بيشوى رمزى

المنظمات الدولية.. ومحاولات تعزيز التكامل الدولي

الجمعة، 21 أبريل 2023 10:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الحاجة إلى التكامل".. شعار يبدو مفروضا على الساحة الدولية والإقليمية، في ظل العديد من المستجدات، التي يشهدها العالم، والتي لا تقتصر في واقعها على الصراعات التقليدية، والتي تتجلى بوضوح في الأزمة الأوكرانية، وإنما تمتد إلى بزوغ أزمات أخرى، ذات طبيعة مستجدة، على غرار الوباء الذى ضرب العالم في الأعوام الماضية، أو الكوارث الطارئة، كالزلزال في سوريا وتركيا، أو حالة الصراع مع الطبيعة، في ظل ظاهرة التغيرات المناخية، التي تبدو في حاجة ملحة إلى تدخل دولي جماعي سريع، لإنقاذ الكوكب بأسره من خطر داهم، ربما يأكل الأخضر واليابس، حال الفشل في احتواءه، أو تحقيق التوافق حول الكيفية التي يمكن بها التعامل معه، في ظل خلافات كبيرة، بين دول العالم المتقدم والنامي، حول الالتزامات الواقعة على عاتقها.
 
إلا أن حالة التكامل ربما لا تقتصر على الدول، وإنما باتت ممتدة إلى العمل داخل المنظمات، سواء في صورتها الإقليمية، أو في علاقتها مع المنظمة العالمية الأكبر، بعد سنوات من العمل، ربما اتسم بقدر كبير من الأحادية، اعتمدت فيها القوى الدولية الكبرى (الولايات المتحدة) على إضفاء الشرعية الدولية على تحركاتها، عبر الأمم المتحدة، بينما عانت المنظمات الأخرى قدرا كبيرا من التهميش، رغم ما تملكه بعضها من خبرات كبيرة، يمكن الاستعانة بها، ليس فقط على المستوى السياسي، وإنما أيضا فيما يتعلق بالجوانب الأخرى، كالثقافة والمجتمع، وهو ما ساهم بصورة كبيرة في اندلاع حالة من الفوضى الدولية، في الكثير من المراحل، ربما تجلى أبرزها في منطقة الشرق الأوسط، خلال العقود الماضية.
 
فلو نظرنا إلى التحركات الدولية الأخيرة فيما يتعلق بالأزمة الأخيرة، ربما نجد أن ثمة نهجا جديدا يعتمد فكرة "تكامل الأدوار" بين المنظمات الدولية، وهو ما يبدو في الاجتماع الذى انعقد الخميس، بين الأمم المتحدة، والجامعة العربية، والاتحاد الإفريقى، والاتحاد الأوروبي، ناهيك عن كبار المسؤولين بعدة دول، وعلى رأسهم وزير الخارجية سامح شكري، وهو ما يمثل خطوة جديدة، في أسلوب عمل مثل هذه التنظيمات، والتي تمثل أهمية كبيرة في العمل الدولي، رغم ما يلاحقها من اتهامات حول تراجع دورها، ليكون العمل الجماعي وسيلة مهمة للقيام بدور أكبر، سواء فيما يتعلق بعلاج الأزمات القائمة، من جانب، أو تعزيز التعاون الدولي وتحقيق التكامل بين الدول، في مختلف أقاليم العالم من جانب أخر.
 
ولعل الحديث عن الأزمات الجديدة والمستحدثة التي تواجه النظام الدولي، وتزامنها مع تجدد الصراعات التقليدية، واتساع محيطها الجغرافي، عبر الامتداد إلى أوروبا، في ظل الأزمة الأوكرانية، بات يتطلب قدرا كبيرا من العمل الجماعي، بين الدول، مدعوما من قبل المنظمات الدولية، وهو الأمر الذي تجلت إرهاصاته بصورة كبيرة، في أزمة كورونا، خاصة وأن العمل الإنساني بات أحد أهم الأولويات التي ينبغي أن يرتكز عليها العمل في مثل هذه المنظمات، في المرحلة الحالية، وهو ما يبدو في طبيعة النداء الذى أطلقه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، من أجل إرساء هدنة في السودان خلال أيام عيد الفطر المبارك، والذى ارتكز إلى حد كبيرة على مناشدة أطراف الأزمة من منطلق إنساني بحت، بعيدا عن المواقف السياسية من أطراف الأزمة، وهو النداء الذى دعمه سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
 
وللحقيقة، يبدو الخروج من عباءة السياسة المطلقة، رغم الطبيعة الدبلوماسية التي يحظى بها عمل المنظمات الدولية، في الآونة الأخيرة، أحد السمات المميزة، التي تمثل ثمرة من ثمار حالة المخاض التي يشهدها المجتمع الدولي، وهو ما يبدو بصورة كبيرة، ليس فقط في الأزمة الأخيرة، وإنما في العديد من المشاهد الأخرى، التي تحول فيها مسار الخطاب الدولي من الصيغ الدبلوماسية والسياسية المعتادة، نحو جوانب إنسانية تارة وربما اقتصادية واجتماعية تارة أخرى، منها على سبيل المثال مؤتمر القدس الذي انعقد في فبراير الماضي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي في جامعة الدول العربية، والذي اعتمد التنمية كآلية جديدة لصمود أهل المدينة المقدسة.
 
الحالة الراهنة، والقائمة على ما يمكننا تسميته بـ"تأنيس" الدبلوماسية الدولية، يمثل الوجه المعاكس لما شهدناه في العقود الماضية، من "تسييس" المفاهيم، وعلى رأسها حقوق الإنسان، وهو ما يبدو حتى في المشهد السوري والتركي الأخير، في أعقاب كارثة الزلزال، عندما تجاوزت العديد من الدول خلافاتها السياسية، من أجل احتواء الكارثة، والتي راح ضحيتها ألاف البشر، فيما أسماه البعض بـ"دبلوماسية الأزمة".
 
وهنا يمكننا القول بأن النهج التكاملي، الذى تبدو إرهاصاته في عمل المنظمات الدولية، بعيدا عن سياسة "الجزر المنعزلة" الذى هيمن على المشهد لسنوات طويلة، يمثل منطلقا مهما لتفعيل دورها، والذي يبدو محوريا في تعزيز الجماعية الدولية، من جانب، بينما يحمل في طياته جانبا يتجاوز السياسة التقليدية، نحو العمل في إطار إنساني، بالإضافة إلى كونه يمثل بادرة لتشجيع حالة من التكامل بين أقاليم العالم، لتحقيق أكبر قدر من الانفتاح الذي من شأنه تعزيز قدرة الدول على مواجهة الأزمات بصورتها المستحدثة.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة