التماثيل المجيبة "الأوشبتى" ظهرت إبان عصر الدولة الوسطى الفرعونية، وذلك للقيام بالأعمال المختلفة نيابة عن المتوفى في حقول العالم الآخر مثل الزراعة والحصاد والرى، وكانت تلك التماثيل تأخذ شكل المومياء، وتصنع من مواد مختلفة كالأحجار والفيانس والبرونز، ويوجد من تلك التماثيل فى العديد من المتاحف المصرية، وعلى سبيل المثل المتحف المصرى بالتحرير.
ومن أبرز الملوك الذى يمتلك عددا هائلا من تلك التماثيل الملك الذهبى توت عنخ آمون، حيث سيتم عرض 401 تمثال تحمل نفس وجه الملك الذهبى "توت عنخ آمون" فى المتحف الكبير، وهى التماثيل الأوشبتى، وكانت فى مصر القديمة توضع مع المتوفى عدد من هذه التماثيل التى يطلق عليها تماثيل الأوشبتى ومعناها المجيب.
ويبلغ عدد هذه النوعية من التماثيل 365 تمثالا بعدد أيام السنة، فكل يوم يمر على المتوفى داخل المقبرة على هذا التمثال أن يمثل الملك ويقوم بالإجابة كما يعتقد فى مصر القديمة، وإذا طلب من الملك أداء أى وجب أو وظيفة فى العالم الآخر، يقوم هذا التمثال مقامه، ويقول "أنا هنا مكانه"، كما يعين لهؤلاء التماثيل مساعدين ليصل العدد الكلى 401 تمثال صغير جميعها تحمل نفس وجه الملك الفرعونى.
يذكر أن الملك توت عنخ آمون تولى أمر بلاده في بداية العقد الثاني من عمره، بعدما مات الأب الملك إخناتون فى ظروف غامضة، وحل الاضطراب بأرض مصر وبالقصر الملكى، وعمت الفوضى البلاد وسيطر القلق والحزن على العباد، وصار توت عنخ آتون، ابن السنوات التسع، ملكًا على عرش مصر فى ظروف صعبة.
وتزوج توت عنخ آتون من أخته الأميرة عنخ إس إن با آتون، ابنة أخناتون ونفرتيتى التى فعلت ذلك كى تضمن ألا يخرج العرش من بين يديها، وثار الجميع على تراث أبيه إخناتون، وأجبروا توت عنخ آتون على تغيير اسمه إلى توت عنخ آمون واسم زوجته إلى عنخ إس إن آمون، وترك توت عنخ آمون تل العمارنة.
وعاد توت عنخ آمون إلى العاصمة التقليدية طيبة، وأدار البلاد من العاصمة الإدارية العريقة منف، وبدأ قائد الجيش حور محب بنشاط وهمة وحماسة لا يحسد عليها حملة كبيرة لتدمير آثار إخناتون وإلهه الأشهر آتون، كما ذكر الدكتور حسين عبد البصير فى كتابه الفراعنة المحاربون، وتحت ضغط الإجبار، بدأ توت عنخ آمون فى سياسة ترميم ما دمره أبوه إخناتون، فأعاد للآلهة الأخرى وكهنتها مكانتها، ولم يكتب للفرعون الذهبى أن يولد له وريث ذكر يرث عرش آبائه وأجداده العظام.
مكثت طيبة طيلة مدة حكمه مسرحًا للحكم بعد انتقاله إليها من إخناتون، وعلى الرغم مما بين القائد "حور محب" و الكاهن "آي" من تشاحن على الملك إلا أنهما أخذا يعملان معًا في الظاهر وكل منهما طامع في أن يتولى العرش بعد "توت عنخ آمون"، حسب ما ذكر الدكتور سليم حسن فى موسوعته مصر القديمة، واستكانت اللعبة أخيرًا في يد القائد حور محب الذي سيطر على شئون الدولة، وهيمن على كل مرفق داخل البلاد وخارجها.
وذات يوم، كان توت عنخ آمون يتريض فى صحراء منف وكان يركب الخيل، وكان يقود عربته الحربية، فسقط من فوقها، فأُصيب ساقه، ومات بعدها بفترة قصيرة متأثرًا بتلوث جراحه ومرض ساقيه وقدميه، فى سن صغيرة بعد حكم لتسع سنوات، ولكن تم اكتشاف مقبرته بشكل كامل فى عام 1922م، على يد عالم المصريات البريطانى كارتر بعد أن دله عليها الطفل حسين عبد الرسول.
التماثيل الأوشبتى