لم نر في النقوش المصرية أن المصري القديم كان يعامل حيواناته معاملة سيئة، إذ كانت الحيوانات تعامل على وجه عام برفق وحنان، إذ الواقع أن العصا أو السوط "الفرقلة" كانت تستعمل للإرهاب فحسب، وعن طريقة معاملة المصرى القديم للحيوانات نتحدث.
صغار الحيوان
كانت موضع عناية وحنان، إذ كانت تحمل على الأعناق أو في حضن حاملة القرابين كما يلاحظ ذلك في رسوم مقابر الدولة القديمة، إذ نرى الغزال الصغير أو العجل محمولًا بين ذراعي حامل القرابين، كما نشاهد أميرات يلاطفن بأيديهن عصافير صغيرة قد سقطت من أوكارها، وأطفالًا يداعبونها كذلك.
وقد كان الراعي يقود ماشيته إلى الحقل وهو ينشد لها الأغاني بحداء خاص، وقد كتب الفنان بعض هذه الأغاني التقليدية، والظاهر أن هذه الأغاني كان لها تأثير على البقرات وقت حلبها مما يزيد في مقدار اللبن الذي كانت تعطيه يوميًّا، إذ عملت تجارب لذلك في أمريكا فوجد أن البقرة تعطي 15% من اللبن زيادة على إنتاجها الطبيعي عندما تحلب والراعي يحدو لها بغناء يهدئ من أعصابها ويدخل عليها السرور. وكان الفلاح وهو يرعى ماشيته لا يكتفي بملاحظتها بل كان ينعت كلًّا منها بصفة تغلب عليها فكان يسمى "الذهبية" و"الجميلات" و"اللامعة" إلخ، كما ذكر الدكتور سليم حسن فى موسوعته مصر القديمة.
وعند اشتداد الخطوب في البلاد بسبب الثورات مما يسبب إهمال الحيوان وعدم العناية به يصف الكاتب هذه الحالة بقوله: "الحيوان يشكو مر الشكوى فقلبه يبكي أو ينتحب بسبب حالة البلاد"، وعندما يتناطح ثوران أو تشتبك قرونهما معًا كان الراعي يتدخل في الحال بينهما برفق.
ولما كان المصري يخاف ضياع حيوانه بين الحيوانات عند ورود الماء كما يخاف عليها من السرقة فإنه كان يعلمها بعلامة خاصة، بكيها في الغالب على الكتف أو على القرن وتوجد قرون كباش من نوع Ovis platyra مختومة على قرونها، وهي محفوظة بقسم الزراعة القديمة بمتحف فؤاد الأول الزراعى، وقد عثر على مناظر لهذه العملية كما عثر على حيوانات تحمل علامات خاصة.
ومنذ الدولة القديمة نجد أن الكهنة كانوا يختمون الحيوان، ومن المحتمل جدًّا أن هؤلاء الكهنة كانوا ينتخبون من بين الحيوانات ما يصلح للمعابد وما هو صالح للذبح، ويجب أن تكون هذه الحيوانات خالية من كل مرض أو تشويه مما يدنس لحمها، كما أكدت موسوعة مصر القديمة.
ويقول "هردوت" أنه على أثر موت أي عجل "أبيس" ترسل المعابد مفتشين عند مربي الحيوانات فيفحصون كل حيوان في حالتي وقوفه ورقاده على ظهره ثم يسحبون لسانه، ويرون إذا كان سليمًا وخاليًا من العلامات التي ذكرتها الكتب المقدسة، فإذا لم يجدوا في جسم الحيوان شعرة واحدة سوداء مما يجلعه مقبولًا في أعين الآلهة فإن الكهنة تعلمه بوضع حبل حول قرنيه مصنوع من ألياف نبات البردي ويضعون عليه طينة ويختمون عليها بخاتم خاص.
تعداد الحيوان
ذكر على حجر "بلرم" الذي يرجع عهده إلى الأسرة الخامسة أن الحيوانات كانت تحصى في عهد الدولة القديمة كل عامين مرة وذلك أمام ممثلين للإدارة الملكية، كانوا يرسلون إلى الأرياف لعد الحيوان حتى تقدر الضرائب بمقتضى ذلك، ولكن منذ عهد الدولة الوسطى كان التعداد يعمل كل عام، فكان يقدم كل فلاح الحيوانات التي في حراسته، وهي التي يرعاها لحساب صاحب المقبرة حيث قد رسم المنظر الذي يمثل ذلك آثارهم، وأحسن مثال لدينا عن تعداد الحيوانات وأهميته عثر عليه في "البرشة" من عهد الدولة الوسطى في مقبرة أحد أمراء مقاطعة "هرمو بوليس"، وهو "تحوت حتب"، وفي مناظر هذه المقبرة نجد تعداد كل أنواع الحيوان والطيور، وحتى البيض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة