صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «شربل داغر.. العولمة والنص» من تأليف الدكتورة نيلة أبي نادر.
الكتاب محاولة جدية للمساهمة في تفادي النقص المصاحب للفكرية النقدية، لأن مؤلفته تناولت بالبحث والتنقيب ناقدا ومفكرًا من أفضل ما يوجد حاليا في العالم العربي الدكتور شربل داغر، بل وأيضا لأنها كشفت في ثنايا دراستها عن قدرة منهجية لتقصي مسارات العمل الفني ومشارب الفكر المختلف ومغامراتها داخل السائد المتغلق، ولعل ما يضفي على هذا العمل المميز ما يمكن به أن نستقصي مشاكل الإبداع والنقد في آن واحد قد يقودنا إلى مساءلة بعض المفاهيم التي أبرزتها المؤلفة في قراءتها المعمقة لآثار المفكر المبدع شربل داغر.
وأول هذه المفاهيم تصور العولمة كما جاء في هذا الكتاب، فهى تكتب في الاستهلال أن «للعولمة» تشكلات وتجليات ظاهرة، كما أن لها تشكلات وتجليات قد تكون خبيثة، وتضيف في الفصل الأول من القسم الأول، فالكاتب هو ابن زمنه، كما نعلم، والزمن هو زمن العولمة التي أنتجتها الحداثة بمجمل أبعادها ومفاعيلها.
ولم يكن شربل داغر حسب المؤلفة مبدعًا تثاقفيًا فقط، هو أيضا ناقد ترعرع ضمن مستوجبات الثقافة النقدية ونعني النقد الحر والمتعقل الذي يفتح باب الكونية على مصراعيه، ولعله في تموضعاته المختلفة التي تحدثت عنها الكاتبة قد حدد لنفسه حقل التعامل النقدي التثاقفي الذي ربطه بالإبداعات العالمية المختلفة والمتنوعه وبالفكر الحي المتجذر في الثقافات المجاورة التي تعامل معها.
وهذا الحقل التثاقفي قد تأسس على أعمدة ما يسميه ميشال فوكو «الفكر الآني» والحاضر الدائم في حضوره إذ تقول الكاتبة عنه: (فما انقطع عن الحداثة) أفقًا، ولا عن العلمانية خيارًا للعيش والسياسة، ولا التجديد - الجذري أحيانًا - رؤية وأساليب وتعبيرات، هذا الانقطاع هو انقطاع عن العمل الحزبي وعن العمل السياسي المباشر، مما استوجب تموضعا مختلفا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة