أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصدارات سلسلة التراث الحضاري، كتاب «فنون المنون في الوباء والطاعون»، لـ «جمال الدين يوسف بن أَحمد بن عبد الهادِي المعروف بـ (ابن الـمبرد) الـمتوفى سنة (909هـ / 1503م)، وتحقيق ودراسة الدكتورعثمان علي عطا، والدكتورعيد فتحي عبد اللطيف.
وتقول سلوى بكر، رئيس تحرير سلسلة التراث الحضاري، في تقديمها للكتاب: « كتاب "فنون المنون في الوباء والطاعون" ليوسف بن عبد الهادي، كتب خلال القرن السادس عشر الميلادي وتناوله الكاتب من أكثر من منظور يتعلق بهذا المرض، وفي التحقيق والدراسة المفصلة التي قام بها الباحث الدكتور عثمان علي عطا يستبين كيف كان هذا المرض الوبائي هاجسًا ليس عند يوسف بن عبد الهادي فقط، ولكن لدى كم كبير من المؤرخين المسلمين، حيث تعرضوا لآثاره الاقتصادية والاجتماعية عبر فترات تاريخية مختلفة، ويجب التنويه هنا إلى أن جهد الدكتور عثمان علي عطا في هذا الجانب أثرى كتاب يوسف بن عبد الهادي كثيرًا، وقدم إضافة هامة لهذا الكتاب، وأظن أن هذا الكتاب يأتي في سياق نعيشه الآن وهو يتعلق بوباء كوفيد 19 الذي ما زال يعصف بعالمنا المعاصر ويعوق مسيرته».
فيما أوضحا محققا الكتاب: «توجد أسباب عديدة لقيامنا بتحقيق المصنف ونشره، دون غيره من الكتب والمؤلفات، منها: سعة علم المصنف واهتمامه بالناحية الطبية بشقيها العلاجي والوقائي، وبعد - على حد علمنا - أنه أول من اهتم وكتب في التغذية العلاجية المواجهة الأوبئة من غير الأطباء، ولقد ساعده علمه الموسوعي في ذكر أراء الأطباء في بعض المسائل الخاصة بالوباء وانتشاره وكيفية مواجهته، والتي تنفق أو تتعارض مع ما أقرته الشريعة الإسلامية الغراء، وناقشها ورد عليها وخصص لهذا بعض الفصول في مصنفه.
ومن العجيب أن المؤلف حاول جهده ذكر بعض الإرشادات الطبية والوصفات العلاجية، وذكر بعض الأغذية التي تنفع الإنسان عند تناولها في مواجهة بعض الأوبئة والطواعين، وبعض هذه الإرشادات التي تناولها المؤلف في كتابه، قد أقرها علماء الطب الحديث، وحثوا على ضرورة تنفيذها مثل التباعد الاجتماعي - ولكنه حذر من الإفراط فيه، وأهمية الحالة النفسية والمعنوية للوقاية والعلاج من الوباء، وهو ما ظهر وتبدى الآن في مواجهة كورونا، وأثر الإفراط في التباعد الاجتماعي على الإنسان وأثره في نفسيتهم، وبعضها ما زالوا يبحثون عنه؛ ليتحققوا من صحته مثل إشارته إلى (أن الوجع والوباء مرض كسائر الأمراض التي تصيب الناس من الطبائع وغلبة بعض الأمشاج)، ويقصد أن سبب الإصابة بالوباء يرجع إلى فساد في الطبيعة ويرجع أيضا إلى طبيعة تكوين الجنين في رحم الأم، أي أن هناك عاملا وراثيا للإصابة أو النجاة من الوباء.
وأيضا من دواعي اختيارنا لهذا المصنف أنه يعد موسوعة علمية حيث تناول موضوع الوباء من وجوه عديدة منها: الشرعية والطبية والاجتماعية والوعظية والأدبية والتاريخية، وبهذا تميز عن المصنفات التي سبقته والتي تناولت معظمها ناحية واحدة فقط من الموضوعات المتعلقة بموضوع الوباء، كما لم يتعرض أحد قبله للناحية الطبية بهذا التفصيل والتوضيح - على حد علمنا - كما تميز هذا المصنف بظهور شخصية المؤلف حيث كان يذكر بعض الآراء سواء الطبية أو غيرها، أو روايات الأحاديث، أو تفسير بعض الآيات، ثم يعقب عليها بالموافقة أو الترجيح، أو المخالفة، أو التعليل».