بمناسبة ما نواجهه من متابعات لأعمال درامية ومسلسلات، ربما تلفت النظر دائما إلى أن المشاهد منا غالبا ما يكون قادرا على متابعة الأعمال الدرامية وينفعل بها ويشعر أحيانا أنه شريك للأبطال أو يتقمص أحدها أو بعضها، لكنه فى كل الأحوال يجلس بحياد وهدوء ليتابع آخرين، قد يشعر بالتصاعد الدرامى والصراع أو يضحك أو ينفعل وقد يتعاطف مع حالة إنسانية أو درامية، وما زلت مع عمل مهم من الأعمال التى تقدم هذا العام وهو الكتيبة 101 والذى يتضمن توثيقا كبيرا لأحداث وأشخاص ضباطا ومواطنين من سيناء استشهدوا أو أصيبوا يجسد أدوارهم فى الدراما ممثلون لكن صورهم لا تزال ماثلة فى الذاكرة لكن الأحداث تعيد تذكيرنا أننا ونحن نتفرج بهدوء وأمان نعيش حالة من الطمأنينة تجعلنا ننفعل مع هؤلاء وهذه الطمأنينة إنما دفع ثمنها هؤلاء الذين يعيد المسلسل تذكيرنا بهم، وكيف أنهم قدموا حياتهم بشكل اختيارى حتى يواجهوا ويقضوا على واحد من أكثر التنظيمات الإرهابية عنفا وشراسة.
فالجنود المقاتلون والضباط وأهالى سيناء كانوا يعيشون على خطوط النار ويتعاملون مع إرهابيين من نوع خاص ويخوضون حربا تختلف عن حروب سابقة فى أنهم يواجهون عدوا «ذائبا» وسط الناس يعيش بينهم ويأكل معهم ويسير صباحا أمامهم لكنه ينقض بخسة فى المساء ليدمر وينسف ويقتل.
ووصل الحال بالإرهابيين أنهم قرروا أن يعاقبوا كل من يعارضهم أو يعترض عليهم أو يقاومهم، يقتلون ويحرقون ويذبحون ويفجرون لإرهاب الناس وهو ما دفع أهالى سيناء إلى خوض الحرب للنهاية وبيقين أنهم إنما يدافعون عن وطنهم وأرضهم ومصالحهم، ويخوضون حربا من أجل إنهاء التهديدات التى وصلت إلى أبواب بيوتهم.
وأقول هذا ربما لأن إحدى منصات دعم الإرهاب، التى تتستر خلف ستار حقوقى فعلت تقريبا مثلما فعل الإرهاب، فهذه المنصة لم تضبط متورطة ولو على سبيل الخطاب فى إدانة الإرهابيين أو العمليات الإرهابية، بل إنها تورطت مع منصات إرهابية صريحة فى الدفاع عن الإرهابيين، بل ومهاجمة القوات التى تحارب من أجل أمانهم هم وغيرهم، وروجت فى وقت ما إلى أن القوات المسلحة تضغط لتهجير السكان وأنها بينما تضحى برجالها إنما تفعل ذلك ضد إرادة أهالى سيناء، هذه المنصة وتحت زعم تقديم نقد فنى، خلطت بين التعامل مع عمل توثيقى، وبين إعادة مهاجمة القوات التى خاضت الحرب ضد الإرهاب على مدار عشر سنوات ودفع شباب البلد أرواحهم وأجسادهم من أجل أن يعيش، هذا الذى يكتب نقدا لعمل ويدافع عن الإرهاب ويحاول التقليل من جهد وأرواح ليست أرقاما لكنهم جنود وضباط وصف ومواطنين خاضوا الحرب وعانوا من الفقد والتهديد، وصمدوا من أجل أن يعيش صديق الإرهاب ويكتب هراء بزعم النقد الفنى فيسفر عن عداء وادعاء وكذب اعتاد هو ومنصات دعم الإرهاب طوال عقد كامل وقبض وما زال ثمن الدفاع بشكل مباشر أو غير مباشر على الإرهاب والتطرف، بالرغم من ادعائه أنه يدعم الحرية الشخصية، وللمفارقة أن هذه المنصات كانت تروج دعايات مزدوجة لصالح الإرهاب، فهى تقلل من جهد الأبطال فى مواجهة أكثر التنظيمات الإرهابية دموية، ثم تتبنى خطاب التنظيمات الإرهابية وتدافع عن الإرهاب بمزاعم آلإخلاء القسرى أو الأضرار، وكانت تستند إلى مصادر مجهلة هى فى الغالب نفس التنظيمات وظهيرها الإعلامى هذه المنصات التى تشعر بالحزن لهزيمة الإرهاب، وتشعر بحزن أكثر عندما ترى الرواية الأصلية للحرب على الإرهاب، وتكشف عن تحالفات وخيانات من أبناء سيناء ليس للدولة ولكن لأهاليهم الكبار، وتورط بعض الإرهابيين فى اغتيال عمه شيخ القبيلة «موسى» لأنه خاض حربا هو وأبناؤه فى مواجهة الإرهابيين، ويكشف العمل 101 عن علاقة أحد الخونة «وحيد» بالتنظيمات الإرهابية وكيف بدأ مهربا للسلع والسلاح والمخدرات والبشر، ثم انضم للتنظيم الإرهابى، وقدم قربان انضمامه للتنظيم رقبة عمه وابن عمه، وذبحهما بدم بارد من أجل أن يضاعف من أرباحه ويتولى القيادة فى التنظيم، قبل ان يتم كشفه بعد ذلك من قبل عقول رجال المعلومات.
قصة الشيخ موسى، أو الشهيدة مها إبراهيم والتى تقوم وفاء عامر بدورها، والتى ذبحها الإرهابيون، قصص حقيقية تقدم واقعا مهما عن الثمن الذى دفعه المصريون فى مواجهة الإرهاب وأهمية أن تبقى هذه المشاهد واضحة ومعها المنصات التى سخرت نفسها وأنفقت التمويلات من أجل التشويش على قضية مواجهة الإرهاب وأثمانها، ولا تزال تمارس نفس الدور، وتواصل الانتقام حتى ولو بالتشويش على مسلسل يوثق أعمال الإرهاب ومنصاته ومواقعه ومصادره التى دعمت ولا تزال تدعم الإرهاب وتحاول التشويش على مرحلة تصور البعض من الممولين أن الإرهاب يمكن أن ينتصر، وهذه المواقع والمنصات شوهت قضية حقوق الإنسان وبروزت صورتها أنها تنظيمات تتحالف مع الإرهاب ومموليه، وتقوم بدور دعائى باسم حقوق الإنسان بينما هى فى الواقع تدافع عن تنظيمات تسلب الإنسان أهم حقوقه وهو حق الحياة.