة وعلى رغم الاستنفار النسوي المسجل، تبقى الارتفاعات في الأسعار تتحكم في الأنواع والكميات المقرر تحضيرها، كما تقول ذلك "إندبندنت عربية".
وبعد الأطباق المتنوعة التي زينت موائد الجزائريين خلال شهر رمضان، جاء الدور على الحلويات من أصناف مختلفة تتنوع بين التقليد والعصرنة.
وتسهر العائلات على تحضيرها ترحيباً واحتفالاً بعيد الفطر، وتبقى الأنواع التقليدية سيدة المشهد أمام العصرية التي تزاحم بقوة لحجز مكان لها.
ويلاحظ المتجول في شوارع مدن الجزائر تغير واجهات المحال ومداخل الأسواق، وحتى السلع المعروضة لم تعد تلك التي تسابق المواطنون على اقتنائها خلال رمضان التي تخص الأطباق، ليتحول المشهد إلى استعدادات لاستقبال مناسبة جديدة... ولا حديث لدى سيدات المطبخ إلا عن مواد تحضير الحلويات، التي تعرف هذه السنة ارتفاعاً لافتاً أسوة ببقية السلع الاستهلاكية.
وفي السياق شرع عديد من الصفحات المختصة في تحضير الحلويات عبر وسائط التواصل الاجتماعي في تقديم عروض لصالح النساء العاملات، وأخرى "وصفات" لمختلف أنواع الحلويات التقليدية، الأمر الذي أحدث زخماً كبيراً على الفضاء الأزرق تقوده المرأة من دون منازع.
وتشتهر "مائدة العيد" أو "سينية العيد" كما تسمى لدى الجزائريات، بأنواع كثيرة من الحلويات بين ثمانية إلى 15 صنفاً تختلف بين التقليدية والعصرية، وهي توضع بشكل تتوسط إبريق القهوة والشاي وأيضاً المشروبات المختلفة والمكسرات.
وتقول مديرة إحدى مدارس تعليم فن الطبخ في الجزائر العاصمة صفية هاني، إن ظهور حلويات عصرية بشكل متنوع لم يتمكن من إسقاط الحلويات التقليدية التي لا تزال سيدة مائدة الأعياد والأفراح.
واعتبرت أن تغير التركيبة السكانية مع رحيل كبار السن وسيطرة الشباب، فتح الأبواب أمام حلويات "دخيلة" على الجزائريين، وأغلبها قادمة من الشام وبعض الخليج، لكن ذلك لم يؤثر في جزائرية مائدة العيد، مبرزة أن التنوع محمود لكن التمسك بالتقاليد أمر مهم.
وتابعت هاني "على رغم الأسعار التي تواصل الارتفاع إلا أن ذلك لم يمنع الأسر من التفنن في طهي ما لذ وطاب من الحلويات"، مضيفة أن هناك من النساء بخاصة العاملات من يلجأن إلى طلب حلويات من مدارس الطبخ أو من نساء ماكثات في البيت يحضرن ألذ وأجود الأنواع، أو المحال المختصة في هذا المجال، على اعتبار أن الوقت ليس في صالحهن بسبب ارتباطات العمل. وأوضحت أن هناك عائلات لا تزال متمسكة بالأعراف وتحضر مختلف الأصناف بمشاركة أفرادها، تتنوع بين التقليدي والعصري.
ومن أهم الحلويات التقليدية، "البقلاوة" التي يتم تحضيرها عن طريق عجينة مكونة من السميد وقليل من الزبدة وملعقة صغيرة من الملح ومزيج من الماء وماء الزهر، يتم وضع طبقات من العجينة في إناء من الألمنيوم وغالباً ما يكون عددها ما بين سبعة إلى 12 طبقة، ويتم حشوها باللوز والجوز وقليل من السكر والزبدة والعسل وماء الزهر، وبعد بطهيها في الفرن يسكب العسل الساخن حتى يبرد وتصبح جاهزة.
و"المقروط" أو "المقرود" وهو من الحلويات التقليدية التي تصنف في المرتبة الثانية بعد "البقلاوة" بالنسبة إلى الجزائريين، ويحضر بالسميد الخشن محشواً بعجينة اللوز أو التمر، ثم يقطع على شكل هندسي معين قبل قليه في الزيت بعدها يسكب عليه العسل.
و"الصامصة" تحضيرها يتم بخلط اللوز والسكر الأبيض وماء الزهر وقشور البرتقال في وعاء عميق، وتخلط كل المكونات مع بعضها بعضاً حتى تتماسك العجينة، تؤخذ كمية منها لتوضع في أوراق ثم تطوى بشكل مثلثات، وتقلى في الزيت، وحين تبرد يتم نقعها في خلطة اللوز أو الجلجلان قبل التقديم.
إلى ذلك تعتبر أستاذة اللغة العربية في إحدى المدارس الابتدائية بالشراقة أمينة بوعلي أن الحلويات العصرية كلفتها مرتفعة، وبالنظر إلى أسعار المواد التي تدخل في تحضير الحلويات. لذا بقي اللجوء إلى الحلويات التقليدية أمراً لا مفر منه، مضيفة أن هذه المناسبات أصبحت فرصة لدى كثيرات من أجل تحقيق أرباح، إذ تنتعش صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات تعرضها المحال المتخصصة في صناعة الحلويات التقليدية والعصرية، وكذا النساء الماكثات في البيت، لكن وبسبب أسعارها الغالية يتجنبها كثير من الأسر، ليبقى تحضير كميات صغيرة لأنواع وأصناف محددة في البيت هو الحل الوحيد أمام تدهور القدرة الشرائية.