طوال الأيام الماضية ووكالات الأنباء العالمية تتحدث عن هذا البطل المصري القادم من على ضفاف النيل، ليهز عرش الكبار والعمالقة في لعبة تنس الطاولة في العالم.
لا حديث في أوساط اللعبة في العالم إلا عن هذا الشاب الطموح الذي حقق إنجازا وربما إعجازا – نتمنى بالطبع أن يتكرر- بالوصول إلى الدور ربع النهائي لبطولة العالم لتنس الطاولة، أي بين الـ8 الكبار للعبة في العالم، متجاوزا في طريقه أبطال اللعبة في كازاخستان وكرواتيا وهولندا والسويد. ولولا أنه وقع في طريقه الصيني فان تشيندونج بطل العالم والمصنف الأول عليه لاستمر الطموح والحلم والإنجاز إلى ما هو أبعد في البطولة.
ومع ذلك فما حققه هذا الفتى عمر ابن مدينة دسوق- بلدياتي يعني- ولاعب نادي دسوق الرياضي فبل أن ينضم للنادي الأهلي ومنتخب مصر فهو إنجاز بكل المقاييس. فحتى بطولة العالم كان تصنيف عمر عالميا الـ21 بين أبطال اللعبة في الفردي، وكانت التقديرات لخبراء اللعبة والتوقعات المنتظرة منه أن لا يتجاوز دور الـ32. فمعنى أن يصل لدور الثمانية أنه حقق ما فوق الطموح ذاته وصنع الإنجاز ورفع اسم مصر عاليا وسط محفل عالمي رياضي مهم.
أمثال البطل عمر عصر هم من يستحقون الرعاية والاهتمام والدعم بكل صوره المادي وغير المادي وتحطيم اللوائح والقوانين البيروقراطية المقيدة للمواهب والإنجازات و التي ترفع اسم وعلم مصر والسلام الوطني في المحافل العالمية.
الجمهورية الجديدة تستحق استراتيجية جديدة ورؤية جديدة لرياضة الألعاب الفردية مثل تنس الطاولة والتنس الأرضي والمصارعة ورفع الأثقال والسباحة والسلاح والجمباز، والتعامل معها باحترافية شديدة وبحوافز تدفع إلى التوسع والانتشار في كافة أنحاء مراكز وأندية مصر لتخريج أكثر من بطل وبطلة في كل هذه اللعبات.
المطلوب إعادة النظر في اتحادات – أو غالبية اتحادات هذه اللعبات- وفتح حوار رياضي شامل حول كيفية تطويرها ووضع لوائح جديدة تناسب هذا التطوير والارتقاء بها ووضع حدا للأزمات المزمنة في هذه الاتحادات التي تدفع بعض لاعبيها إلى الهروب أو الاعتزال أو اللعب بجنسية دول أخرى.
من هنا نوجه التحية لاتحاد تنس الطاولة برئاسة الصديق العزيز معتز عاشور عضو اللجنة الأوليمبية المصرية على الدعم، بقدر المستطاع من الامكانيات المتاحة، لأبطال اللعبة بصفته لاعبا وبطلا سابق لمصر والعرب وأفريقيا مع شقيقه المدير الفني لمنتخب مصر لتنس الطاولة ماجد عاشور. فتنس الطاولة المصرية حاليا متواجدة وبقوة في كافة البطولات وتسيطر حاليا على اللعبة عربيا وأفريقيا وبحر متوسط وتحتل مراكز متقدمة دوليا من خلال السيدات أمثال البطلات هنا جودة ودينا مشرف أو الرجال مثل عمر عصر.
اتحاد تنس الطاولة لا يبخل على اللاعبين بالدعم وإقامة المعسكرات الداخلية والخارجية ومصاريف التدريب والعلاج والسفر بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة.
لكن المفارقة العجيبة التي أعرفها لأول مرة أن لوائح اتحاد تنس الطاولة- مثل باقي اتحادات الألعاب الفردية- لا تتضمن بند المكافآت للاعبين المتميزين والأبطال، ومن يمنح هذه المكافآت التي أصبح الجميع يعرفها، هي وزارة الشباب والرياضة.
ومع ذلك هناك أبطال يعشقون هذا الوطن، وفجأة يسمع المصريون عن إنجازهم وبطولاتهم وسط عدم الاهتمام الإعلامي مثل ما يحدث مع كرة القدم، ويحفرون في الصخر بإمكانيات متواضعة للغاية ولكنهم يسطرون اسم مصر وأسماءهم بحروف من ذهب في السجلات الدولية في تلك الألعاب مثل المصارعة وتنس الطاولة ورفع الأثقال والسلاح.
عمر عصر صنع تاريخا جديد للعبة تنس الطاولة وأصبح خامس بطولة العالم الأن وبعد احتل المركز الخامس في أولمبياد طوكيو 2020، بسبب إصراراه على النجاح والتفوق والإرادة والعزيمة على الوصول إلى هدفه الأسمى في اللعبة، وفي طريقه إلى هدفه توج عصر بطلا لأفريقيا 3 مرات على مدار مسيرته خلال نسخ 2018 و2022 و2023
وحقه علينا الآن أن نكرمه و نستقبله استقبال الأبطال بعد إنجازه الأخير في بطولة العالم في جنوب أفريقيا.. وأدعو أيضا إلى تكريمه في مسقط رأسه في دسوق.
فالبطل عمر مواليد 22 يوليو 1991 وبدأ اللعب في نادي دسوق الرياضي ومن لا يعرف علاقة هذه المدينة وتفوقها في لعبة تنس الطاولة فيكفي أن رئيس اتحاد اللعبة في مصر وهو معتز عاشور هو أحد أبطال اللعبة محليا وأفريقيا ودوليا من أبناء المدينة وشقيقه ماجد عاشور المدير الفني للمنتخب وبطل تنس الطاولة محليا وأفريقيا. وقدمت دسوق العديد من الأبطال في اللعبة للمنتخبات المصرية للسيدات والرجال مثل معتز وماجد عاشر وسامي ليمونة وهدى ليمونة وعزة محسب وسمية فريد وعمرو مطاوع . بالإضافة الى والده محمدي عصر، وكان مسئولا للعبة تنس الطاولة بالنادي، وعمه ماهر عصر وكان محاضرًا دوليًّا للعبة ذاتها
ودسوق ومنذ السبعينات تتبوأ مكانة مرموقة في اللعبة. ويعد نادي دسوق لتنس الطاولة، هو أحد أشهر الأندية المصرية في اللعبة ، وحقق كثير من الأرقام القياسية، ويلعب في الدوري المصري الممتاز منذ أن تأسس عام 1966 مع مركز الشباب بالمدينة خلال رئاسة المستشار عبد الرحمن البرقوقي للمدينة.
عمر عصر بدأ مسيرته الرياضية في نادى دسوق الرياضي ، في سن الرابعة واستمر حتى التاسعة مع شقيقه الأصغر خالد عسر لاعب المنتخب الوطني وبدعم من والده وعمه. وعندما بلغ 12 عاما أشركه علاء مشرف بطل اللعبة السابق ونائب رئيس الاتحاد الدولي الحالي في أول بطولة للأندية العربية باليمن، ليكون أصغر اللاعبين، ليفوز النادي الأهلي بها بعد غياب فترة طويلة، انضم عمر بعدها لفريق الرجال.
فاز عمر بذهبية البطولة الأفريقية لعام 2005 وتم منحه مكافأة من رئيس الاتحاد الدولى أدهم شرارة، وأصبح المصنف رقم واحد على الدورى السويدى في عمر الـ16، وعاد إلى مصر، ليتلقى عدة عقود للاحتراف، وبعد موافقته واستمراره في حصد الجوائز حصل على لقب أفضل لاعب، وجاء في المركز الثالث، وأصبح أفضل ناشئ تنس طاولة في العالم. وفاز بالمركز الثانى ببطولة كأس العالم للناشئين باليابان عام 2000، فاز لأول مرة بالميدالية الفضية في الفردي والميدالية الذهبية للفرق في بطولة العرب لتنس الطاولة في عام 2011 بالدوحة وعمره حوالي 20 عاما بعد أن جاء من دسوق وانضم للنادي الأهلي..
وفي مارس 2018 نجح عمر عصر في التتويج بالبطولة الأفريقية في كينيا، وتأهل إلى كأس العالم 2018. ونجح عمر في التأهل لمونديال تنس الطاولة من خلال التصنيف العالمي، حيث يحتل عمر المركز 21 عالميا حاليا وهو أفضل مركز يصل إليه لاعب عربي وأفريقي في التاريخ.
عمر عصر وأمثاله من الأبطال وأصحاب الإنجازات الحقيقية في الرياضة المصرية هم من يستحقون الدعم والاهتمام والشهرة بدلا من "أشباه الرياضيين" الذين يحصدون ملايين الجنيهات والمحصلة صفر..!