سواء فى مجمع الكوارتز، أو فى افتتاح مصانع منتجات الرمال السوداء، أو الأسمدة، أو الرمال البيضاء، نكتشف أن الدولة تتحرك على كل المحاور، وتقدم الفرص، وفى الوقت ذاته تترجم مطالب المستثمرين، وخبراء الصناعة، والعلماء، بشكل عملى.
ونتذكر أننا، منذ سنوات، كنا نقرأ ونسمع من خبراء الجيولوجيا والتعدين، حديثًا، عن أهمية توظيف ثروات مصر التعدينية، وعدم تركها نهبًا للاتجار أو التهريب، أو بيعها بـ«تراب الفلوس»، وأن الدولة عليها أن تتحرك لتعظيم القيمة المضافة، الخبراء كانوا يتساءلون عن تصدير المواد الخام، مثل: «الرمال البيضاء، والكوارتز»، وتتحول إلى قيم مضافة، ونعود لاستيرادها بأضعاف أثمانها، وقد تطلب توطين الصناعات المعدنية تعديلات تشريعية، وبالتالى فإن التحرك لإقامة مشروعات صناعية ضخمة، هو ترجمة لمطالب الخبراء، وأيضًا السوق، فضلًا عن توفير عملات صعبة تدفع فى الاستيراد، أو تعود من التصدير.
ومن هنا، فإن المجمع الصناعى لإنتاج الكوارتز بالعين السخنة، والذى افتتحه الرئيس السيسى، ترجمة لآراء ودراسات جدوى، وخبرات، ونموذج لتعاون واسع، وتنفيذ لاستراتيجية صناعية واقتصادية، تضاعف من القيمة المضافة، مع استغلال الثروات التعدينية المتاحة، فالمشروع نفذته الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، وشركة «بريتون» الإيطالية، وشركة «الشريف براند»، وتم بناءً على دراسات الجدوى بالتعاون مع شركات عالمية بهدف تعظيم القيمة المضافة للخام، وهو يحقق مردودًا اقتصاديًا مناسبًا، ويلبى احتياجات السوق المحلى، مع تصدير الفائض للخارج لتوفير العملات الأجنبية وتوطين صناعات جديدة.
وكما قال رئيس الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، ياسر رمضان، إنه تم تأسيس شركة العلمين لمنتجات السيليكون، بالشراكة بين قطاع البترول وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، لإقامة مجمع صناعى لإنتاج السيليكون المعدنى بالمنطقة الصناعية بالعلمين الجديدة، بتكلفة تقديرية تصل إلى 700 مليون دولار، مقسمة على عدة مراحل، وهى مراحل مختلفة من مشروع الكوارتز، والذى ينتج السيليكون السائل، وبقية المنتجات التى يتم استيرادها بمئات الملايين، وتدخل فى صناعات دقيقة تقنية وغيرها.
وبيّن رئيس هيئة الثروة المعدنية، أن المرحلة الأولى هى إقامة مشروع لإنتاج السيليكون المعدنى بطاقة إنتاجية قدرها 45 ألف طن سنويًا، وبتكلفة استثمارية تقدر بـ172 مليون دولار، اعتمادًا على خام الكوارتز المصرى فائق النقاء، بما يلبى احتياجات السوق المحلى، وتصدير الفائض بقيمة 160 مليون دولار، والمرحلة الثانية تتضمن إقامة مشروع لإنتاج السيليكونات الوسيطة بطاقة إنتاجية مبدئية قدرها 60 إلى 100 ألف طن سنويًا، أما المرحلة الثالثة تشمل إقامة مصنع لإنتاج البولى سيليكون بطاقة إنتاجية قدرها 10 آلاف طن سنويًا.
وتحدث الرئيس السيسى، فى هذه النقطة، لافتًا إلى أهمية الإسراع فى تنفيذ بقية مراحل مشروع الكوارتز والسيليكون، مشيرًا إلى أن الدولة قطعت شوطًا فى تجهيز وإنجاز دراسات الجدوى، ودخول مستثمرين فى هذا النوع من الاستثمار، وقد يرى البعض أن 700 مليون دولار تكلفة عالية، لكن بالنظر إلى العائد فهى تكلفة مناسبة، من حيث إننا نستورد بمليارات بجانب أن المشروع يوفرها، ويوفر فائضًا للتصدير وفرص عمل، وبالتالى يمكن استعادة التكلفة خلال ثلاث أو أربع سنوات من عوائد المشروع.
وأهم ما وجهه الرئيس من رسائل إلى الحكومة والقطاع الخاص، هو أهمية الإسراع فى تنفيذ الخطط والفرص، بجانب إزالة أى معوقات أمام الاستثمارات، بحيث لا تكون البيروقراطية عائقًا أمام انطلاق كل هيئة، قائلًا: «ندرس بشكل جيد جدًا كيف نعظم الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، لتكون أكثر فاعلية وحركتها أكثر أمام البيروقراطية»، حيث أشار إلى أن الهيئة لها تبعية متشابكة بين وزارات مختلفة، وهو ما يتطلب تعديلات تشريعية تمكن الهيئة من التحرك بشكل أكبر، وتسوق منتجاتها وأنشطتها.
وفى افتتاح مصنع الرمال السوداء بكفرالشيخ، فى أكتوبر الماضى، دعا الرئيس القطاع الخاص، للاستثمار فى هذه الصناعات مضمونة العائد، بعد أن قطعت الدولة مرحلة دراسات الجدوى، سواء بدخول القطاع الخاص منفردًا، أو بشراكات مع الدولة، أو من خلال البورصة بعد طرح الشركات فيها، وجدد الرئيس الدعوة مع كل افتتاح، وآخرها أثناء افتتاح مجمع الكوارتز، قائلًا: «كل مشروع فرص نجاحه جيدة وفقًا للبيانات، لدينا المادة الخام التى تتيح تصنيع كل المراحل فى مكان واحد بكل ما يعنيه ذلك لتقليل التكلفة».
الشاهد فى كل هذا، أن هناك إصرارًا على إنجاز المشروعات الصناعية، وإزالة أى معوقات أمام الاستثمار، وإتاحة الفرصة لأرباح مناسبة بعد إكمال دراسات الجدوى والبنية الأساسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة