بعد ساعات حبست الأنفاس، ليس فقط فى روسيا ولكن حول العالم، انتهى التمرد المسلح الذى أعلنته مجموعة فاجنر العسكرية الروسية ضد نظام الرئيس فلاديمير بوتين، والذى أثار حالة من التأهب والخوف والقلق، قبل أن ينتهى باتفاق لحل الأزمة.
ووصفت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية التمرد بأكبر تحدى للرئيس الروسى فلاديمير بوتين خلال أكثر من عقدين له فى الحكم. وقد انتهى التمرد بعد 36 ساعة فقط عندما أمر قائد فاجنر وزعيم التمرد قواته بالعودة إلى مواقعهم ووقف السير إلى موسكو، بعدما توصل إلى اتفاق مع الكرملين بالذهاب خارج البلاد مقابل عدم مواجهة أى عقوبات جنائية.
ورأت الوكالة أن هذه التطورات التى وصفتها بالثورة الوجيزة، كشفت نقاط الضعف بين القوات الروسية الحكومية، بعدما استطاع جنود مجموعة فاجنر تحت قيادة يفجينى بريجوجين الانتقال دون صعوية إلى مدية خوستوف الروسية والتقدم لمئات الكيلومترات نحو موسكو. وسارع الجيش الروسى للدفاع عن روسيا.
وبموجب الاتفاق الذى أعلن عنه المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف، فإن بريجوجين سيذهب إلى بيلاروسيا المجاورة، والتى دعمت روسيا فى غزوها لأوكرانيا، بينما سيتم إسقاط الاتهامات ضده بقيادة تمرد مسلح.
كما قالت الحكومة الروسية إنها لن تلاحق مقاتلى فاجنر الذين شاركوا فى التمرد، فى حين أن هؤلاء الذين لم يشاركوا سيعرض عليهم عقود من جانب وزارة الدفاع. وقال بيسكوف إنه بالسماح لبريجوجين وقواته بالذهاب طلقاء، فإن هدف بوتين الأسمى هو تجنب إرقامة الدماء والمواجهة الداخلية بنتائج لا يمكن التنبؤ بها.
ويقول المحللون أن المخاطر بالنسبة لبوتين ستكون ما إذا كان سينظر إليه على أنه ضعيف. وقال جون هيبرتس، سفير واشنطن السابق لدى أوكرانيا لسى أن إن أن بوتين تضاءل طوال الوقت بسبب هذه القضية.
وقال معهد دراسة الحرب الأمريكى أن تمرد بريجوجين قد كشف عن ضعف شديد داخل الكرملين ووزارة الدفاع، وأضاف أن الكرملين عانى لتقديم استجابة متماسكة لهذا التمرد، وأن أحد الأسباب المرجحة وراء ذلك هو تأثير الخسائر الروسية الكبيرة فى أوكرانيا.
وذكر المعهد أن فاجنر كان من الممكن أن تصل إلى مشارف موسكو لو اختار زعيم فاجنر أن يأمر قواته بفعل ذلك.
وكان بريجوجين قد طالب بالإطاحة بوزير الدفاع سيرجى شويجو، الذى طالما انتقده قائد فاجنر بسبب إدارته للحرب فى أوكرانيا.
ولو كان بوتين قد وافق على الإطاحة بوزير دفاعه، لكان هذا ليضر الرئيس الروسيى سياسيا بعد أن وصف بريجوجين بأنها خائن يطعن من الظهر.
ورجح معهد دراسة الحرب الأمريكى أن يقضى الاتفاق الذى أنهى الأزمة على مجموعة فاجنر كطرف مستقل يقوده بريجوجين بشكلها الحالى، وإن كانت عناصر التنظيم قد تستمر بموجب قدراتها الموجودة بالفعل والجديدة.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست أن وكالات الاستخبارات الأمريكية جمعت معلومات فى منتصف يونيو الجارى، تشير إلى أن رئيس مجموعة فاجنر العسكرية الروسية يفجينى بريجوجين كان يخطط لحركة مسلحة ضد مؤسسة الدفاع الروسية، التى طالما اتهمها بعدم الكفاءة فى إدارة الحرب فى أوكرانيا، وأن الوكالات أبلغت البيت الأبيض والوكالات الحكومية الأخرى بذلك بشكل عاجل حتى لا يتفاجأوا، بحسب ما قال عدد من المسئولين الأمريكيين.
ولم تتضح طبيعة خطط بريجوجين وتحركاته على وجه التحديد حتى وقت قصير من استيلائه المفاجئ على قيادة عسكرية، وتوجهه ناحية موسكو يومى الجمعة والسبت، وفقا للمسئولين. لكن أحد المسئولين، الذى رفض الكشف عن هويته مثل الآخرين بسبب حساسية الأمر، قال إنه كان هناك إشارات كافية حتى يمكن إخبار القيادة بأن شيئا ما سيحدث، معربا عن اعتقاده بأنهم كانوا مستعدين للأمر.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه على مدار الأسبوعين الماضيين، كان هناك قلق بالغ بشأن ما قد يحدث، سواء ما إذا كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين سيظل فى السلطة، وما سيعنيه أى شكل من عدم الاستقرار على السيطرة على ترسانة روسيا النووية، وفقا للمسئول. وكانت هناك الكثير من التساؤلات فيما يتعلق بتلك الأمور.
وقال المسئولون أن عدم الاستقرار الذى ربما ينتج فى حال اندلاع حرب أهلية روسية كان مصدر الخوف الرئيسى.
وبالإضافة إلى البيت الأبيض، تم إطلاع كبار المسئولين فى البنتاجون والخارجية الأمريكية وفى الكونجرس خلال الأسبوعين الماضيين بالمعلومات الاستخباراتية.
ورأى المسئولون أن السبب الرئيسى لتحرك بريجوجين كان قرار وزارة الدفاع الروسية فى العاشر من يونيو الجارى بضرورة توقيع كل جماعات المتطوعين عقودا مع الحكومة. ورغم أن القرار لم يذكر فاجنر بالاسم، إلا أن التضمين كان واضحا: الاستيلاء على قوات المرتزقة التابعة لبريجوجين، الذين أثبتوا أنهم ضروريين للحملة العسكرية الروسية فى أوكرانيا، وساعدوا فى تأمين بعض انتصاراتها التكتيكية.