تركز لجنة التعليم والبحث العلمي في الحوار الوطني على أربعة محاور رئيسة، وهي التعليم قبل الجامعي، والتعليم الجامعي، والبحث العلمي والابتكار، ومحو الأمية، ويندرج تحت كل محور رئيس محاور وقضايا فرعية عديدة، ونظرًا لتشعب القضايا، يمكن أن تركز هذه المناقشات على التعليم قبل الجامعي باعتباره يمس القطاع الأكبر من المجتمع المصري، ويؤسس لمراحل التعليم التالية ويهيئ خريجي التعليم الفني لسوق العمل.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات لعل ترتيب الأولويات خلال الفترة الراهنة وعامل الوقت، هما ما ساهما في اختيار القضايا سالفة الذكر باعتبارها قضايا ملحة تحتاج لحلول عاجلة، فقضية الإتاحة على سبيل المثال اشتملت عليها بالتفصيل استراتيجية التعليم قبل الجامعي التي تم إعدادها خلال تولي الدكتور محمود أبو النصر، المقرر المساعد للجنة التعليم والبحث العلمي، حقيبة التربية والتعليم، وكان من المخطط أن تتغلب الحكومة المصرية على جُل المشكلات المتعلقة بإتاحة الخدمة التعليمية خاصةً في مرحلة رياض الأطفال والصفوف الابتدائية الأولى خلال الفترة بين عامي 2014 و2017، إلا أن ذلك لم يتحقق بالدرجة المستهدفة، لتعيد وزارة التربية والتعليم الكَرّة من جديد في 2018 من خلال برنامج إصلاح التعليم الذي بدأه الدكتور طارق شوقي بالتعاون مع البنك الدولي، ولكن مرةً أخرى تمت مراجعة الهدف الخاص بإتاحة التعليم في مرحلة رياض الأطفال، لتركز الوزارة على جودة الخدمة التعليمية في هذه المرحلة وليس التوسع في الإتاحة.
أما مسألة المعلمين والإدارة المدرسية، فهي ضرورة فعلية في ظل العجز الواضح في أعدادهم داخل المدارس الحكومية، حيث بلغ وفقًا لتقديرات الوزارة 320 ألف معلم، ولا ينبغي أن يتوقف الأمر عند المؤشرات الكمية التي تتعلق بالأعداد ونصيب كل معلم من التلاميذ، وعدد الحصص المفروض على كل معلم ومستويات رواتب المعلمين، وإنما يجب أن يمتد ليشمل مؤشرات كيفية تتعلق ببرامج إعداد وتأهيل المعلمين قبل الخدمة، وبرامج التنمية المهنية أثناء الخدمة، ونظم تقييم الأداء المتبعة داخل المدارس الحكومية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الهدف تم التركيز عليه كأحد المحاور الرئيسة الأربعة لبرنامج إصلاح التعليم الذي يمتد من عام 2018 حتى عام 2025، إلا أن التقدم نحو تحقيقه ما زال بطيئًا بعض الشيء.
وعلى الرغم من أن عملية إصلاح المناهج الدراسية ونظم التقييم والامتحانات اتخذت مسارًا إيجابيًا منذ عام 2018 بالتزامن مع بدء تطبيق نظام التعليم الجديد الذي استهدف تلاميذ رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية حتى الصف الخامس، إلا أن استكمال ذلك المسار وصولًا بهؤلاء التلاميذ لنهاية التعليم قبل الجامعي، والتغلب على مشكلات التطبيق التي ظهرت مؤخرًا، يتطلب أن تبقى مسألة تطوير المناهج ونظم التقييم مطروحة للنقاش، لضمان أن تكون عملية التطوير مواكبة للتغيرات المستمرة في طبيعة احتياجات سوق العمل على الصعيدين المحلي والدولي.
نفس الأمر ينطبق على قطاع التعليم الفني، الذي يشهد تحسنًا ملحوظًا بعد الشروع في تطبيق نظام الجدارات وإنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية، ولكن مناقشة عملية التطوير المستمر دون إجراء تعديلات جذرية على قانون التعليم أو استحداث قانون جديد كليًا، يراعي التنوع الكبير الذي يتمتع به المجتمع المصري لا يمكن أن تحقق أهداف الجمهورية الجديدة بحلول 2030.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة