تحل اليوم ذكرى وفاة الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري الذى رحل عن عالمنا فى الثالث من مايو عام 2020 والذى يعد من أهم المفكرين العرب فى القرن العشرين، وصاحب مشروع نقد العقل العربي.
استطاع محمد عابد الجابري عبر سلسلة نقد العقل العربي القيام بتحليل العقل العربي عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي وهو مبتكر مصطلح "العقل المستقيل" وهو ذلك العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى.
ويرى الجابرى أن النظر في التراث الفلسفي العربي القديم هو الملهم الأساس والدافع لنقد العقل العربي وآلياته للانخراط في مسار الحداثة والتنوير حيث يقول الجابري: "الحداثة في نظرنا، لا تعني رفض التراث ولا القطيعة مع الماضي بقدر ما تعني الارتفاع بطريقة التعامل مع التراث إلى مستوى ما نسميه المعاصرة وأعني مواكبة التقدم الحاصل على الصعيد العالمي" وفقا لكتاب المفكرون العرب مشاريع وتطلعات: سؤال الفلسفة والدين والسياسة في العالم العربي، لعلى عبود المحمدواي.
ولد محمد عابد الجابرى فى المغرب، يوم 27 ديسمبر 1935، وتعلم فى الكتاب، على يد جده الذى علمه قراءة القرآن الكريم والأحاديث والأدعية، ثم التحق بالمدرسة الإسلامية وتعلم فيها القراءة والكتابة، بعدها انتقل إلى مدرسة فرنسية لمدة عامين، والتحق بكلية الفلسفة فى جامعة الرباط فى أكتوبر عام 1958، ونال البكالوريوس عام 1961 ومن ثم شهادة دراسات فلسفية عام 1962.
خلال حياته المهنية عمل محمد عابد الجابرى كمدرس للمرحلة الثانوية، وتدرج فى السلك المهنى وأصبح مفتشا ومن ثم مديرا للتربية لمعلمى الفلسفة، ليكمل دراسته ويحصل على دبلوم الدراسات العليا عام 1967، ومن ثم الدكتوراه فى الفلسفة عام 1970.
فى عام 1982، نشر كتابه "فكر ابن خلدون: العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية فى التاريخ الإسلامي"، وفى عام 1988، صدر له كتاب "تكوين العقل العربي"، ثم صدر له كتاب "إشكاليات الفكر العربى المعاصر".
وتوالت إصداراته التى تندرج ضمن مشروعه ففى عام 1992، صدر له كتاب "نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربى المعاصر"، وبعدها كتاب "مسألة الهوية: العروبة والإسلام والغرب"، وكتاب "المثقفون فى الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد" فى عام 1995، وفى عام 1997، كتاب "حفريات فى الذاكرة من بعيد"، وكتاب "الديمقراطية وحقوق الإنسان".
نال محمد عابد الجابرى العديد من الجوائز، منها جائزة بغداد للثقافة العربية اليونيسكو، وفى عام 1999، نال الجائزة المغربية للثقافة فى تونس، وفى عام 2005، نال جائزة الدراسات الفكرية فى العالم العربى من مؤسسة MBI بإشراف يونيسكو، وجائزة رواد مؤسسة الفكر العربى فى بيروت، وفى العام التالى حصل على ميدالية ابن سينا من اليونسكو، وفى عام 2008 نال جائزة ابن رشد للفكر الحر.
وفى 3 مايو 2020، رحل عن عالمنا فى الدار البيضاء بعد صراعه مع المرض عن عمر يناهز 75 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة