بمتابعة قوائم الأكثر مبيعًا في المكتبات ودور النشر المصرية، ربما لا يمر شهر إلا ويكون هناك اسم أو اثنين على أقل تقدير من كبار الكتاب الراحلين متواجدين في القائمة، بل وبعضهم يتصدرها، فنجد أعمال الأديب العالمي نجيب محفوظ، حينما كانت حقوق نشرها مع دار الشروق كانت في صدارة مبيعات الدار، والآن وبعد انتقالها إلى دار ديوان نجدها أيضًا أعلى إصدارات الدار مبيعا، والحال نفسه مع أعمال الكاتب الكبير أحمد خالد توفيق، والذي رغم مرور نحو أكثر من 5 سنوات على رحيله إلا أنه دائما ما يتواجد في صدارة أعلى الكتب بيعا.
كتاب آخرون أيضًا دائما ما يتواجدون في قوائم الكتب الأكثر مبيعا رغم أن أعمال مر عليها عشرات السنوات، مثل الأديب الكبير إحسان عبد القدوس، وشاعر المهجر الكبير جبران خليل جبران، بل أن أعمال كبار الفقه والأئمة من العصور الوسطى والأولى لازالت تجد لها مكانا مثل كتاب طوق الحمامة للعلامة ابن حزم الأندلسي الذي تواجد في قوائم الأكثر مبيعا بالدار المصرية اللبنانية.
لكن هل تواجد أعمال مثل هؤلاء الكتاب في قوائم الأكثر مبيعًا هي ظاهرة، وما أسباب تلك الظاهرة، ولماذا تبحث الأجيال وراء الأجيال كتب هؤلاء الكبار، الذين لم يختفوا أبدًا عن ذاكرة الأدب العربي.
الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ورئيس تحرير مجلة فصول، يقول: "هناك أسباب عديدة، وأيضًا متنوعة، تجعل عددًا من الأعمال التي كتبها مبدعين راحلين، من سنوات قريبة أو منذ فترات زمنية طويلة، تتصدر قوائم "الأكثر مبيعًا" في بعض دور النشر".
وأضاف "حمودة" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "على رأس هذه الأسباب، ببساطة، أن هذه الأعمال قادرة على أن تخاطب القراء والقارئات في زمننا هذا.. إما لأن هذه الأعمال كانت تنطلق، خلال كتابتها، من اهتمام بقضايا وتجارب لا تخص زمنها فحسب، وإنما هي حاضرة في كل الأزمنة.. وإما لأن هذه الأعمال مكتوبة بطرائق وبأساليب غير قابلة للتقادم، أي أنها تنطوي على جمال يتجاوز تحولات وتغيرات ذائقة التلقي التي تتم من فترة لأخرى.. وإما لأن هذه الأعمال راهنت على "صياغات طفولية"، إن صح التعبير، لا تخلو من بساطة وبراءة قادرتان على مخاطبة طفولة الإنسان الأبدية (وقد كان هذا الملمح قائما في بعض التفسيرات لبقاء أعمال قديمة خالدة مثل "الإلياذة" و"الأوديسا"، ويمكن أن يكون قائما أيضا في تفسير خلود "ألف ليلة وليلة".
وتابع: "بالإضافة إلى مثل هذه التفسيرات التي يصلح بعضها للتفكير مع أعمال لا تزال تتصدر قوائم التوزيع، لجبران خليل جبران ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ونزار قباني وغيرهم، ممن رحلوا منذ فترات بعيدة أو منذ سنوات بعيدة.. هناك أيضا أعمال لا تزال تتصدر قوائم التوزيع وقد رحل أصحابها منذ سنوات قريبة (كما هو الحال مع أعمال أحمد خالد توفيق).. ولعل التفسير استمرار واتساع دوائر توزيع هذه الأعمال يتصل بأسباب أكثر وضوحا: أن هذه الأعمال لم تمر عليها سنوات تكفي لتغيّر ذائقة وتوجهات واهتمامات وتساؤلات الشباب الذين انطلقت دائما من الاهتمام بهم وبالقضايا التي تشغلهم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة