أكرم القصاص

المحليات فى الحوار.. إدارة محلية ومجالس بعقل وروح حديثة

الثلاثاء، 23 مايو 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من واقع النقاش الدائر فى جلسات الحوار الوطنى حول الإدارة المحلية والمجالس الشعبية، هناك تنوع واسع فى الآراء، لكن هذا التنوع داخله توافق على أهمية صدور قانون واضح للإدارة المحلية وآخر لانتخابات مجالس شعبية فاعلة يمكنها ممارسة الرقابة وإتاحة الفرصة لحكم محلى حقيقى، يضمن تنظيم حياة الناس والخدمات والتراخيص والأوراق والطرق والشوارع والأرصفة والصيد والزراعة وباقى التفاصيل.
 
فالإدارة المحلية وعلى مدى عقود وليس سنوات واجهت تراكما لكل عيوب وثغرات الإدارة والبيروقراطية فى مصر، ويرجع إليها سبب الكثير من الظواهر السلبية التى تشهدها الدولة المصرية، فقد كانت فى الستينيات من القرن العشرين تسمى البلديات، ثم ظهرت مجالس المدن التنفيذية موازية معها المجالس الشعبية المحلية، لكن التحالف بين الطرفين تسبب غالبا فى الكثير من الأمراض والعيوب، فالإدارة المحلية نظريا هى التى يفترض أن تعمل أو تسهل استخراج التراخيص والتصاريح وتمارس الإشراف والمتابعة على المستشفيات والإدارات الهندسية والتعليم والمرور والإشغالات والمحال والأفران والخبز وغيرها، لكن الأمر بدا متشعبا بين الإدارات الحكومية لوزارات التموين والصحة والتعليم والمالية والإسكان والكهرباء، إلى آخر القائمة، حيث تحمل كل إدارة التزاما ومتابعة وتبعية للوزارة المركزية بالقاهرة، المالية الكهرباء الصحة إلى آخره، وبالتالى يبقى للمحافظ ورئيس المدينة والقرية القليل الذى يمكن أن يمارسه وفى نفس الوقت تم انتزاع اختصاصات المجالس المحلية بالشكل الذى يجعلها عاجزة عن ممارسة أى دور، وبالتالى فإن التناقض بين الطرفين هو السبب وراء تعقيد المشهد فى المحليات.
 
وقضية مثل مخالفات المبانى والبناء على الأراضى الزراعية ترجع فى الكثير منها إلى طريقة منح التراخيص وحجم المخالفات والسلطات التى تتداخل بين إدارات المدن والإدارات الهندسية بجانب أزمات عدم التوسع الأفقى وغياب الفواصل بين الأحوزة العمرانية ووجود ثغرات تنفذ منها البيروقراطية التى تسمح بالمخالفات، وتوقف الملتزمين بالقانون من دون مراجعة أو رقابة، وخلال السنوات الماضية كان رؤساء أحياء ومدن أبطالا لقضايا ضبطتها الرقابة الإدارية، بسبب تراكم مخالفات البناء، والتى ترتب عليها مصالحات وإزالات، مسؤولية الأحياء والمدن، وتداخل سلطة منح ومنع التراخيص قائمة، لأن الإدارات الهندسية كانت تميل إلى المخالفين لأنهم يكونون مصدر دخل وأرباح، بينما المواطن الذى يلتزم بالقانون غير مرغوب فيه، وبعض المحافظات تحولت إلى نماذج فى المبانى المخالفة بكل الأشكال والألوان، لدرجة أن حيا واحدا به مقاول واحد بنى 30 برجا مخالفا وهرب وظهرت أبراج فى حارات ضيقة. 
 
هناك ضرورة لإعادة النظر فى كيفية منح تراخيص البناء، وفصلها عن جهات الإشراف والمراقبة ومتابعة التنفيذ، حتى وإن كانت الرسوم لجهة واحدة بعيدة عن بقية الأطراف، ويمكن للتكنولوجيا توفير هذا كله، حتى يمكن التخلص من سيطرة المحليات والقابلية للفساد.
 
البلديات أو المحليات فى دول العالم تمارس دورها وسلطاتها بحرية، وبناءً على مصالح الناس واحتياجاتهم وكل تصرف أو رغبة، أو حتى صيد السمك أو ركوب العجل يستلزم الحصول على تصريح من البلدية أو المحليات، وهذا فى الدول غير المركزية، وهو أمر يسود فى دول العالم المتقدم، لكن هل يمكن نقل هذه التجارب نقلا مباشرا وتطبيقها فى مصر؟ الأمر يتطلب بالفعل مناقشات وحوارات تدرس تجارب العالم وأيضا تراعى ظروفنا المحلية وكيفية تطوير عقل الإدارة بما يتناسب مع حياة كريمة والرقمنة والعاصمة الإدارية، التى يفترض أنها تدار بعقل جديد وتسعى لجودة الحياة ومتابعة الخدمات والعلاج والتعليم بشكل حديث، يقلل من العنصر البشرى ويراعى ظروف المواطنين الاجتماعية ويحل اشتباكات إدارية تراكمت على مدى عقود وخلفت تعقيدات تتطلب معالجة واقعية بعقل وروح حديثة، وهى أمور تتطلب توافقا وتفهما ليس فقط لأنظمة انتخابات المجالس الشعبية، لكن بتحديد سلطات التنفيذيين والشعبيين حتى يمكن التوصل إلى مصالح الناس وتنظيمها. 
 
p.8
 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة