"مستقبل أخضر" لماذا انتبه العالم مؤخرا لخطورة التغيرات المناخية؟..تعرض أوروبا لحرائق وارتفاع قياسى لدرجات الحرارة وفيضانات باكستان وأعاصير فلوريدا جرس إنذار للبشرية.. وخسائر تصل لـ178 تريليون دولار حتى عام 2070

الأحد، 04 يونيو 2023 06:58 م
"مستقبل أخضر" لماذا انتبه العالم مؤخرا لخطورة التغيرات المناخية؟..تعرض أوروبا لحرائق وارتفاع قياسى لدرجات الحرارة وفيضانات باكستان وأعاصير فلوريدا جرس إنذار للبشرية.. وخسائر تصل لـ178 تريليون دولار حتى عام 2070 خطورة التغيرات المناخية
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

<< وفاة 1027 شخصا بسبب ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا

<< خبراء طاقة: التغيرات المناخية تسببت في خسائر اقتصادية كبرى

<< اهتمام العالم بالتغيرات المناخية بدأ في مطلع السبعينيات واتخذ خطوات دولية بداية التسعينيات

<< مدير وحدة تغير المناخ سابقا: العالم خسر تريليونات الدولارات بسبب أزمة التغيرات المناخية وجزر معرضة للاختفاء من الكوكب

<< أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب: حال حدوث حرق في الغلاف الجوي عام 2050 لن نستطيع إيقاف حجم الضرر القاتل

<< مستشار وزارة البيئة: انخفاض منسوب مياه 8 أنهار بأوروبا والعالم يسير نحو تسجيل 2,8 درجة حرارة للأرض

<< رئيس حزب البيئة العالمي بلبنان: العالم يحرق فى اليوم 11 مليون برميل من الفحم والبترول

 

استيقظ "جون" - طفل يبلغ من العمر 8 سنوات - فى الساعة السابعة صباحا بتوقيت بلاده، ليجد أن درجة الحرارة ليست كما اعتاد عليها، بل مرتفعة بشكل أكبر بكثير مما هو معتاد فى تلك المدينة التى يقطن بها، فبعد أن كان يعيش فى طقس صقيع يتسم بانخفاض شديد لدرجات الحرارة وتساقط الثلوج فى بعض فصول السنة، بحكم موقع بلاده فى شمال الكرة الأرضية، ها هو الآن يعيش طقسا لم يراه من قبل، وتعلن بلاده حالة الطوارئ لمواجهة هذا التغير فى الطقس، ويتم إلغاء بعض خدمات السكك الحديدية بسبب ارتفاع درجة حرارة القضبان الحديدية أو التوائها، وفشل الكابلات العلوية للقطارات، وتشهد البلاد حرائق متعددة فى الغابات، يسأل الطفل أشقائه عن أسباب هذا الارتفاع الكبير فى درجة الحرارة، فلا يجيبون لأنهم لا يعرفون، ويعيشون حالة من الرعب ليس هم وأسرهم فقط بل سكان المدينة بالكامل، فقد كان هذا هو حال المواطن البريطانى فى يوليو 2022، عندما تعرضت بلاده لارتفاع كبير فى درجات الحرارة وصل إلى 40 درجة مئوية لأول مرة فى تاريخ بريطانيا.

 

تداعيات التغيرات المناخية على العالم
 

ليس هذا فحسب، بل وفقا لتقديرات رسمية صدرت فى يوليو 2022، عن عدد من دول أوروبا توفى ما لا يقل عن 1027 شخصا بسبب ارتفاع درجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ، وسجلت البرتغال وإسبانيا فقط حوالى 440 حالة وفاة، بحسب الأرقام الصادرة عن معهد كارلوس الثالث الصحى، المعنى بتسجيل الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة يوميًا، حيث تم تسجيل 360 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة فى إسبانيا، بجانب تسبب الارتفاع الكبر فى درجة الحرارة الذى وصل فى إسبانيا فى بعض الأيام من شهر يوليو 2022 إلى 45 درجة مئوية، إلى 20 حريقًا من حرائق الغابات، بجانب حرائق متعددة فى فرنسا بفعل درجات الحرارة، أدت إلى إخلاء الكثير من البلدات وتشريد ما يقرب من 3500 شخص المعرضين لخطر الوقوع فى مسار النيران.

 

 

 

أثار التغيرات المناخية في أوروبا
أثار التغيرات المناخية في أوروبا

 

 

 

 

يوليو الماضي كان كابوسا لأوروبا، من حيث ارتفاع درجة الحرارة، ولكن سنجد دول أخرى تعرضت لعواصم وفيضانات، وعلى رأسها فيضان باكستان في أغسطس الذي كان الأسوأ لها منذ عقود وفقا لتقديرات السلطات الباكستانية، وعزاها حينها الخبراء للتغيرات المناخية التي يشهدها العالم، وتتزايد تداعيتها على الكرة الأرضية، واعتبرت باكستان حينها أن التغير المناخي وراء الأمطار المدمرة وغير المسبوقة وأنها تتأثر بشكل غير عادل بتداعيات الممارسات غير المسؤولة بيئيا في العالم، وكان من بين أثار هذا الفيضان سقوط 1061 قتيلا، وتدمير 670 ألف و328 منزلًا و122 متجرًا، وتدمير أكثر من 3400 كيلو متر من الطرقات وجرف 149 جسرًا، وإتلاف أكثر من 80 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، ونزوح أكثر من 3.1 مليون شخص، ووصل عدد المتضررين من الفيضان إلى 33 مليون شخص.

 

 

فيضانات باكستان
فيضانات باكستان

 

 

في 13 نوفمبر الماضي وعلى الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة، تحدث غلام إسحق زي، نائب الممثلة الخاصة للأمين العام، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق، عن أبرز الأضرار التي تعيشها بلاده بسبب التغيرات المناخية، مؤكدا تعرض بغداد لموجات الجفاف الطويلة، وتدهور الأراضي، والفيضانات، وشح الموارد المائية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على رأس الدول المتضررة من التغيرات المناخية، وأخرها تعرض ولاية فلوريدا لإعصار "إيان"، في سبتمبر الماضي والذي كان أقوى العواصف التي ضربت البر الرئيسي للولايات المتحدة، حيث ارتفع عدد قتلى الإعصار إلى أكثر من 90 شخصا، بينما حصيلة الخسائر المادية كانت تاريخية، بعدما وصل ارتفاع منسوب المياه إلى حد غير مسبوق، وغمرت المياه شوارع ومنازل وجرفت قوارب كانت راسية إلى داخل المدن، وتسبب في أن يعيش 1,9 مليون شخص بدون كهرباء، وكلف شركات التأمين ما يصل إلى 47 مليار دولار، بالإضافة إلى إلغاء رحلات جوية وأضرار بالغة لحقت بالإنتاج الزراعي.

 

تغير المناخ أكبر تهديد يواجهه العراق
تغير المناخ أكبر تهديد يواجه العراق

 

أما في القارة الأفريقية، فسنجد أن دول القرن الإفريقي ضربتها موجة جفاف تعد الأسوأ منذ عام 2011، وتسببت في وفاة آلاف البشر، سط توقعات من مركز التنبؤات والتطبيقات المناخية الإفريقية، بأن تزداد شدة الجفاف بسبب انخفاض مستوى سقوط الأمطار عن المعتاد للموسم السادس على التوالي، بجانب زيادة درجات الحرارة، حيث يعاني 23 مليون في دول القرن الإفريقي من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وتسبب الجفاف في رحيل 1.7 مليون شخص بحثا عن الماء والطعام.

 

خسائر اقتصادية بالجملة

مؤخرا، وبالتحديد في شهر مايو الماضي، تعرضت مدن إيطالية إلى أمطار غزية تشبه الفيضانات، تسببت في مصرع 14 شخصا، وحولت الشوارع في مدن وبلدات منطقة إميليا رومانيا إلى أنهار، فيما أُجبِر أكثر من 36 ألف إيطالي على مغادرة منازلهم بسبب الفيضانات التي ضربت شمال شرق البلاد، بعدما أدى ارتفاع منسوب المياه إلى غمر منازل وأسفرت الانهيارات الأرضية عن عزل قرى صغيرة.

كما توقعت دراسة أجرتها شركة "سويس ريإنشورانس"، في أبريل 2021  أن يتسبب تأثير التغير المناخي على الزراعة والأمراض والبنية التحتية، بالإضافة إلى الإنفاق الحكومي وغيره، في خسارة الاقتصاد العالمي 23 تريليون دولار، أي 10 % من قيمته، بحلول عام 2050، لافتة إلى أن مخاطر المناخ يمكن إدارتها من خلال إجراءات سياسية عالمية منسقة.

وفي مطلع عام 2023 قدرت شركة "إيه.أو.إن" الناشطة في مجال الوساطة التأمينية، الخسائر الاقتصادية العالمية التي تسببت فيها الكوارث الطبيعية، بقيمة 313 مليار دولار في 2022، كما أن أقل من نصف هذه الخسائر فقط كان مؤمنا عليه، فيما وقعت 75 % من الخسائر العالمية المؤمن عليها في الولايات المتحدة بعدما ترتب على الإعصار إيان، الذي ضرب ولاية فلوريدا في سبتمبر 2022، تعويضات تتراوح بين 50 و55 مليار دولار من إجمالي الخسائر الاقتصادية التي بلغت 95 مليار دولار.

وفى 21 أبريل 2023 أكد تقرير لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، أن 23 تريليون دولار خسائر الاقتصاد العالمى بحلول 2050، كما أن هناك 72 مليار دولار خسائر اقتصادية فى النصف الأول من عام 2022، وأن تكلفة تكيف الدول النامية 300 مليار دولار مع تغيرات المناخ 2030، موضحا أن 2 إلى 9 % من ناتج الدول الإفريقية تنفق لمواجهة آثار تغير المناخ، كما أن حجم الخسائر الاقتصادية الأمريكية خلال عام 2022 وصل إلى 145 مليار دولار، كاشفة أن الكوارث المتعلقة بالطقس والمناخ والمياه أدت إلى تكبد العالم خسائر يومية تتجاوز 200 مليون دولار خلال الخمسين عاما الماضية، وزاد ارتفاع درجات الحرارة أصبح العالم أكثر عرضة للمزيد من تداعيات التغير المناخي من كوارث طبيعية وغيرها وهو أمر قد يكبد الاقتصاد العالمي مايصل إلى 178 تريليون دولار حتى عام 2070.

 

العالمية للأرصاد الجوية تحذر العالم: سيشهد درجات حرارة الأعلى عبر التاريخ
 

في 17 مايو أيضا، خرجت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بدراسة علمية على موقعها الرسمي، حذرت فيها من أن العالم سيشهد درجات حرارة قياسية هى الأعلى عبر التاريخ خلال السنوات الخمس من 2023 ولغاية 2027، موضحة أن ملامسة عتبة 1.5 درجة مئوية ارتفاعا المتوقعة خلال هذه السنوات ستكون لها عواقب وخيمة، وستدخل العالم "منطقة مجهولة".

وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإنه من المحتمل بنسبة 66% أن يتجاوز المتوسط السنوى لدرجات الحرارة العالمية بالقرب من سطح الأرض، مستويات ما قبل العصر الصناعى بمقدار 1.5 درجة مئوية، وذلك فى عام واحد على الأقل فى الفترة من 2023 حتى 2027، وكذلك من المحتمل بنسبة 98% أن تكون سنة واحدة على الأقل من هذه السنوات الأكثر حرارة عبر التاريخ.

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية

 

ووفقا لتصريحات الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، البروفيسور بيتيري تالاس، يؤكد أن هذا التقرير لا يعني أننا سنتجاوز على نحو دائم عتبة 1.5 درجة مئوية المحددة في اتفاق باريس والتي تشير إلى احترار على المدى البعيد ولسنوات عديدة، إلا أن المنظمة  تدق ناقوس الخطر للإنذار بأن العالم سيتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية على نحو مؤقت، ولكن بوتيرة متزايدة، وكذلك من المتوقع أن تبدأ ظاهرة النينيو في الأشهر المقبلة وأن تؤدي، مقترنةً بتغيّر المناخ البشري المنشأ، إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وسيكون لهذا الارتفاع عواقب جسيمة على صعيد الصحة والأمن الغذائي وإدارة المياه والبيئة، وعلينا أن نكون على أهبة الاستعداد.


 

متى بدأ الاهتمام بالتغيرات المناخية؟
 

كانت هذه مقدمة بسيطة عن الأضرار الجسيمة التي تسببت فيها ظاهرة التغيرات المناخية، ودفعت العالم مؤخرا للانتباه لخطورة هذه الأزمة وتداعياتها الكارثية على الحياة بكوكب الأرض، خاصة إذا ظلت ظاهرة الاحتباس الحراري مستمرة بفعل الانبعاثات الكربونية التي تتسبب فيها الدول الصناعية الكبرى، والتي أصبحت آثارها لا تقتصر على الدول النامية فقط بل أيضا على الدول الكبرى، ولعل ما تم سرده في السطور السابقة أكبر دليل على ذلك.

في الملف الذي نحن بصدده ويحمل عنوان "خطوط خضراء"، سنسلط الضوء عبر سلسلة خلقات على هذه الأزمة التي تهدد كوكب الأرض ونكشف أسباب انتباه العالم مؤخرا بهذه الكارثة، وكيف يسعى لمواجهتها وأبرز ما انجزه مؤتمر المناخ الـ27 الذي عقد في مدينة شرم الشيخ، والتحديات التي تواجه قمة المناخ الـ28 المقرر عقدها في دبي هذا العام، بجانب جهود مصر لمواجهة هذه الكارثة.

الاهتمام بالتغيرات المناخية ليس وليد اللحظة، بل بدأ في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وبالتحديد مؤتمر عام 1972، الذي استضافته ستوكهولم في السويد، حول البيئة البشرية، وحضره حينها رئيسا بلدين و113 مندوبا من الدول، وكانت هناك العديد من الاتفاقيات البيئية الدولية، إلا أنه لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة لدراسة أسباب التغيرات المناخية إلا في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وبالتحديد مع تحرك الأمم المتحدة لدراسة الظاهرة، وبدأ عدد من العلماء يدرسون أسباب التغيرات المناخية، لتجتمع الأمم المتحدة في لندن عام 1990، وكشفت زيادة مستويات الغازات الدفينة، التي تسببت  في رفع درجة حرارة الأرض.

 

اتفاقية باريس
 

ويعد التطور النوعي الذي شهده ملف التغيرات المناخية هو اتفاقية باريس 2015، التي نجحت لأول مرة في الحصول على اتفاق عالمي بشأن المناخ، وتضمنت بنود الاتفاقية، وإيجاد حلول للتكيف مع انبعاثات الغازات، ومواجهة مشكلة انبعاثات الغازات الدفيئة، بجانب التخفيف من حدة ضرر الانبعاثات على البيئة، والتزام 195 دولة برسم استراتيجيات لا تسبب إلا انبعاثات طفيفة من الغازات الدفيئة، بالإضافة إلى النظر بجدية للآثار الواضحة للتغيرات المناخية، والحد من ارتفاع درجة الحرارة، مؤكدة على الدول الصناعية تيسير نقل التكنولوجيا والتكيف مع الاقتصاد الخالي للكربون،  كما وضعت الاتفاقية حد أدنى قيمة 100 مليار دولار مساعدات مناخية للدول النامية سنويا وإعادة النظر في هذا المبلغ في 2025 على أقصى تقدير، وفتح الباب للتوقيع على الاتفاق في أبريل 2016 ليدخل حيز التنفيذ في 2020.

 

 

اتفاقية باريس للمناخ
اتفاقية باريس للمناخ


 

عدم التزام دول العالم باتفاق باريس
 

رغم خطورة ظاهرة التغيرات المناخية على العالم، إلا أن الدول الصناعية الكبرى لم تلتزم ببنود هذا الاتفاق، ففلا هي قللت من حجم الانبعاثات الكربونية الصادرة من أنشطتها الصناعية، وقللت الاعتماد على الفحم والبترول، ولم تزيد من اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة بالنسبة التي تتيح لها إحراز تقدم ملموم في ملف مواجهة التغيرات المناخية، ولم تف بوعودها بشأن توفير الدعم اللازم للدول النامية والمقدر بـ100 مليار دولار سنويا لدعمها في مواجهة التغيرات المناخية.

 

قمة المناخ بشرم الشيخ
 

تتمثل أهمية قمة المناخ التي انعقدت في مدينة شرم الشيخ في نوفمبر الماضي، في طبيعة التوصيات التي خرجت من هذه القمة، وتمثلت في إطلاق برنامج عمل جديد مدته خمس سنوات لتعزيز حلول تكنولوجيا المناخ في البلدان النامية، بجانب تحقيق تقدما كبيرا في العمل المتعلق بالتخفيف، وإطلاق برنامج عمل التخفيف في شرم الشيخ، بهدف التعجيل بتوسيع نطاق طموح التخفيف وتنفيذها، وبدأ برنامج العمل فورًا بعد القمة ويستمر حتى عام 2030 ، مع عقد حوارين عالميين على الأقل كل عام، ومطالبة الحكومات بإعادة النظر في أهداف عام 2030 وتعزيزها في خططها المناخية الوطنية بحلول نهاية عام 2023 .

كما شملت التوصيات المطالبة بتسريع الجهود للإلغاء التدريجي للطاقة التي تعمل بالفحم دون هوادة والتخلص التدريجي من إعانات الوقود الأحفوري غير الفعالة، حيث يقر نص القرار بأن أزمة الطاقة العالمية غير المسبوقة تؤكد الحاجة الملحة إلى تحويل أنظمة الطاقة بسرعة لتصبح أكثر أمانًا وموثوقية ومرونة، من خلال تسريع التحولات النظيفة والعادلة إلى الطاقة المتجددة خلال هذا العقد الحرج من العمل، واختتام المندوبون في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الحوار التقني الثاني لعملية التقييم العالمي الأولى، وهي آلية لرفع الطموح بموجب اتفاقية باريس، وإطلاق حزمة من 25 نشاطا تعاونيا جديدا في خمسة مجالات رئيسية وهم الطاقة ، والنقل البري ، والصلب ، والهيدروجين ، والزراعة، والإعلان عن خطة بقيمة 3.1 مليار دولار لضمان حماية كل شخص على هذا الكوكب من خلال أنظمة الإنذار المبكر في غضون السنوات الخمس المقبلة، ونشر فريق الخبراء رفيعي المستوى التابع للأمين العام للأمم المتحدة والمعني بالالتزامات الصافية تقريرًا في القمة الـ27 ، الذي يعمل كدليل إرشادي لضمان تعهدات موثوقة وخاضعة للمساءلة من قبل الصناعة والمؤسسات المالية والمدن والمناطق، وإطلاق خطة تقودها مجموعة السبع تسمى مرفق تمويل الدرع العالمي في COP27 لتوفير التمويل للبلدان التي تعاني من كوارث مناخية.

 

اتفاقية المناخ بشرم الشيخ
اتفاقية المناخ بشرم الشيخ

 

وخلال القمة أعلنت الدنمارك وفنلندا وألمانيا وأيرلندا وسلوفينيا والسويد وسويسرا ومنطقة والون البلجيكية عن 105.6 مليون دولار أمريكي كتمويل جديد، مؤكدة على الحاجة إلى مزيد من الدعم لصناديق مرفق البيئة العالمية التي تستهدف التكيف الفوري مع المناخ. احتياجات الدول منخفضة الدخل وذات الدخل المنخفض، بجانب عمل شراكة جديدة لانتقال الطاقة العادلة في إندونيسيا، والتي تم الإعلان عنها في قمة مجموعة العشرين التي عقدت بالتوازي مع مؤتمر الأطراف السابع والعشرين ، على تعبئة 20 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة لتسريع التحول العادل للطاقة، وإحراز تقدم مهم في حماية الغابات مع إطلاق شراكة قادة الغابات والمناخ ، والتي تهدف إلى توحيد الإجراءات التي تتخذها الحكومات والشركات وقادة المجتمع لوقف فقدان الغابات وتدهور الأراضي بحلول عام 2030.

ولكن يبقى السؤال المهم هل يتحرك العالم بشكل جدي وفعال وسريع لمواجهة آثار تلك التغيرات المناخية، التي ستدمر الأخضر واليابس حال استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري؟ وهل يقلل العالم من الانبعاثات الحرارية نتيجة أنشطته الصناعية خاصة الدول الصناعية الكبرى ويزيد اعتماده على مصادر الطاقة المتجددة؟ وهل تلتزم الدول الصناعية الكبرى بتوفير الدعم اللازم 100 مليار دولار للدول النامية لمساعدتها في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية؟

 

خبراء طاقة وبيئة يكشفون الآثار المدمرة للتغيرات المناخية على العالم في المستقبل حال استمرار الانبعاثات الكربونية
 

من أجل توضيح التداعيات المستقبلية للتغيرات المناخية مالم يتحرك العالم بشكل فعال وسريع لمواجهة الظاهرة، تواصلنا مع عدد من أبرز خبراء الطاقة والبيئة، ليكشفون لنا خطورة تلك الظاهرة وما قد تتعرض له الكرة الأرضية في المستقبل بفعل ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو ما أكده الدكتور مجدي علام، مستشار برنامج المناخ العالمي، وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، الذي أكد أن الأمور قد تنفلت عام 2050 وتصبح خارجة عن السيطرة، ويصبح كوكب الأرض غير صالح للحياة.

وفي تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، يقول الدكتور مجدي علام، إن لا بديل سوى أن نعيش على سطح كرة الأرضية ونعيش في ظل غلاف جوي نتنفس به ولا بديل أن نعيش على غطاء مائي يشكل أكثر من ثلاث أرباع الكرة الأرضية، ونعيش على ما يطلق على مساقط أحزمة الأمطار وهذه عناصر جعلها الله سبحانه وتعالى مع الكرة الأرضية كي يعيش البشر، وبدون غلاف جو الذي يوازى الجهاز التنفسي لدى الإنسان والغلاف المائي الذي يغذي الكلى وجودة الدماء في كل الكائنات ثم الأرض المنتج الغذائي الأوحد، فلن تستمر الحياة، حيث لا يمكن للإنسان أن نأكل بلاستيك أو زجاج فلابد أن نأكل من الغذاء الذي يخرج من قشرة الأرض نفسها، وبالتالي هذه العناصر هي دوائر للحياة .

وحول متى بدأت الأرض تتعرض لتغيرات مناخية، يقول مستشار برنامج المناخ العالمي، إنه على مدار 500 سنة منذ الثورة الصناعة حدث حقن في الغلاف الجوي نتيجة التخمر الطبيعى للغابات فزادت غاز الميثان، وغازات أكسيد الكربون بنوعيه ثنائى أكسيد الكربون وأكاسيد الكربون الأولية وهذان يحدثا الحرارة في الكرة الأرضية ويمنعان خروجها من الغلاف الجوي مما يحدث ظاهرة الصوبة الزجاجية وهذا جزء من ظاهرة الاحترار الجوي، وهذا ما يحدث خلل في التوازن بين الشمس كنجم والأرض كوكب يدور في إطار الشمس وبين القمر في إطار دورانه حول الكرة الأرضية، كما تتسبب في تآكل طبة الأوزون، وزيادة سرطان الجلد في بلدان كثيرة.

ويوضح الدكتور مجدي علام، أن الخزان المائي للأرض ثلاث أباعه مالح وربعه مياه عذبة، وهناك 12 نهر ضخم بعضهم له بحيرات مثل بحيرة فيكتوريا وبعضه له مصب على البحار والمحيطات مثل نهر النيل والميسيسي فلابد أن يصب النهر على بحر أو محيط، والتحكيم في الغلاف الجوي هو المتحكم الوحيد في الحياة، متابعا: "إذا استمرت البشرية في جنونها في الانبعاث الحراري فإن الاحترار سيزيد والكرة الأرضية ستخسر ثلث مسطح النبات على مستوى العالم الذي كان يشكل 40 % على مستوى الكرة الأرضية في الماضي وأصبح الآن يشكل 12 % فقط، بفعل ممارسات البشر، مثل ما فعله رئيس البرازيل ال أحرق قلق غابات حوض نهر الأمازون وهى أكثر كارثة طبيعية حدثت، إذا لم نخفض الانبعاث الحرارى إلى أقل من 1,5 % وظللنا نستخدم الفخم والبترول فهذا سيؤدى إلى حدوث حرق في الغلاف الجوي في عام 2050، ولن نستطيع إيقاف حجم الضرر القاتل الذي يلغي الحياة على سطح الكرة الأرضية حينها".

وحول مؤتمرات المناخ التي تستضيفها دول العالم يقول :"كل الجهود الدولة ومؤتمرات المناخ تهدف إلى توقيع اتفاق جدي للتخلص من الفحم والبترول خلال 40 سنة وأن تمضي وكل سنة تخفض  الانبعاثات ما بين 8 إلى 10 % ، ولابد من خفض الانبعاثات الحرارية كي لا تزيد درجة الحرارة الأرض عن 1,5 حتى عام 2050 لأنه حينها الأمور ستنفلت وتضر كل دول العالم، ومؤتمرات المناخ على مستوى العالم فرصة لتداول الأراء حول السبل والوسائل الجديدة للعامل مع التغيرات المناخية".

 

هل أساليب دول العالم الجديدة لمواجهة التغيرات المناخية ناجحة؟
 

ويؤكد الدكتور مجدي علام،  أن عدة دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للتحكم في المناخ من خلال الاستمطار الصناعي عبر مواد معينة ونجحت التجربة في تكوين سحب ولكن فشلت في التحكم بإنزال السحب لأمطار لأن المياه جاءت من السماء وهم يرغبون في أن يتحكمون في المناخ ولكن لم تستطع أن تتحكم في مكان سقوط الأمطار وكان للدكتور فاروق الباز دور كبير في الاستمطار الصناعي.

ويضيف الدكتور مجدي علام  أن الحل زيادة الأشجار لتكوين سحب مائية من خلال أحزمة خضراء كثيرة وزراعة مساحات خضراء وليس شرط أن تكون مغذية ولكن إذا قمت بزراعتها كغذاء سيكون الفائدة اثنين هو الحل الأرخص والأمثل، متابعا :"الصين وصلت إلى نوع من التحكم في بعض السحب لإنزال الأمطار ولكن الأمر ما زال في مرحلة التجربة".

الدكتور مجدى علام
الدكتور مجدى علام

 

وبشأن المبلغ المرصود دوليا لدعم الدول النامية للتكيف مع التغيرات المناخية يقول إن العالم رصد 100 مليار دولار من أجل عمل إصلاح للضرر التي يتسبب فيها التغيرات المناخية ولكن هذا الرقم يجب أن يصل إلى 800 مليار دولار كحد أدني، مشيرا إلى ضرورة توقف الجميع عن الاعتماد على البترول والفحم وتوسيع الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة رياح والحفاظ على المساقط المائية للحفاظ على مصادر المياه الموجودة، والبحار والمحيطات مسئولة عن المياه في كرة الأرضية فالمياه المالحة مهمة وليست العذبة فقط وليس من مصلحة أحد أن يكون المياه العذبة أكثر من المالحة.

 

خبير طاقة عالمى: أزمات غذاء ومياه تواجه العالم

من جانبه أكد الدكتور ماهر عزيز استشاري الطاقة والبيئة، وعضو مجلس الطاقة العالمي، أن أبرز خسائر العالم الاقتصادية بسبب التغيرات المناخية هي حدوث أزمة طاحنة في الطعام اذا  تسببت التغيرات المناخية في تدمير المحاصيل الغذائية، بجانب أزمة طاحنة في المياه إذا تسببت التغيرات المناخية في شح المياه في أماكن عديدة من العالم.

وأضاف عضو مجلس الطاقة العالمي، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن التغيرات المناخية تسبب في أزمة طاحنة في البنى الأساسية في دول كثيرة من العالم إذا أدت التغيرات المناخية إلى تدمير البنى الأساسية في أماكن عديدة من العالم، بجانب أزمة طاحنة في التهجير القسري لجموع غفيرة من البشر إذا أدت التغيرات المناخية إلى غرق كل الدول الجزرية الصغيرة وكل دلتاوات الأنهار فتترك جموع بشرية غفيرة أماكنها للبحث عن موائل أخرى في الدول المجاورة وما تسببه هذه الهجرات من ضغوط غير محتملة علي دول المهجر

وأشار إلى أن التغيرات المناخية تتسبب في نشوب حروب عديدة بين الدول جراء التنازع علي الموارد القليلة التي تبقي والتنازع بين أبناء البلاد الأصليين والجموع الغفيرة من الهجرات القسرية، فضلا عن خسائر أخرى عديدة تتولد أساسا عن هذه الخسائر الرئيسية.

وبشأن أهمية الاعتماد على الطاقة المتجددة قال الدكتور ماهر عزيز، إنه ينتظر أن تؤدي الطاقة المتجددة دورا مهما في العالم اليوم انطلاقا من اعتبارين جوهريين هما احتياج العالم الي بدائل يعول عليها للطاقة الأحفورية الناضبة  ويتطلع العالم أن تحل الطاقة المتجددة محل حوالي 50 % من استهلاكاته من الطاقة الأحفورية بحلول عام 2050، بجانب ما تؤديه الطاقة المتجددة من دور فاعل في مقاومة غازات الدفيئة، فإذا حلت الطاقة المتجددة محل  50%  من الطاقة الأحفورية الناضبة بحلول عام 2050  فمعني ذلك أنها ستخفض انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن قطاع الطاقة إلي النصف بحلول عام 2050،  وهذه نتيجة مذهلة في إنقاذ العالم من التغيرات المناخية 

 

اعتبار البيئة من موضوعات التنمية المستدامة

وفي ذات السياق يقول الدكتور سيد صبرى مدير وحدة تغير المناخ بوزارة البيئة سابقا، واستشارى التغيرات المناخية والتنمية المستدامة، إن قضية التغيرات المناخية بدأ الاهتمام بها منذ اعتبار البيئة من موضوعات التنمية المستدامة وبدأ هذا في عام 1972، حيث تم توقيع اتفاق أوسلو المعني بالأخذ بالبعد البيئي في التنمية الاقتصادية، ولكن ظل موضوع البيئة بعيد حتى بدأت تظهر تعريف التغيرات المناخية.

ويضيف الدكتور سيد صبرى، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه في عام 1988 تم إنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخ التي أنشأتها هيئة الأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة، والهيئة عبارة عن مجموعة من العلماء ومهمتها كانت أن تبحث في كل البحوث التي نشرت حول العالم حول قضايا الزراعة والطاقة للبحث في ظاهرة التغيرات المناخية ومعرفة الأسباب التي تؤدي العواصف والأعاصير والفيضانات وأسبابها وظل البحث مستمر منذ عام 1988 حتى 1990 وكان أول تقرير لهم أن التغيرات المناخية لها تأثيرات سيئة على الاقتصاد العالمي بسبب الظواهر المناخية الضارية مثل الموجات الحرارية والباردة والعواصف الترابية والرملية التي تحدث في الدول خاصة التي الدول التي بها صحراء كثيرة، بجانب حدوث الفيضانات .

ويشير إلى أنه عندما خرج أول تقرير من تلك الهيئة الحكومية الدولية، بدأت تجتمع دول العالم ووجدت أن هناك خطر على البيئة بسبب التغيرات المناخية واتفقوا على عقد اتفاقية على مستوى العالم سموها اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، لافتا إلى أن هذا الملف لم يأخذ اهتماما كبيرا لأن يتطلب التزامات على الدول الصناعية الكبرى، خاصة أن هناك أنشطة بشرية تزايدت بعد اختراع الآلة واستخدام الخاص مع منتصف القرن الـ18 والثورة الصناعية وتصاعدت الغازات على رأسها ثاني اكسيد الكربون وأدت إلى ظاهرة الاحتباس الحراري واجدى لاحتباس كمية من الحرارة أكثر مما يلزم لاستمرار الحياة على سطح الكرة الأرضية وسميت بظاهرة الاحتباس الحراري والتي أدت لظاهرة التغيرات المناخية وخلل في النظام المناخي".

ويوضح مدير وحدة تغير المناخ بوزارة البيئة سابقا، أن ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض سيؤثر على النواحي الصحية والموجات حارة والموجات باردة لبعض الدول، لافتا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدى لغرق لبعض الدول منخفضة الأرض مثل جزر المالديف فهي من الجزر التي قد تغرق بسبب التغيرات المناخية، بجانب بعض المدن الشاطئية على مستوى العالم.

 

 

 

خسائر العالم من التغيرات المناخية

ويقول الدكتور سيد صبرى، إن العالم خسر تريليونات الدولارات بسبب أزمة التغيرات المناخية، ولكن الرقم تحديدا من الصعب تحديده لكن هناك دراسات اقتصادية أكدت أن العالم خسر وما زال يسخر المليارات بشكر مستمر بسبب تأثيرات التغيرات المناخية والتي تؤدى إلى حدوث العواصف والأعاصير مثل إعصار كاترينا وإيان  في فلوريدا وأعاصير أخرى في بنجلاديش وفيضانات ضربت العديد من دول العالم، وهناك توابع اقتصادية لهذه التغيرات المناخية أثرت على العديد من الدول الإفريقية  وتسببت في ظاهرة الجفاف نتيجة نقص الأمطار في الكثير من دول الدول الإفريقية، مما أدي إلى حدوث مجاعات في بعض دول القارة السمراء خاصة دول وسط أفريقيا، كما أن هذه التأثيرات السلبية وصلت إلى دول شرق أسيا وتسببت في نقص غذاء وموارد مائية وأثار صحية خطيرة على البشر وغرق بعض الأماكن وحدوث أعاصير وتسوماني لبعض الدول.

وحول إمكانية توصل اجتماعات الأمم المتحدة لحلول عاجلة للظاهرة يوضح أن تلك الاجتماعات تخرج بتوصيات ولكن لا تنفذ لأن بها التزامات للدول الصناعية الكبرى التي تلتزم بتلك التوصيات لأن بها معدلات تنمية تريد تحقيقها ولا يوجد لديها مصداقية للالتزام باتفاقيات التغير المناخي مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي انسحبت من اتفاقية المناخ في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ثم عادت في عهد بايدن ولكن لا يوجد نية صادقة لدى الدول الصناعية فهي تقوم بجزء من الالتزام من الاتفاقيات.

وبشأن ما هي السيناريوهات التي تنتظر كوكب الأرض حال عدم التزام الدول الصناعية اتفاقيات المناخ يقول الدكتور سيد صبرى :" إذا لم يتم بالالتزام الكامل لاتفاقيات المناخ، ستزيد درجات الحرارة بأكثر مما تحتاجه الأرض، مما سيؤدى إلى غرق عدد كبير من الجزر وأماكن أخرى من السواحل والدول المتشاطئة مع البحار خاصة الأماكن المنخفضة عن مستوى البحار مالم تأخذ الدول احتياطات "، موضحا أن مصر تعمل على حماية الشواطئ وتأخذ خطوات في هذا الاتجاه، وتحاول مع الدول الصناعية من أجل إقناعها بالالتزام بالالتزامات المالية الخاصة بتمويل الدول النامية لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية، إلا أن استمرار التغيرات المناخية سيكون له آثار سيئة على كل دول العالم خاصة الدول النامية وهناك دول نامية ليس لديها تمويل وستكون أقل قدرة على مواجهة التغيرات المناخية.

 

أستاذ طاقة في ألمانيا: التغيرات المناخية تسببت في خسائر اقتصادية كبرى والتحول للطاقة المتجددة مكلف

من جانبه يؤكد الدكتور خالد عبد الرحمن، نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر الألمانية، أن التغيرات المناخية وارتفاع متوسط درجات الحرارة على مستوى العالم وكذلك ملاحظة ذوبان الثلج في مناطق شمال أوروبا يعود في الدرجة الأولى إلى زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون الناتج من الوقود الأحفوري كالبترول والغاز الطبيعي، وهذا يتسبب في خسائر اقتصادية كبرى لدول العالم.

ويضيف نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر الألمانية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من ألمانيا، أن الفترة الراهنة تشهد تواصل بشكل متميز بين الشركات الصناعية في مجال الطاقة المتجددة و الجامعات والمعاهد البحثية بغرض الوصول إلى تصميم مثالي يخدم الصناعة في الدرجة الأولى ويخفف من ظاهرة التغيرات المناخية.

وبشأن كيف تعمل الشركات على تطوير منتجاتها من أجل التخفيف من ظاهرة التغيرات المناخية، يشير خالد عبد الرحمن، إلى أن أغلب الشركات الألمانية العاملة في مجال تصنيع السيارات عملت على تطوير البطاريات ورفع كفاءتها للعمل على التحول من الموتور الذي يعتمد على البنزين إلى الكهرباء وتقوم الحكومة الألمانية بتشجيع الشركات وكذلك تمويل الأبحاث في مجال السيارات الكهربائية، متابعا :"لابد من الاعتراف أن هذا التحول مكلف اقتصاديا للغاية، حيث ارتفعت أسعار الكهرباء والتدفئة المنزلية بشكل كبير بسبب التوقف الكامل عن استخدام الغاز الروسي ومحاولة سد العجز عن طريق مصادر أخرى صديقة للبيئة".

ويؤكد أن التغيرات المناخية أدت إلى جفاف بعض الأنهار البحيرات بشكل واضح، ولا يوجد سبيل آخر سوى الاعتماد بشكل كبير على مصادر الطاقة المتجددة، موضحا أن مصر اتخذت في السنوات الأخيرة خطوات متميزة وواضحة لزيادة نسبة الطاقة عن طريق الشمس أو الرياح إلى نسب مرتفعة نسبيا.

 

مستشار وزارة البيئة: التغيرات المناخية تؤثر على إنتاجية المحاصيل

الدكتور حسين أباظة عضو اللجنة الوطنية للمشروعات الخضراء ومستشار وزارة البيئة للتنمية المستدامة، ورئيس برنامج الأمم المتحدة للاقتصاد والتجارة الدولية سابقا، يؤكد من ناحيته أن التدخل الإنساني هو السبب الأساسي في حدوث خلل نتج عنه عدم التوازن البيئي الذي يحدث خلل بيئى في العالم خلال الفترة الراهنة.

الدكتور حسين أباظة
الدكتور حسين أباظة

ويضيف رئيس برنامج الأمم المتحدة للاقتصاد والتجارة الدولية سابقا، في تصريحات خاصة أن النظام الغذائي يتوفر عن طريق نظم زراعية والتنوع البيولوجي فهما يساهمان في توفير الغذاء الذي يحتاجه العالم، إلا أن التغيرات المناخية تؤثر على إنتاجية المحاصيل، خاصة أن الفترة الماضية شهدت تضارب في أسعار الغذاء بين الانخفاض والارتفاع، مشيرا إلى أن كل التقارير والدراسات تشير إلى أن العالم يسير في الطريق الخطأ، حيث إن المطلوب هو عدم زيادة مستوى درجة حرارة الأرض عن 1,5 درجة مئوية، إلا أننا نسير نحو تسجيل 2,4 إلى 2,8 درجة مئوية، ومع تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والظروف العالمية الراهنة، لن نستطيع أن نصل إلى المستهدف من درجة حرارة الأرض المتمثل في 1,5 درجة مئوية.

ويوضح مستشار وزارة البيئة للتنمية المستدامة، أن هناك خلل حدث ويحدث في البيئة بدول أوروبا الذين عانوا من تداعيات التغيرات المناخية مثل الدول النامية، وتعرضوا لندرة في المياه وجفاف في الأنهار، خاصة أن هناك انخفاض في منسوب 8 أنهار والبعض من تلك الأنهار جف في أوروبا، كما أن ذوبان الثلوج بدأ يتزايد، ومعدلات الحرائق زادت وهذا يزيد الانبعاثات وبالتالي تزيد التغيرات المناخية ويزيد تأثيرها على الإنسان والحيوان ويحدث خلل بالتنوع البيولوجي، ومعدلات التصحر في العالم تزيد بشكل كبير مما يؤثر على الغذاء وأسعاره، خاصة أن الخبراء يرون أن الحروب خلال الفترة المقبلة ستكون حول مصادر المياه

ويشير إلى أن مصر بدأت تخطو خطوات مهمة نحو الاقتصاد الأخضر، حيث إن التوجه في مصر الآن مثلما يحدث في كثير من دول العالم هو ترشيد استهلاك المياه، وتحلية المياه، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة والتوجه نحو المدن الساحلية لأخذ مياه من البحر وعمل معالجة لأن المياه الجوفية ستقل بشكل كبير، خاصة أن مشروع الدلتا الجديدة يعتمد على المياه المحلاه والمياه المعاد تدويرها.

 

رئيس حزب البيئة العالمي بلبنان: المنطقة العربية بحاجة ماسة لوضع استراتيجية لحماية البيئة
 

فيما يقول الدكتور دوميط كامل، رئيس حزب البيئة العالمي بلبنان، إنه اعتبارا من بداية الثمانينات ظهرت التغيرات المناخىة وظاهرة الاحتباس الحراري وبدأت فى عدد من المناطق على كوكب الأرض، مشيرا إلى أن القضايا البيئية وتأثيراتها السلبية ليس لها حدود وتتخطى الدول وعلى رأس أضرار التغيرات المناخية التصحر والفيضانات والسيول جارفة وهناك مرحلة اضطراب مناخي عالمى نشهده حاليا.

ويضيف رئيس حزب البيئة العالمي بلبنان، في تصريحات خاصة، أن هناك بداية لاضطراب مناخي على سطح الأرض من خلال تغير الكتل الهوائية بسبب الاحترار العالمى والكتل الهوائية، وبالتالى صار الهواء دافى ويشكل خطر على كل الكائنات الحية على كوكب الأرض ويؤثر بشكل خاص على الحيوانات والنباتات.

دوميط كامل
دوميط كامل

ويوضح أن القرن الأفريقى أصبح يعاني من عدم وجود أمطار بشكل كافى، وهناك تنامي لأزمة التصحر في عدد كبير من العالم والصين بها نسبة كبيرة من التصحر وكذلك هناك ارتفاع في درجات الحرارة، وهناك دول أخرى تعاني من السيول الجارفة، متابعا: "العالم يحرق فى اليوم 11 مليون برميل من الفحم والبترول وهذا يؤثر على ذوبان الجليد وتمدد الصحراء والجفاف وهذا خطير جدا وبد أن نضع استراتيجية لخفض الـ11 مليون برميل من الفحم والبترول لحماية الكوكب من التغير المناخى وفى حال استمرار التغيرات المناخية بنفس الوتيرة، ستذهب البشرية إلى منحدر خطير للغاية، وفي عام 2050 سيكون هناك تدهور بيئى ضخم سيؤثر على الإنسان".

وأشار الدكتور دوميط كامل، إلى أن من الأسباب التي تؤدى إلى تزايد التغيرات المناخية كثافة السيارات الموجودة على سطح الأرض خاصة أنها سيارات تستهلك كميات كبيرة من الوقود وكل عام يكون هناك إنتاج لـ 80 مليون سيارة تدخل أسطول النقل، مما معنى أن هناك استهلاك كبير للوقود على سطح الكوكب وهذا سيزيد بشكل كبير للغاية من خطورة التغير المناخى وزيادة كميات الكتل الهوائية الحرارية والتلوث الهوائى وتفاقم أزمة الجوع.

ويتابع رئيس حزب البيئة العالمي بلبنان، :"لا شك أن المنطقة العربية بحاجة ماسة لوضع استراتيجية لحماية البيئة والمنطقة ونناشد الزعماء وملوك ورؤساء الدول العربية بالتعاون بالحفاظ على البيئة خاصة بعدما تحولت مياه المنطقة العربية لمياه متلوثة والأنهار معظمها أصبحت صرف صحى وصناعى وملوثة ولا يوجد علاج لها والمياه الجوفية تأثرت بشكل كبير بعد تحويلها لصرف صحى وزراعى والمياه العزبة تستخرج بشكل عشوائى في بعض الدول ودخلت عليها المياه المالحة بسبب عشوائية التصرف فيها".

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة