وتشهد الجلسة المقررة اليوم ولأول مرة منذ بداية جلسات انتخاب رئيس للجمهورية منافسة بين مرشحين حقيقيين اثنين، إذ شهدت الجلسات السابقة تسمية المعارضة اللبنانية للمرشح النائب ميشال معوض الذي لم يحصل سوى على ما لا يزيد عن 45 صوتًا على الأكثر خلال التصويت، فيما كانت أغلبية الأصوات يتم إبطالها إما بكتابة عبارات على ورقة الاقتراع أو التصويت بورقة بيضاء، فيما حصل عدد من الأسماء على أصوات لا تتجاوز جميعا الـ 20 صوتا.

وفي جلسة اليوم، تدخل أحزاب ونواب المعارضة اللبنانية (قرابة 45 نائبا) بتحالف مع نواب التيار الوطني الحر (قرابة 16 نائبا كانوا يصوتون بورقة بيضاء) بمرشح مشترك وهو الوزير الأسبق جهاد أزعور الذي يشغل منصبا رفيعا في صندوق النقد الدولي، فيما يدخل الثنائي الشيعي (كتلتا حركة أمل وحزب الله وقوامهما 31 نائبا) وحلفائهما بمرشح رسمي ولأول مرة منذ انعقاد الجلسات وهو الوزير السابق سليمان فرنجية رئيس تيار المردة الذي يمتلك كتلة نيابية من 4 نواب.

ووفقا لمواقف الأحزاب والكتل النيابية المعلنة قبيل انطلاق الجلسة، فإن الداعمين لترشيح أزعور هم تكتل "القوات اللبنانية" (19 نائباً) وكتلة التيار الوطني الحر كجزء من تكتل "لبنان القوي": 16 نائباً وكتلة اللقاء الديموقراطي (الكتلة النيابية للحزب التقدمي الاشتراكي وقوامها 8 نواب) وكتلة حزب الكتائب (4 نواب) وكتلة "تجدّد" (4 نواب) و4 نواب مستقلين و6 نواب من قوى التغيير. وبالتالي يكون مجموع أصوات النواب الذين أعلنوا تأييدهم رسميا لأزعور 61 صوتا. 


وفي المقابل، يحظى المرشح سليمان فرنجية بدعم كتلة "التنمية والتحرير" (16 نائبا) وكتلة "الوفاء للمقاومة" (15 نائبا) وكتلة "التوافق الوطني" (5 نواب) والتكتل الوطني (الكتلة النيابية لتيار المردة وقوامها 4 نواب) وحوالي 8 نواب مستقلين ليكون إجمالي أصوات النواب الذين أعلنوا تأييدهم رسميا لفرنجية قرابة 48 صوتا.


وما بين الفريقين، أعلن قرابة 14 نائبا عدم التصويت لأي من المرشحين في الانتخابات اليوم، فيما لم يعلن 6 نواب موقفهم.


وانطلق جلسات انتخاب رئيس الجمهورية في 29 سبتمبر الماضي قبل قرابة 33 يوما من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.

وتتم عملية الانتخاب بأن يقوم كل نائب بتسمية مرشحه لرئاسة الجمهورية على ورقة بيضاء توزع خصيصا على النواب لهذا الغرض، ليفوز المرشح الذي يحصل على ثلثي الأصوات (86 نائبا من أصل 128) في الجولة الأولى للانتخاب اليوم. فيما يتم عقد جولة ثانية في نفس الجلسة حال لم يحصل أي مرشح على النسبة المحددة دستوريا، ليفوز في الجولة الثانية من يحصل على الأغلبية النسبية (65 صوتا من أصل 128). وعلى مدار 11 جلسة، لم تعقد جولة ثانية للتصويت لقيام عدد من النواب بالانسحاب من الجلسة لتفقد نصابها الدستوري اللازم لصحة انعقادها والبالغ 86 عضوا.

وتقتضي الأعراف السياسية بلبنان أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أحد أبناء الطائفة المسيحية المارونية والتي تعد الطائفة المسيحية الأكبر في لبنان. ويضم البرلمان اللبناني 34 نائبا من الطائفة المارونية موزعين على 4 كتل نيابية إلى جانب عدد من المستقلين، حيث تأتي كتلة حزب القوات اللبنانية الذي يترأسه سمير جعجع كأكبر كتلة مسيحية وتضم الكتلة 19 نائبا (مارونيون وأخرون)، فيما تأتي تاليا الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر والتي تضم 18 نائبا (مارونيون وغيرهم)، وهو الفريق السياسي لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون ويرأسه النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية، كما تتواجد كتل صغيرة من بينها كتلة حزب الكتائب اللبنانية برئاسة النائب سامي الجميل (4 نواب) وكتلة تيار المردة (4 نواب). 

وحدد الدستور اللبناني إجراءات انتخاب الرئيس الجديد من قبل مجلس النواب بأعضائه البالغ عددهم 128 عضوا، حيث نصت المادة 49 على أن انتخاب رئيس الجمهورية يتم بالاقتراع السري بأغلبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى (86 صوتا من بين 128 نائبا)، فيما يكتفى بالغالبية المطلقة (65 نائبا) في دورات الاقتراع التالية. ويستمر رئيس الجمهورية في منصبه لست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح. كما لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص الاعتبارية في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين التاليتين لتاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلیًا عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم إلى التقاعد.

كما تؤكد المادة 49 على أن رئيس الجمهورية يعد رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ويسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، ويرأس – وفقا لأحكام الدستور - المجلس الأعلى للدفاع وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء.

وتنص المادة 73 من الدستور اللبناني أن مرحلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية تبدأ قبل موعد انتهاء ولاية الرئيس بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، حيث يلتئم مجلس النواب بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد. وفي حالة عدم قيام رئيس المجلس بدعوة الأعضاء للانعقاد، فإن المجلس يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس.

كما تنص المادة 75 من الدستور على أنه بمجرد اجتماع المجلس لانتخاب رئيس الجمهورية، فإن مجلس النواب يتحول لهيئة انتخابية فقط دون أي صلاحيات تشريعية، ويلتزم المجلس الشروع فورًا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أي أمر. ولا يكون اجتماع مجلس النواب قانونيا ما لم تحضره الأكثرية من أعضائه.

جدير بالذكر أن الرئيس ميشال عون تولى رئاسة الجمهورية اللبنانية في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر عام 2016 بعد فراغ رئاسي دام قرابة 29 شهرا عقد خلالها مجلس النواب اللبناني 46 جلسة لانتخاب الرئيس الجديد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في مايو عام 2014.