-
"تحية": فقد بصرى شجعنى على تحفيظ القرآن لأهالى القرية
-
"فتحية": كتبت القرآن الكريم على ألواح بقلم من بوص والحبر
تشهد قرية دقلت التابعة لمركز كفر الشيخ، عطاء مسنتين، من ذوى الهمم، الأولى "تحية عبدالفتاح محمد الفقي"، كفيفة، 75 سنة، والثانية "فتحية البيلى إبراهيم بيلي"، عاجزة بقدمها، 75 سنة، من قرية دقلت، وهبتا نفسهما لتحفيظ كتاب الله للأطفال والشباب والفتيات، حتى كبار السن من السيدات، وطوال 55 سنة من العطاء المستمر علمتا أجيال، ولديهم أبناء أحفاد بعض أهالى دقلت والقرى المجاورة، يحفظون القرآن الكريم مثلما كان يحفظ آبائهم وأجدادهم.
ومحفظة القرآن الكريم، " تحية الفقي" كفيفة، نموذج من النماذج المشرفة فى محافظة كفر الشيخ، رفضت أن تكون من الذين ابتلى بفقد البصر، استسلموا لليأس، وأغلقوا الأبواب على أنفسهم، ودخلوا فى سراديب الظلمة، إلا من يرضى بما كتبه الله له، بدأت تتعلم القرآن، وكان عمرها 4 سنوات، على يد شيختها، وأتمت حفظه فى سن ال9، مع رفيقة دربها الشيخة فتحية بيلى، وعلى مدار 71 سنة كاملة، لم تنقطع صداقتهما بقرية دقلت، وكانت صديقتها ترافقها للكتاب وهم صغار.
قالت الشيخة تحية عبد الفتاح محمد الفقى، بدأت رحلتهما مع القرآن الكريم، عندما كانا فى سن ال4 سنوات من عمرهما عندما حفظ القرآن الكريم على يد شيختهما "ذكية" رحمها الله، وكانت كفيفة، وعندما كبرا صمما السير على نهج معلمتهما، ففتحتا كتابا مشتركًا، ثم فتحت كل منهما كتابا منفصلًا، لكثرة المترددين عليهما من الأطفال والشباب والفتيات وكبار السن من السيدات، وبرغم أن عمرهما تجاوز ال75 إلا أنهما سعيدتين بعملها المتواصل الذى يصل لـ 19 ساعة يوميا ليل نهار لاستقبال الأطفال والسيدات لتحفيظهم القرآن الكريم، تخرج على أيديهما أجيال من أبناء القرية والقرى المجاورة.
وأكدت تحية عبد الفتاح الفقى، أنها فقدت بصرها، واستمرت فى تحفيظ أطفال القرية طوال 55 سنة، وأنهما حصلتا على ترخيص من المحافظة لتحفيظ القرآن، وبعدها سافرتا للقاهرة، وأجرت مشيخة الأزهر اختبارين، وتم منحهما رخصة الكتاب، مؤكدًا أنهما لا يمنعان أى طفل من الالتحاق بالكُتاب، ويستمر العمل بالكُتاب طوال اليوم، ويتعاقب التلاميذ على الحضور بعد الانتهاء من دراستهم بالمدارس أو حضور دروسهم الخاصة، مؤكدا أن لديها سيدات الآن تحفظهما القرآن الكريم أعمارهن تجاوزت الـ50 سنة، أقبلن على حفظ كتاب الله، موجه نصيحة لكل الشباب والفتيات والكبار بالحرص على حفظ القرآن الكريم.
وقالت الشيخ تحية الفقى: "أنا تحب القرآن كله، فتنام به وتجلس به، وترغب أن تموت وهو معها، لوخيروها بين نور الدنيا وترى كل أقاربها، تجد أن القرآن أفضل حدث فى الدنيا ربنا أكرمها به، وتتمنى حسن الخاتمة."
وأضافت الشيخة فتحية البيلى إبراهيم، محطة القرآن الكريم، إنها تزاملت مع رفيقة عمرها ومشوارها الشيخة تحية عبد الفتاح الفقى، منذ طفولتهما وبدأت أحفظ القرآن الكريم فى كُتاب القرية لشيختهم ذكية، وعمرها 4 سنوات، وأتمّا حفظه فى سن 9 سنوات، وكتبت القرآن الكريم فى ألواح ومن خلال تلك الألواح حفظت كل منهما القرآن الكريم، وكانت تستخدم قلم من البوص والخبر الذى تستخدمه الهباب الذى تجمعه من إشعال لمبة الجاز.
وقالت الشيخة فتحية البيلى، عقب حفظهما القرآن الكريم ساعدتا محفظتهما فى تحفيظ أبناء القرية المترددين على الكُتاب لمدة 13 سنة، وبعدها اتفقت مع الشيخة فتحية، وافتتحتا كُتاب خاص بهما لتحفيظ القرآن الكريم، عام 1969، ومنذ هذا التاريخ شهد الكتاب تخريج الكثير من أبناء القرية والقرى المجاورة الذين أتموا حفظ القرآن الكريم على يديهما وتخرج الكثير منهم للعمل كأطباء أو معلمين أو وعاظ، وعمداء كليات.
وقالت فتحية البيلى: "نظرا للإقبال الكبير ومن الأهالى عليهما قررا أن يكون لكل منهما كتابها الخاص بها، لاستقبال الأطفال، ولم يقتصر الأمر على الأطفال بل تعدى للسيدات، فهناك سيدات كبار وفتيات وربات أسر تقبل عليهما لتعليمهن القرآن الكريم، وهناك سيدات لم تكن تعرف تقرأ وتكتب، ساعدتهم على تعلم القراءة والكتابة، ويحرصن على الحضور للكتاب لحفظ القرآن الكريم".
وأضافت البيلى: "يوجد فرق بين حفظ القرآن قديما واليوم، فالإقبال والحفظ قديما كان أفضل فكان المقبل على حفظ القرآن الكريم يكتب القرآن فى ألواح ويحفظ من اللوح مثلها، فهى كتب القرآن الكريم كله من الفاتحة للناس على ألواح، كما أن الإقبال على الدروس الخصوصية قلل إقبال الأطفال على الكتاب، مقارنة بالأعوام الماضية، مؤكدة أنها كتبت القرآن".
وقال عبدالعزيز الفقى، حفيد الشيخة تحية الفقى، إنه فخور بجدته التى تستقبل الأطفال والكبار ليحفظوا القرآن الكريم، فأصبحت علامة من علامات قرية دقلت والقرى المجاورة لها، ويعتبر إلقاء الشيخة تحية والشيخة فتحية للقاء "اليوم السابع" عمل غير مسبوق منذ عدة سنوات، فمنذ إنشاء كتاب خاص لكل منهما لم يتقابلا لانشغال كل منهما بالكتاب واستقبال السيدات الكبار والأطفال.
وأضاف الفقى، أن جدته تستيقظ مبكرًا وسعادتها فى استقبالها الأطفال، والله عوضها بعد كفف بصرها أن يكون الكتاب والقرآن وتحفيظ الأطفال والكبار السن، بالنسبة لها، مؤكدًا أن جدته تنصحه بالتمسك بكتاب الله، فقد علمت حفظ القرآن أجيال منهم عمداء كليات وأئمة كبار وأطباء ومهندسين، كلما زاروا القرية يتوجهون لها، للسلام عليها والاعتراف بفضل الله وفضلها فيشعر بالفخر أنه حفيدها.
أطفال من البنات والأولاد في كتاب الشيخة فتحية والشيخة تحية
الشيخة تحية والشيخة فتحية من ذوي الهمم ترافقتا في حفظ كتاب الله
الصورة أكثر من25سنة للشيخة تحية الفقي ومعها الأطفال الذين أصبحوا أطباء وأساتذة كليات طب وعنداء كليات بالجامعات المصرية
بعض من المترددين على الكتاب من الاطفال
تكريم أهالي قرية دقلت للشيخة تحية الفقي برفقة شقيقها وحفيدها
سعادتهما لتحفيظهما كتاب الله
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة