تنعقد غدًا الخميس، فى العاصمة الفرنسية باريس وعلى مدار يومين، قمة دولية مهمة "من أجل ميثاق مالى عالمى جديد"، تهدف إلى إرساء قواعد نظام مالى جديد يكون أكثر عدلًا وتضامنًا، لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، ومن بينها الحد من الفقر ومواجهة التغيرات المناخية وحماية التنوع البيئي.
تأتي هذه القمة في وقت يواجه العالم فيه أصعب الظروف منذ عقود، ففي أعقاب أزمة فيروس كورونا (كوفيد -19)، وصل الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة في جميع دول العالم، وأصبح ثلث البلدان النامية وثلثا البلدان منخفضة الدخل أكثر عرضة لخطر تفاقم الديون.
كما ارتفع معدل التضخم بشكل حاد وأدى تشديد السياسة النقدية إلى حدوث تقلبات مالية وتقليل الرغبة في المخاطرة، كما توقف الاتجاه العالمي نحو الحد من الفقر الذي لوحظ منذ عدة عقود، ما أدى إلى اتساع الفجوات الاقتصادية على نطاق عالمي.
والآن أصبح هناك حاجة ماسة إلى إجراء إصلاح ومراجعة شاملة لنظم وأدوات التمويل وبناء نظام مالي دولي أكثر استجابة وأكثر عدلًا، وبالتالي المضي قدما بشكل أكثر تضامنًا وطموحًا من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق الحياد الكربوني والأهداف المشتركة المتمثلة في حماية التنوع البيولوجي.
وتأتي القمة استجابة لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع نهاية قمة مجموعة العشرين G20 في إندونيسيا، ومؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "COP27" في مصر، وما أسفرا عنهما من قرارات لمواجهة عدد من القضايا، ولاسيما ما يخص تأثير التغير المناخي على الدول النامية والأقل نموًا.
وأعلن ماكرون حينها عن تنظيم مؤتمر دولي في باريس في يونيو 2023، بهدف تقييم "جميع وسائل وطرق زيادة التضامن المالي مع الجنوب".
وكتب ماكرون في تغريدة، في نوفمبر 2022، خلال "COP27"، أعادت فرنسا وأوروبا تأكيد التزامهما بقضية المناخ. نحن بحاجة إلى ميثاق مالي جديد مع البلدان الأكثر ضعفًا. سأعمل على هذا الأمر مع شركائنا بهدف عقد قمة في باريس قبل مؤتمر الأطراف المقبل".
كما قال ماكرون "سنتوصل أولًا إلى توافق جديد، حيث إن مكافحة الفقر، وإزالة الكربون من اقتصادنا، من أجل تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وحماية التنوع البيولوجي ترتبط ارتباطا وثيقًا ببعضها البعض، لذلك يجب أن نتفق بشكل مشترك على أفضل طريقة لمواجهة هذه التحديات في البلدان الفقيرة والبلدان الناشئة من بين دول العالم النامي، على حجم الاستثمار وإصلاح جميع البنى التحتية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والصناديق التمويلية العامة والخاصة والطريقة التي نحتاجها لبدء عملية جديدة، لذلك، تأتي قمة "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" لاقتراح حلول لتمويل القضايا التي تتجاوز مسألة المناخ، بما في ذلك مكافحة الفقر".
وتنطلق غدا قمة باريس في قصر "برونيار"، بمشاركة أكثر من 300 من رؤساء الدول والحكومات وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى جانب مسئولي كبرى المنظمات الدولية وممثلي المؤسسات المالية العالمية وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وتعقد القمة على مدى يومين وستسمح بإجراء مناقشات على أعلى مستوى بين رؤساء الدول والحكومات ورؤساء المنظمات الدولية وممثلي المجتمع المدني والمؤسسات والصناديق والقطاع الخاص.
ويتضمن جدول الأعمال جلسات وست موائد مستديرة تتناول عدة قضايا من بينها "تطوير نظام بنوك تنموية متعددة الأطراف للاستجابة لتحديات القرن الحادي والعشرين"، و"الديون وتحسين حقوق السحب الخاصة: الحصيلة والآفاق المستقبلية"، و"خلق بيئة مواتية للقطاع الخاص في مجالات البنية التحتية المستدامة وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة"، فضلا عن عقد نحو 50 حدثًا جانبيًا تتعلق بتنفيذ الأهداف الرئيسية للتنمية المستدامة، بمشاركة أكثر من 70 من شركاء القطاع الخاص ورؤساء الدول والحكومات المدعوين.
ويأمل الرئيس الفرنسي ورؤساء الدول والحكومات المشاركين في هذا الحدث المهم أن يتم التوصل إلى أهداف هذه القمة، وأن يتم "بناء توافق جديد من أجل نظام مالي عالمي أكثر تضامنا" يتيح صياغة مبادئ الإصلاحات المستقبلية وتحديد مسار نحو شراكة مالية اكثر توازنا بين الجنوب والشمال، كما يمهد الطريق لعقد اتفاقيات جديدة للحد من مشكلة تفاقم الديون، ويتيح لعدد أكبر من الدول الحصول على التمويل الذي تحتاجه من أجل الاستثمار في التنمية المستدامة، والحفاظ على الطبيعة بشكل افضل وخفض الانبعاثات الحرارية وحماية الشعوب من الأزمات البيئية خاصة في المناطق الاكثر عرضة للأزمات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة