يخوض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حملة انتخابية ربما تصنف بين الأكثر شراسة فى التاريخ الحديث للولايات المتحدة، يواجه فيها العديد من الخصوم، الذين يسعون لإعادة الحزب الجمهورى إلى البيت الأبيض مرة أخرى، كما يواجه تزامنا معها أزمات قانونية لا يتعرض لها اى رئيس سابق من قبل.
ومع تبقى 16 شهرا على إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، وما لا يقل عن عام للاستقرار على اسم مرشح الحزب الجمهورى فى تلك الانتخابات، فإن الصراع بدأ مبكرا ليس فقط بين ترامب ومنافسيه على الترشيح، وإنما أيضا بينه وبين المؤسسات الأمريكية، لاسيما وزارة العدل والقضاء، حيث تلاحقه العديد من التحقيقات، والتي وصلها بعضها بالفعل إلى توجيه لائحتى اتهام ضده، الأولى مدنية فى قضية أموال الصمت للممثلة ستورمى دانيالز، والأخرى فى قضية جنائية فيدرالية تتعلق بتعامله مع الوثائق السرية، فى القضية المعروفة باسم مارالاجو.
وفيما يتعلق بالضغوط السياسية، يواجه الرئيس الأمريكي تزايدا فى عدد المرشحين المنافسين له على نيل ترشيح الحزب الجمهورى فى انتخابات الرئاسة 2024.
وحتى الآن، يوجد الآن ما يقرب من 12 متنافسًا رئيسيًا على ترشيح الحزب الجمهورى، تظهر استطلاعات الرأي أن ترامب يتقدمهم. وتشمل قائمة المرشحين حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس، وهو الأقرب لمنافسة ترامب، ونيكى هالى، سفيرة أمريكا السابقة لدى الأمم المتحدة فى إدارة ترامب، ومايك بنس نائب ترامب السابق.
وعلى الرغم من وجود أسماء معروفة فى السباق، إلا أن ترامب يظل متصدرا وبفارق كبير. وأصبح النائب السابق ويل هيرد (جمهورى عن ولاية تكساس) أحدث مرشح جمهورى يقدم عرضًا للبيت الأبيض، بعد دخول عمدة ميامى فرانسيس سواريز إلى السباق الأسبوع الماضى. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن السناتور ريك سكوت (جمهورى من فلوريدا) كان يدرس أيضًا ترشيحه للرئاسة، على الرغم من أنه نفى ذلك علنًا.
ولكن فى حين أن مجموعة من الحزب الجمهورى منفتحة على بدائل غير ترامب فى عام 2024، يخشى أعضاء الحزب الجمهورى من أن المجال المزدحم يمكن أن يسحب الأصوات من خصومه الأكثر تنافسية، وخاصة حاكم فلوريدا رون ديسانتس.
وقال الخبير الاستراتيجي الجمهوري فورد أوكونيل: "كلما زاد عدد المرشحين الذين يدخلون المعركة الرئاسية للحزب الجمهورى، كان دونالد ترامب فى وضع أفضل للفوز بالترشيح لأنه يضعف الأصوات التى لن تختاره".
وعلى الرغم من أن ميدان الحزب الجمهوري قد بدأ في التبلور قبل المناظرة الأولى للحزب الجمهوري في أغسطس ، إلا أن الإضافات الأخيرة - حاكم ولاية داكوتا الشمالية دوج بورجوم قد أطلق أيضًا عرضًا طويل الأمد في وقت سابق من هذا الشهر - يزيد المخاوف بين معارضي ترامب.
وقال ريك ويلسون ، المؤسس المشارك لمشروع لينكولن المناهض لترامب . "إنه يجعل الأمر أكثر صعوبة على ديستانتس أو كريس كريستي أو نيكي هالي أو أي شخص آخر لتجميع ما يكفي من الأعداد اللازمة في الولايات المبكرة المختلفة لتحقيق الفوز."
ويعرف حلفاء ترامب ذلك أيضًا ، وقد سعدوا بعدد المرشحين الجدد الذين ينضمون بشكل مطرد إلى السباق. على وجه التحديد ، لقد رأوا أنها فرصة لاستهداف ديسانتس، الذين يعتبرونهم أقوى منافس لترامب.
وقالت كارولين ليفيت ، المتحدثة باسم "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، الداعمة لترامب، "لنكن صادقين ، لن يفكر هيرد في الدخول في هذا السباق إذا لم تكن حملة رون ديسانتيس في حالة سقوط حر ، إن دخول هيرد لا يعني شيئًا بالنسبة لمكانة الرئيس ترامب ، ولكنه يعني كل شيء بالنسبة لرون ديسانتس ، مما يؤكد بشكل أكبر إلى أي مدى انخفض نجم رون."
من ناحية أخرى، فإن المشكلات القانونية المتعددة التي يواجهها ترامب لم تؤثر على شعبيته حتى الأن أو حتى على فرص نيه الترشيح. فحتى لو تمت إدانته فى بعض الاتهامات التي يواجهها سواء القضية المدنية او الجنائية، فإن هذا لا يستبعد من قائمة المرشحين.
وعلى العكس من المتوقع، فإن نسبة تأييد ترامب زادت وفقا لبعض استطلاعات الرأي بعد مواجهة الاتهامات، وزادت أيضا التبرعات لحملته السياسية.
وجمع الرئيس الأمريكي السابق أكثر من مليوني دولار من التبرعات، بعد محاكمته بتهمة حيازته وثائق سرية بشكل غير قانوني.
وذكرت شبكة CNN أن ترامب جمع فى غضون ساعات مبلغ 2.04 مليون دولار، وذلك خلال فعالية جرت في ولاية نيوجيرسي عقب جلسة المحكمة.
كمت ذكرت صحيفة USA Today في مطلع شهر أبريل الماضي، بأن ترامب جمع أكثر من 4 ملايين دولار، خلال 24 ساعة من صدور لوائح الاتهام بحقه في نيويورك، في قضايا تتعلق بسجلات تجارية، لتفيد وسائل إعلام أمريكية في وقت لاحق بأنه جمع مبلغ 15.4 مليون دولار خلال أول أسبوعين من شهر أبريل.
ويبدو أن السلاح الأقوى الذى يتمسك به ترامب فى حملته الرئاسية الثالثة، ليس ماكينة الأموال الضخمة التي يمتلكها بحكم عمله كرجل أعمال فى مجال العقارات، مثلما كان الحال فى انتخابات 2016، والتي كانت أول عهده بالعمل السياسى. ولكن السلاح يتمثل فى نسبة التأييد الشعبى القوى الذى يحظى به ترامب والذى لم يترنح حتى مع تغير مواقف قيادات الجمهوريين من زعيم الحزب على مدار السنوات التي تلت انتخابات 2020. ولم تنجح حتى الآن محاولات بعض هذه القادة لنهج "ترامبية بدون ترامب"، أو تأييد سياسات الرئيس السابق التي لاقت صدى واسعا بين قاعدته الشعبية خلال سنواته الأربع فى الحكم دون تاييد لشخصه. وتظل كاريزما ترامب وقدراته الخطابية فى الفعاليات الانتخابية أحد نقاط القوة التي يتمتع بها ويجيد استخدامها، والتي من المتوقع ان تلعب دورا كبيرا لصالحه فى الأشهر القادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة