فى مثل هذا اليوم، 18 يوليو عام 1918، ولد الزعيم الأفريقى نيلسون مانديلا، وتتخذ الأمم المتحدة من مولده يوما عالميا لتخليد ذكراه، مانديلا هو سياسى أفريقى مناهض لنظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا، وثورى شغل منصب رئيس جنوب أفريقيا بين عامى 1994-1999 وكان أول رئيس ذات بشرة سمراء لجنوب أفريقيا.
ينتمى مانديلا لقبيلة "ماديبا"، وكان نجل الزعيم هنرى مانديلا. بعد وفاة والده، ترعرع على يد جونجينتابا خليف عرش تيمبو، لكن نيلسون تخلّى عن زعامة القبيلة ليذهب إلى الجامعة ويدرس الحقوق، فقد عرف أهميّة العلم، ومن أقواله أن "التعليم أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم".
درس الحقوق في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرج، وفى عام 1944 انضم إلى المؤتمر الوطنى الأفريقى (ANC) الذى عمل لتحرير السود من أغلال التمييز العنصرى، وأصبح قائدًا لحزب الشباب التابع له، حيث أصبح زعيمًا لجناح الشباب فى جوهانسبرج فى حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى وفى عام 1952، وأصبح نائب الرئيس الوطنى لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، دافعًا عن المقاومة اللاعنفية للفصل العنصرى "نظام جنوب إفريقيا المؤسسى لتفوق البيض والفصل العنصرى".
مصر فى فكر المناضل الأفريقى
وسار مانديلا علي درب معشوق أفريقيا الزعيم الكبير جمال عبد الناصر الذى ظل رمزًا للنضال الأفريقى والإنسانى، وجعل من القاهرة عاصمة للتحرر الأفريقى، وسعى إليها كل المناضلين من أنحاء القارة وكان من بينهم زعيم جنوب أفريقيا.
زار مانديلا مصر 3 مرات، الأولى كانت فى الستينات القرن الماضى، والتى التقى خلالها الرئيس الراحل أنور السادات، والزيارة الثانية بعد خروجه من السجن فى أوائل التسعينيات، والزيارة الأخيرة فى 1995.
كان نشاط مانديلا المناهض للفصل العنصرى هدفًا متكررًا للسلطات، وبدأت الحكومة تضغط عليه بدءًا من عام 1952. تمّ حظر الحزب بشكل جذري. وفى عام 1956 اعتُقل مانديلا إلى جانب 100 شخص بتهمة الخيانة، وطالت الاعتقالات الناشطين البارزين المطالبين بحقوق السود، وبعد مذبحة المتظاهرين السود المسالمين فى شاربفيل فى عام 1960، ساعد نيلسون فى تنظيم فرع شبه عسكرى لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى للمشاركة فى حرب العصابات ضد حكومة الأقلية البيضاء، وأُرسل مانديلا للمحاكمة وتمت تبرئته فى نهاية العام 1961.
وبعد الإفراج عنه لكنّه بعد عودته اعتُقل مرّة أخرى بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونيّة، وبتهمة التحريض على الإضرابات وأعمال العنف.
فى عام 1961 تم القبض عليه بتهمة الخيانة، وعلى الرغم من تبرئته، إلا أنه تم القبض عليه مرة أخرى فى عام 1962 بتهمة مغادرة البلاد بشكل غير قانونى، حيث كان قاد مقاومة سريّة، فى الجزائر عام 1962 لترتيب دورات تدريبيّة لأعضاء الجناح العسكرى للحزب، أدين وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات فى سجن جزيرة روبن، وأعيد للمحاكمة مرة أخرى فى عام 1964 بتهمة التخريب وفى يونيو 1964، أدين مع العديد من قادة حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى الآخرين وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وقضى نحو 27 عاما فى السجن، ورغم ذلك لم تستطع سنوات السجن الطويلة وظلاله القاتلة أن تغتال ابتسامته التى وهبت قبلة الحياة لأفريقيا، وتحمل على كاهله تاريخًا ممتلئًا بالظلم والتعالى وإلغاء الآخر، قاومه وآمن بالمستحيل حتى حققه.
أمضى مانديلا أول 18 عامًا من 27 عامًا فى سجن جزيرة روبن الوحشى احتجز فى زنزانة صغيرة بدون سرير أو سباكة، وأجبر على القيام بأشغال شاقة فى محجر وكان يمكنه كتابة رسالة واستلامها مرة كل ستة أشهر، ومرة واحدة فى السنة يُسمح له بمقابلة زائر لمدة 30 دقيقة. ومع ذلك، ظل عزم مانديلا ثابتًا، وبينما ظل الزعيم الرمزى للحركة المناهضة للفصل العنصرى، قاد حركة عصيان مدنى فى السجن أجبرت مسؤولى جنوب إفريقيا على تحسين الظروف بشكل كبير فى جزيرة روبن، تم نقله لاحقًا إلى مكان آخر، حيث كان يعيش تحت الإقامة الجبرية.
وظل الفصل العنصرى معمول به بجنوب أفريقيا من عام 1948 إلى عام 1993، وهو الفصل العنصرى الذى أقرته الحكومة والتمييز السياسى والاقتصادى ضد الأغلبية غير البيضاء فى جنوب إفريقيا، من بين العديد من أشكال الظلم أُجبر السود فى جنوب إفريقيا على العيش فى مناطق منفصلة ولم يتمكنوا من دخول أحياء للبيض فقط ما لم يكن لديهم تصريح خاص، على الرغم من أن البيض فى جنوب إفريقيا لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من السكان، إلا أنهم يمتلكون الغالبية العظمى من أراضى البلاد وثروتها، وفقا لموقع هيستورى.
واستطاع نيلسون مانديلا أن يحطم الفصل العنصرى، وفى عام 1989، أصبح إف دبليو دى كليرك رئيسًا لجنوب إفريقيا وشرع فى تفكيك نظام الفصل العنصرى، رفع دى كليرك الحظر عن حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، وعلق عمليات الإعدام، وفى فبراير 1990 أمر بالإفراج عنه، وحصل مع الرئيس فريدريك دى كليرك فى عام 1993 على جائزة نوبل للسلام، فى 2005 اختارته الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة.
وفى 5 سبتمبر عام 2013 رحل نيلسون مانديلا تاركًا وراءه إرثًا خالدًا فى التاريخ. سياسى ومناضل من جنوب أفريقيا، واجه الظلم ودفع ثمنا غاليا من سنوات عمره لكنه استطاع أن ينتصر فى النهاية بصموده وان يمنح الإنسان الأفريقى القدرة على تغيير قدر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة