تحتضن محافظة كفر الشيخ، نحاتا وفنانا تشكيليا، صمم الكثير من التماثيل لكبار الشخصيات، وبرغم شهرته فى مصر وخارجها، فإنه أبى أن يترك قرية "إبشان مركز بيلا"، التى نشأ بها وتربى وسط الطبيعة الخلابة التى شكلت شخصيته الفنية وشكلت تجربته، فأصبحت"ابشان" بالنسبة للنحات السيد عبده سليم، خزاناً بصرياً لا ينضب، الذي أصبح مقصداً للفنانين العرب والأجانب، يعرفه أهل إبشان لاحتكاكه يوميا بالناس والجلوس معهم والتحدث بالذكريات.
ولد عبده سليم فى ابشان عام 1952 وحصل على شهادة الدكتوراه فى الفنون من كلية الفنون بالقاهرة، تدرج فى المناصب بالجامعة حتى وصل لعمادة كلية التربية النوعية بكفر الشيخ، والأستاذ المتفرغ لها، وأقام أول أتيليه للنحت فى مصر تحديدا صهر البرونز والذى أصبح مكانا لتعليم أبناء قريته تلك الحرفة الصعبة فى تقنيات صب البرونز والقوالب النحتية فقد اشتهر بلقب فنان النصب التذكارية والميادين.
قال الدكتور عبده سليم، إنه ابن الطبيعة بما تحمله قلوب أهلها من الفطرة والنقاء وبما يسكن عقولهم من الخرافات والأساطير، فكانت القرية بعيدة عن منزله على ربوة يفصل بيننا وبينها مسافة طويلة اكتست الأرض فيها بحلتها الخضراء، كانت تعاملاته مقتصرة على أشقائه وبعض الأصدقاء بالمدرسة، وكان أثناء طريقه للمدرسة وعودته يطلق عنان فكره سابحا فى عالم من خيال أبطاله نفس أبطال حكايات جدته والأساطير الموروثة فبذرت بذورها فى عالم اللاوعى لديه وأخذت فى النمو حتى أثمرت وحان حصادها عند إلتحاقه بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية.
وأضاف سليم، لـ"اليوم السابع": بدأت فى عمل مجموعه من أعمال الفخار، وكان تمثال بإسم " قارئة الفنجان "وتم عرضه فى قاعه النيل بباب اللوق وتم نشر صور المعرض بجريدة الأهرام والمساء، ومن هنا بدأت الأنظار تلتفت إلى فنان شاب لأعماله طابع خاص متفرد، ثم بعدها بدأ فى عمل مجموعة أعمال كبيرة من الطينة الزراعية المحروقة والملونة بالأكاسيد، وأقام منها 7 معارض محلية، مؤكداً أنه لم يلتفت أحد لتلك الأعمال سوى مدير قصر ثقافة كفر الشيخ واشترى عملين أحدهما تمثال " قارئة الفنجان "، وحدث له وقتها إحباط شديد فترك المعرض المقام عائداً إلى مسقط رأسه بلدته الحبيبة "إبشان" ليحصل على لقمة العيش اتجه لرسم اللوحات وخلفيات للمصورين الفوتوغرافيين وعمل بالديكور بعض الوقت وشغل المقاولات وشعر وقتها إنه انتهى كفنان.
وقال سليم، كنت أحلم بعمل مرسم لأنتج فيه أعمالى وأضفى عليه من روحى مازال يطاردنى بين الحين والأخر، وتمنيت كثيراً أن أكون فنانا له دور فى الحركة التشكيلة متخذا أساتذتى قدوة له فى هذا المضمار، وهروباً من الجو العام وقتها سافرت إلى السعودية أملآ عند عودتى أن استرجع حياتى مع الفن مرة أخرى، مضيفا: وبالفعل عند عودتى وجدت ما تطمح إليه نفسى، مؤكداً أنه شارك بالمعرض المقام فى قصر الفنون بالأوبرا وكان أول افتتاح لوزير الثقافة فاروق حسنى 1989 الذى انبهر بتمثاله المشارك بالمعرض لما يحمله من تجربة شديدة الخصوصية تعبر عن الميثولوجى والفلسفة المصرية القديمة مضيفا عليها ذاته، مشيراً إلى أنه حالفه الحظ بنقش لإسمه كثالث نحات لدخول عالم النحاس المطروق بعد النحاتين جمال السجينى ومحمد رزق.
وأضاف سليم: فترة التكوين كانت مسألة أن يكون له أسلوب خاص به، أمر فى غاية الصعوبة وخاصة دون أن يتأثر بشخص أو فن معين وتوصل لكى يُكون نفسه عليّه أن يرسم ما يريده حسب معرفته وقدراته وإمكانياته وهنا يًؤكد بصمته حتى وإن كانت هذة الإمكانيات يشوبها العجز لكنها هى الخصوصية حتى وإن لم تصل إلى الكمال، وتابع: أفرزت تجربتى الفنية عن جيل من الفنانين الشباب الذين ساروا على دربى بعيدا عن الواقع الذى يعوق الفن ويخمد الإبداع، فأسلوبى الفنى نتاج حكايات الجدة والأب والأم والأساطير.
وأضاف سليم أنه فى أحد زياراته لإيطاليا وفرنسا وجد جناحاً خاصاً بالفن المصرى القديم به أعمال منذ أكثر من 3 آلاف سنة مصنوعة من النحاس الأحمر والمعدن، ففكر فى عمل مسبك بخامات مصرية، وتحولت إبشان من بلد ريفية جميع أهلها يزاولون مهنة الزراعة إلى مزارا سياحيا ومرسم مجانيا، بفضل مرسمه ومسبكه الذى كان بمثابة الشرارة الأولى لجميع المسابك وإنتشرت تقنية البرونز بفضل محاولاته الأولى، مؤكداً أن الفن يؤرخ الحياة فمن خلاله تعرفنا على جميع الحضارات عن تاريخ الفن المصرى القديم من خلال النحت البارز والغائر والمستدير والغائر والمسطح والتماثيل والجداريات.
وأضاف سليم، أن أعماله الخاصة أكثر من 200 تمثال موجودة بميادين القاهرة والجيزة " نجيب محفوظ، طه حسين، أحمد شوقى، ومصطفى كامل تمثال من الجرانيت عند مكتبة الإسكندرية، مؤكداً أنه كان أول نحات يمثل مصر فى سمبوزيوم أسوان مع النحات خالد زكى والنحات صلاح حماد، وله 25 عمل فى ميادين مصر وكفرالشيخ، وتمثال السادات بمدينة السادات، وتمثال أحمد زويل الموجود فى كفر الشيخ مدينة دسوق، وقام بعمل أضخم عمل تم تنفيذه فى مصر والشرق الأوسط على الإطلاق، طوله ستة أمتار ويزن سته طن وهو تمثال للعقاد وكذلك صمم تماثيل لكلا من مصطفى مشرفة، وأحمد زويل، وبنت الشاطئ، وسليم حسن وكريستين دروش، وثروت عكاشة، وخرجوا تشافيز، ومرسى عطاالله، وعفيفى مطر، ومصطفى كامل، وأم كلثوم، وممدوح المتولى، وعبدالمنعم مطاوع، ومحمد متولى الشعراوى، وأحمد لطفى السيد، ومحمود مختار، وهوجو تشافيز، ومحمود ابو الليل ومحمد سلماوى، وأحمد زويل.
قال الدكتور عبده سليم، إنه أقام هذا المسبك الضخم على نفقته الخاصة ومن واقع شعوره كمثال بأهمية وخطورة تنفيذ الأعمال الفنية بخامة البرونز، وفى الوقت نفسه حتى يستطيع أن يصب أعماله ذاتها وأعمال الزملاء والفنانين الذين سارعوا بإرسال تماثيلهم لعمل نسخ برونزية منها وعلى رأسهم فنان مصر الكبير آدم حنين وأحمد سطوحى وصبحى جرجس وأيضاً مصطفى الرزاز وآخرون مما جعله يشعر بمقدار حاجة الوسط التشكيلى إلى مثل هذا المركز علماً بأن مراحل صب التماثيل البرونزية تصل إلى 18 مرحلة لكل منها أهميتها.
وأضاف سليم، أنه درب مجموعة من خريجى الفنون والتربية الذين يقدرون أهمية الدقة والمهارة والفنية فى العملية بجميع مراحلها منهم فنيون وفنانون مثقفون، مؤكداً أنه اعتمد على مجموعة من العناصر الأساسية فى تشكيل وبناء عمله الفنى من خلال الارتكاز على الموروث الشعبى من حكايات وأساطير يتم تداولها بين الناس، إلى جانب ارتكازه على الموروث الفرعونى فى النحت من حيث إعادة إنتاج تلك الأساطير بمخيلة جديدة ليتم تداولها بين الناس ومن أهم المفردات التى تناولها الطيور والقطط والسيف والهلال والنجمة وصولا إلى النقوش الفرعونية وبعض المفردات الدينية كالبراق ودلالاته فى الدين والأسطورة أى الحيوان المجنح.
أحد أعمال الفنان السيد عبده سليم
أحد أعمال الفنان السيد عبده سليم
احد اعمال الفنان عبده سليم
احد اعمال سليم تم وضع فى ميدان بالاسكندرية
احدى اعمال الفنان السيد عبده سليم
احدى اعمال الفنان سليم الرائعة
احدى الاعمال الرائعة لسليم
الدكتور عبده سليم اثناء تصميمه احدى ابدعاته
تمثال الشيخ محمد متولى الشاعر
تمثال عباس محمود العقاد
تمثال مصطفى كامل من اعمال الفنان سليم
تمثال معبير عن بعض الشخصيات
جانب من ابداعات الفنان سليم
جانب من محتويات مرسم السيد عبده سليم
سلينم اثناء تصميمه أحد التماثيل
لوحة متميزة للفنان السيد عبده سليم
مشاركة سليم فى احد المعارض
من ابداع سليم النمتاميزة
من اعمال الفنان سليم
نجيب محفوظ وعبده سليم