عادل السنهورى

مصر وسياحة الأثرياء

السبت، 17 يونيو 2023 05:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على هامش افتتاح محطة تحيا مصر متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية يوم الخميس الماضي، وأثناء استعراض وزير النقل كامل الوزير لخطة تطوير الموانئ المصرية، طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي الكلمة ليستفسر عن جاهزية الموانئ المصرية لاستقبال اليخوت الخاصة علاوة على السفن السياحية العملاقة المعروفة التي تجوب موانئ العالم وتمثل دخلا سياحيا مهما للدولة.
 
كعادة الرئيس في كل المناسبات، كان يشير ويضع يده على الإمكانيات المتاحة لمصر وكيفية توظيفها من منطلق إدارة موارد الدولة بأقصى صورة، فمصر في السابق لم تنتبه جيدا إلى سياحة في غاية الأهمية واهتمت بها دول آخرى فى منطقة الخليج وأصبحت موانيها القليلة محطات رئيسية ليخوت رجال الأعمال والأثرياء علاوة إلى أرصفة خاصة للبواخر السياحية.
 
هذا النوع من السياحة لم تهتم به الدولة رغم ما يدر من أموال كثيرة ويوفر فرص عمل ويجعل من الموانئ المصرية المنتشرة على طول ساحل البحر المتوسط وقناة السويس والبحر الأحمر مناطق جذب كبرى لسياحة الأثرياء في منطقة البحر المتوسط والبحر الأحمر وباقي دول العالم.
 
خطة التطوير الشاملة للموانئ المصرية- لدى مصر 18 ميناء في البحر المتوسط والأحمر- في السنوات الأخيرة تشمل تعظيم الاستفادة من سياحة اليخوت، لما تمتلكه مصر من موقع جغرافي متميز يتوسط العالم وطقس دافئ، كما يبلغ طول السواحل المصرية 2400 كيلومتر على البحرين المتوسط والأحمر، وتضم مصر 23 ميناء سياحياً مطورا.
 
إلى جانب التطوير اتخذت الحكومة المصرية إجراءات لتنشيط سياحة اليخوت، عبر إصدار لائحة قانونية، تنظم رسو اليخوت الأجنبية في موانئها المختلفة، مع تقديم مجموعة من الحوافز والتسهيلات لجذب اليخوت الأجنبية، تتضمن بعض التخفيضات على رسوم الرسو في الموانئ المصرية .ووافق مجلس الوزراء المصري، على مشروع قرار يقضي بـ«إصدار لائحة تنظيم سياحة اليخوت الأجنبية في المراسي والموانئ البحرية"، تنص على إنشاء نافذة رقمية واحدة لليخوت السياحية، بغرض تبسيط الإجراءات والحصول على الموافقات الأمنية، وتحديث خريطة مواقع موانئ اليخوت الدولية القائمة والمقترحة على مستوى الجمهورية تحت إدارة قطاع النقل البحري، بوزارة النقل المصرية، على أن يتحمل قطاع النقل البحري مسؤولية تنفيذ الخطة الاستراتيجية لتعظيم سياحة اليخوت في مصر، وضمان استمرارية تنفيذها وتطويرها مستقبلاً.
 
وبموجب اللائحة «لا يجوز التعامل مع اليخوت السياحية إلا من خلال النافذة الرقمية المخصصة لذلك، مع مراعاة الضوابط الفنية والتأمينية، وقواعد التأمين السيبراني التي تقررها الجهات المعنية». ولا تستغرق تلك الإجراءات أكثر من نصف ساعة.
 
وحسب الأرقام هناك في حوض البحر المتوسط حوالي نصف مليون يخت يمتلكه رجال الأعمال والأثرياء وحكومات بعض الدول الملكية، ومعنى كلام الرئيس وتوجيهاته أن مصر قررت وبقوة الدخول في نادي سياحة اليخوت والحصول على أعلى نسبة منها في اطار خطة تنويع مصادر الدخل السياحي لمصر بمصدر يعد من أغنى أنواع السياحة.
 
وتتضمن الخطة الاستراتيجية «إعداد سياسة سعرية موحدة"، من شأنها تقديم حوافز وتخفيضات، جاذبة للسفن واليخوت السياحية، ورفع كفاءة الموانئ السياحية الحالية، وإنشاء موانئ يخوت سياحية جديدة، في المواقع التي تتمتع بطبيعة جاذبة، وإعداد خطة تسويقية للترويج لسياحة اليخوت والموانئ السياحية المصرية، 
اهتمام الرئيس وتوجيهاته يؤدي الى تغيير الصورة القديمة و"التعقيدات" التي كانت بسببها تفقد مصر ملايين الدولارات من سياحة الأثرياء، وكانت هناك شكاوى وانتقادات سابقة من خبراء السياحة من زيادة الرسوم لليخوت السياحية في الموانئ المصرية، واضطرار بعض اليخوت لدفع الرسوم مرتين، في حال التنقل من مرسى إلى آخر، وهو ما تسبب في ضياع عوائد سياحية ضخمة على مصر؛ حيث تذهب اليخوت إلى مراسي تركيا ولبنان 
في الفترة الماضية كان التركيز لجذب هذا النوع من السياحة الغنية على موانئ البحر الأحمر فتم إنشاء عدد من الموانئ البحرية لهذا الغرض، من بينها مجموعة من الموانئ على شاطئ البحر الأحمر، وهي مارينا نعمة، التي تعد أول مارينا لليخوت في خليج نعمة بشرم الشيخ، ومارينا الغردقة الواقعة على مساحة 60 ألف متر مسطح، وتستوعب نحو 188 يختاً، وتضم 128 وحدة سكنية وشقة فندقية، إضافة إلى مارينا مرتفعات طابا، التي تتسع لنحو 50 يختاً، ومارينا مرسى أبو تيج، في منطقة الجونة، أما في الشمال فتوجد مارينا البحر الأبيض المتوسط، في منطقة بورتو مارينا، وتتسع لأكثر من 1400 يخت. وميناء دولي في العلمين الجديدة، ومارينا بطاقة استيعابية تصل إلى 333 يختا في مدينة الجلالة، ومارينا مراسي ونادي اليخت التابع لها والذي تنفذه إعمار مصر، مع خطة ليكون أول مارينا دولي في الساحل الشمالي يستوعب أكثر من 260 يختا.
 
الآن ومع توجيهات وتعليمات الرئيس السيسي وفق استراتيجية التطوير يدخل البحر المتوسط في بؤرة الاهتمام المصري للاستحواذ على حصة كبيرة من سياحة اليخوت والسفن السياحية العملاقة 
مصر تتطلع إلى وضع نفسها كنقطة جذب صاعدة لسياحة اليخوت عالميا، وسياحة اليخوت مصدرا قويا لتدفقات العملات الأجنبية، فالأثرياء فقط هم من يمتلكون اليخوت أو لديهم إمكانية الوصول إليها. ويتجاوز حجم سوق سياحة اليخوت عالميا حاجز الـ 12 مليار يورو، دون احتساب ما ينفقه هؤلاء السياح على البر.
 
ويمثل نسبة الإنفاق اليومي لمن يزورون مصر عبر اليخوت 94% عن متوسط إنفاق السائح التقليدي، وقد تساهم سياحة اليخوت العالمية بصورة مباشرة وغير مباشرة في خلق اقتصاد يقدر حجمه بـ 300 مليار دولار وفقا لتصريحات سابقة  لوزير السياحة السابق خالد العناني.
 
خبراء وصناع السياحة أكثر الناس فرحا باهتمام الرئيس وبقرارات الحكومة وبالتطوير، فمصدر دخل سياحي جديد وفرص عمل جديدة بدعم غير مسبوق من الحكومة والرئيس نفسه.
وهناك فرصة للتعاون المشترك من خلال برامج سياحية مشتركة بالتعاون مع المتنافسين من الدول المجاورة في البحر المتوسط .وهناك تقارب بالفعل مع جيراننا في شرق البحر الأبيض المتوسط اليونان وقبرص، وبدأت مصر مؤخرا في تشغيل رحلات جوية بين منتجعات البحر الأحمر والأقصر، والتي قد تدعم تلك البرامج السياحية المشتركة.
 
مثل هذه الأفكار كانت في حاجة إلى إرادة سياسية فاعلة للاستغلال الأمثل لمقومات وموارد الدولة، وأظن – ويتفق معي كثيرون- أننا نعيش تلك الفترة ليس فقط في السياحة وإنما في مجالات أخرى كثيرة . فكما يرى خبراء الإدارة بأن الفقر ليسر فقر المال فقط وإنما فقر الإرادة والإدارة.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة