تحرص الدولة المصرية طوال السنوات الماضية على مد وتوسيع الشراكة والتعاون والتنسيق مع مختلف التجمعات الكبرى، وأيضا التحرك الجماعى مع أفريقيا لضمان أفضل نتائج فى حق القارة فى التنمية والطاقة والتكنولوجيا، حتى لا تظل القارة مجرد مصدر للمواد الخام، وتحصل على فرصة للتنمية والتصنيع والحصول على القيمة المضافة، ضمن تنمية حقيقية.
من هنا تأتى أهمية القمة الروسية الأفريقية الثانية التى تنعقد فى سان بطرسبرج فى روسيا الاتحادية، وهى القمة التى تم تدشينها عام 2019 أثناء الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى، ضمن سعى مصر على مدار سنوات لعقد مؤتمرات أفريقيا مع: «الصين، واليابان، والاتحاد الأوروبى، وروسيا، والولايات المتحدة»، وطرح حق أفريقيا ودولها وشعوبها فى التقدم والتنمية، وبناء شركات تعود على أطرافها بالنفع المباشر، وفى فبراير 2022 عقدت الدورة السادسة للقمة الأفريقية الأوروبية، تحت عنوان «أفريقيا وأوروبا.. قارتان برؤية مشتركة حتى 2030»، فى العاصمة البلجيكية بروكسل، تحدث الرئيس عن حق أفريقيا مؤكدا أن مساهمة الـدول الصناعية فى مساعدة الدول النامية فى تحسين المناخ، بجانب أنها تسهم فى حماية الكرة الأرضية، فهى تعويض للدول المتضررة من الأنشطة الصناعية للدول الكبرى ودعا الرئيس - خلال كلمته أمام القمة «الأمريكية الأفريقية» فى ديسمبر الماضى - إلى مراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصادات دولنا، لا سيما الدين الخارجى، وهو ما يفرض وضع آليات لتخفيف عبء الديون عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر، مع تكثيف الاستثمارات الزراعية الموجهة إلى أفريقيا لتطوير القدرات الإنتاجية والتخزينية لدولها عبر توطين التكنولوجيا الحديثة بشروط ميسرة، والحفاظ على انفتاح حركة التجارة العالمية.
الرئيس عبدالفتاح السيسى يحضر قمة «أفريقيا – روسيا» التى تنطلق اليوم فى بطرسبرج بمشاركة 49 بلدا أفريقيا و17 زعيما، القمة «الروسية – الأفريقية».. وبالطبع فإن الاقتصاد يأتى فى مقدمة القضايا المطروحة على القمة، ومنها مشكلات الأمن الغذائى فى ظل انتهاء صفقات الحبوب الأوكرانية فى المقدمة.. والارتقاء بالشراكة التجارية ضمن مجالات التعاون، والصناعة والتكنولوجيا والبنية الأساسية.
وبالطبع ستكون تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على بلدان القارة، أحد ملفات النقاش، حيث تعقد القمة فى توقيت حساس، وتلقى الحرب بظلالها على الدول الأفريقية والدول الأكثر احتياجا منها، حيث أدت لارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، فضلا عن إنهاء روسيا العمل بصفقة الحبوب فى 18 يوليو الجارى وسحب ضماناتها بسلامة الملاحة فى البحر الأسود وإغلاق الممر الإنسانى البحرى لمرور الحبوب الأوكرانية.
مصر من جهتها تحتفظ بعلاقات متوازنة، بعيدا عن التدخل فى شؤون الدول، مع التأكيد على الدعوة للسلام ووقف الصراعات واللجوء الى مسارات سياسية، وبالطبع وحسب المتحدث الرئاسى فمن المقرر أن تشهد الزيارة أيضاً لقاء الرئيس السيسى مع الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كل الأصعدة، وذلك فى إطار الروابط الوثيقة التى تجمع بين مصر وروسيا، وحرص البلدين على تدعيم التعاون بينهما ومواصلة التشاور المكثف حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
الرئيس الروسى بوتين أكد أن روسيا ستواصل تطوير علاقاتها مع أفريقيا، بينما الاتحاد الأفريقى يؤكد الشراكة الاستراتيجية مع روسيا. وهدف القمة هو دعم وتعميق العلاقات المتميزة والتاريخية بين القارة الأفريقية وروسيا، بالإضافة إلى تعزيز التشاور بين الجانبين حول كيفية التصدى للتحديات المشتركة، أخذا فى الاعتبار أن القمة الثانية هذا العام ستتضمن عقد جلستين عامتين وسيصدر عنها إعلان ختامى، كما سيعقد على هامش القمة عددًا من الفعاليات الاقتصادية والتجارية والثقافية، أبرزها المنتدى الاقتصادى والإنسانى.
سيعقد خلال القمة الروسية الأفريقية الثانية المنتدى الاقتصادى الروسى الأفريقى الثانى ويعتبر حدثا فريدا من نوعه فى علاقات روسيا مع دول القارة الأفريقية، ويهدف لتنويع مجالات التعاون الروسى الأفريقى، وتحديد تطور هذه العلاقات على المدى الطويل، فيما سيتم تنظيم معرض واسع النطاق وعقد ورشات عمل فى إطار المنتدى، كما يعد المنتدى الاقتصادى والإنسانى الروسى الأفريقى منصة للحوار المباشر بين الشركات والحكومات وممثلى مختلف القطاعات فى روسيا وأفريقيا.
وتشمل أعمل المنتدى 4 محاور هى الاقتصاد العالمى الجديد، والذى سيركز على توسيع نطاق التعاون فى مجال الأعمال بين روسيا والبلدان الأفريقية، والأمن، وسيتطرق إلى كيفية استفادة البلدان الأفريقية من الخيرة الروسية فى مجال ضمان الأمن، والعلوم والتكنولوجيا، بهدف توفير التكنولوجيا المتقدمة اللازمة للإسهام فى تحقيق التنمية المستدامة فى إفريقيا، وهناك محور «اقتصاد العالم الجديد» عن «ممارسة الأعمال التجارية فى أفريقيا: المخاطر والظروف والفرص»، بجانب قضايا متعددة.
وبالطبع فإن القمة فرصة لطرح أفكار للشراكات الاقتصادية والتجارية، وبحث أفضل طرق تخفيف انعكاسات الأزمات الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة