المفتى : توثيق الطلاق ينبغي أن يتم بعد التحقق من ثبوته وفق ما يتطلبه القانون
أكد الدكتور شوقى علام ، مفتى الجمهورية، أن الاعمال الفنية الهادفة لابأس بمشاهداتها ، وحسم المفتى الرأي الشرعى فيما يخص الخلع في مصر، وأيضا اختلاف الفتوى في المسألة الواحدة ، بالإضافة إلى كيفية حماية أبنائنا من نشر فكر الشذوذ في مجتمعاتنا ، وذلك في حوار لليوم السابع ، إلى نص الحوار:
- لا شك أن الفن له رسالة هادفة وأحيانًا تكون رسالته سلبية.. لكن مؤخرًا أنتجت الشركة المتحدة مسلسل رسالة الإمام لتناول حياة الامام الشافعي.. فما رأيك في مثل هذه الأعمال وهل شاهدت حلقات من المسلسل؟ إن الأعمال الفنية الهادفة التي تعرض الأحداث التاريخية والدينية أو التي تعالج القضايا المجتمعية، وأهمها الأفكار المتطرفة من الوسائل المحمودة وتأثيرها كبير على العقل والوعي، ولا بأس بالفن الهادف المنضبط بالضوابط الأخلاقية والشرعية والقانونية ما دام يرقى بالمشاعر ويهذِّب النفوس ويبني الإنسان، ولا بأس من مشاهدته ومتابعته طالما لم يتعارض مع أداء الواجبات الأخرى.
- لماذا قد نري في بعض المسائل اختلاف في الفتوي في المسألة الواحدة ما بين دار الإفتاء ولجنة الفتوى بالأزهر ومجمع البحوث .. هل هذا تضارب أم مراعاه
لمصلحة المستفتي؟
هناك قواعد وضوابط وضعها العلماء بأنه لا يُنكر المختلف فيه وإنما يُنكر المتفق عليه، فلا يصح بأي حال من الأحوال أن أعتبر صحة رأيي فقط وخطأ رأي غيري، فكل المجتهدين يجتهدون من أجل الوصول إلى مراد الله عز وجل وكلٌ له مقدماته وأدلته وبراهينه بما يغلب على الظن؛ فالمذاهب الإسلامية واختلاف العلماء رحمة بالأمة، وهو ظاهرة إيجابية لأن هذا الاختلاف الفقهي له ما يبرره شرعيًّا وعلميًّا.
كما أن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأشخاص والزمان والمكان، وبالتالي من الممكن أن يكون هناك فروقات عند إصدار الفتوى مراعاة لواقع المستفتي وحاله.
- هل الخلع مطابق للشرع؟
نعم الخلع لا يتعارض مع الشرع حيث إن الطلقة الواقعة بالخلع تحسب طلقةً بائنةً، فإذا كان الخلع غير مسبوق بخلع أو طلاق أو كان مسبوقًا بخلع أو طلقة واحدة: فهو طلاق بائن بينونةً صغرى لا تعود فيه المرأة إلى زوجها إلا بعقد ومهر جديدين، أما إذا كان الخلع مسبوقًا بطلقتين أو طلقة وخلع أو بخلعين: فهو طلاق بائن بينونة كبرى لا تحل فيه المرأة لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره ويدخل بها ثم يطلقها بعد ذلك، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء، وعليه العمل في الديار المصرية إفتاءً وقضاءً.
وقد سار القانون المصري على رأي الجمهور؛ فنص في المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000م على: [ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن] اهـ.
- حكم من يطلق زوجته ويرفض توثيقه لإذلالها؟
الإذلال مرفوض بالقطع، فالعلاقة الزوجية علاقة قوية ومتينة قائمة على المودة والسكن، أما العنف الأسرى يتعارض مع مقاصد هذه الحياة الخاصة في طبيعتها حيث مبناها على السكن والمودة والرحمة، بل يُهدِّد نسق الأسرة بإعاقة مسيرتها وحركتها نحو الاستقرار والأمان والشعور بالمودة والسكينة، ومن ثَمَّ تحويلها لتكون موطنًا للخوف والقلق والشجار المستمر ونشر الروح العدوانية، فضلًا عن مخالفة هذا العنف لتعاليم الإسلام؛ فقد حث الشرع الشريف على اتِّباع الرفق ووسائل اليسر في معالجة الأخطاء.
وأما توثيق الطلاق فينبغي أن يتم بعد التحقق من ثبوته وفق ما يتطلبه القانون.
- هناك خطة عالمية لنشر الشذوذ من خلال مسلسلات وألعاب الأطفال ..كيف نحصن أبناؤنا من ذلك؟
الأسرة هي المَحضن الأول الذي يتربَّى وينشأ فيه الأبناء، والوالدان هما اللذان عليهما المُعَوّل في صلاحهم ووقايتهم من الانحراف، وحفظهم من الضياع؛ كما حَثَّ الشرع الكريم الأبوين على أن يغرسوا في أبنائهم محاسن الأخلاق؛ فتربية الأبناء على الآداب الحسنة خير لهم في الحال والمآل من العطايا؛ وقد يتعرض الأبناء -خاصة في مرحلة المراهقة- إلى التأثر السلبي في أخلاقهم، وعاداتهم، وتصرفاتهم بالتصرفات الخاطئة لبعض أصدقائهم أو بعض المؤثرات الحياتية كمواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت وغيرها، وذلك يستلزم جهدًا حثيثًا من الآباء والأمهات لحماية أبنائهم؛ ويمكن إيجاز دور الآباء والأمهات -لتفادي ذلك- في عدة محاور أساسية، وهي:
أولًا: أن يكون الأبوان على قدرٍ عالٍ من الأخلاق والسلوك؛ حتى يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم.
ثانيًا: التربية والتنشئة الصالحة على مبادئ الإسلام وتعاليمه؛ فالابن ينشأ على ما يغرسه فيه أبواه.
ثالثًا: أن يحرص الأبوان على أن يزرعا في أبنائهما محاسن الأخلاق منذ الصغر.
رابعًا: أن يقوم الأبوان بوضع أبنائهم تحت الرعاية الدائمة نُصْحًا، وتوجيهًا، وتعديلًا لسلوكهم؛ مما يجعلهم على اتصال دائم بهم، وقد كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يعلم الصغار، ويؤدّبهم بلطفٍ ولينٍ.
خامسًا: أن يشغل الآباء والأمهات أوقات فراغ أبنائهم بكل ما هو مفيد؛ فلا يخفى أنّ الفراغ سبب في وقوع الكثير من المصائب، والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
سادسًا: حرص الوالدين على تَخَيُّر صُحبة أبنائهم؛ فإنَّ للصحبة والصداقة تأثيرًا كبيرًا على شخصية المرء؛ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» رواه الترمذي في "سننه".
- أثيرت مؤخرًا قضية تعدد الزوجات والبعض قال إنه حق أصيل للرجل بل أن الأصل في الزواج التعدد.. فما الرأي الصحيح في تلك القضية؟
إن مسألة تعدد الزوجات ينبغي أن نفهمها في ضوء الآية القرآنية من سورة النساء: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ والتي تُظهر أن الإباحة موجودة ولكن مشروطة بوجود مبرر قوي أو حاجة إلى التعدد؛ فالتعدد جاء لعلاج مشكلة اجتماعية ربما تختلف حسب الزمان والمكان؛ ولذلك ينبغي أن يكون التعدد تحت وطأة مبرر قوى معتبر، مع تحقق العدل، والزوج مسئول أمام الله في عدم التزامه بهذا العدل؛ وكذلك الميل القلبي لا يجوز أن يكون مؤثرًا في الحقوق والواجبات.