أحمد الصغير: أعمل على رحلتى النقدية بقوة.. والنقاد مظلومون وجائزة صحار "مفاجأة"

السبت، 08 يوليو 2023 01:09 م
أحمد الصغير: أعمل على رحلتى النقدية بقوة.. والنقاد مظلومون وجائزة صحار "مفاجأة" الدكتور أحمد الصغير
حاوره: أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استطاع الناقد الدكتور أحمد الصغير، أستاذ الأدب العربى بكلية الآداب جامعة الوادى الجديد، أن يخط لنفسه خطًا مهمًا فى عالم النقد الأدبى، واستطاع من خلال كتاباته المتعددة فى الشعر والرواية والمشهد الثقافى أن يكون ناقدًا فاعلاً يملك رؤية خاصة به، كما حصل على العديد من الجوائز الأدبية المهمة التى كان آخرها جائزة صحار فى الدراسات النقدية من سلطنة عمان، وقد أجرى معه "اليوم السابع" حوارًا حول مشروعه ورؤيته لمستقبل النقد العربي.. فإلى نص الحوار:

 

أحمد الصغير
 

• يملك أحمد الصغير مشروعًا نقديًا ظهر فى عدد من الكتب.. حدثنا عنه؟

 شكرًا جزيلاً لكم فى "اليوم السابع"، أعتقد أن كلمة "مشروع " كبيرة، فأنا ما زلت فى بداية الطريق، لكن يمكن أن نقول إنها رحلة الناقد عبر الحياة، فقد نشأ اهتمامى بالنقد والأدب منذ خمسة وعشرين عاما، وكنت قد انتهيت من الدراسة الجامعية الأولى، ثم التحقت بالدراسات العليا فى جامعة عين شمس، حيث بدأت فى التحصيل العلمى على يد كبار النقاد والأكاديميين أمثال أستاذنا د. عز الدين إسماعيل، صلاح فضل، عصام بهي، يوسف نوفل، محمد عبدالمطلب، أحمد كمال زكي، .. وغيرهم، حيث كان لهؤلاء الكبار أثر مهم فى حياتى العلمية، وجدت دعما وتشجيعا وتقويما، وانتصارا للعلم، بالإضافة إلى دور الجمعية المصرية للنقد الأدبى بـ جاردن سيتى ـ فى حياتى النقدية، فقد كانت ندوتها طقسا أسبوعيا وممارسة تطبيقية فى قراءة النصوص الأدبية. 

القصيدة السردية
القصيدة السردية

أتذكرُ أولَ دراسة لي، جاءت بعنوان الخطاب الشعرى فى السبعينيات، مقاربة فى شعر جيل السبعينيات أمثال حلمى سالم، رفعت سلام، عبدالمنعم رمضان، حسن طلب، جمال القصاص، وغيرهم وكانت صدمة كبيرة لى حيث واجهت نص الحداثة الشعرى بمغامرات النقد، فلم أهتم كثيرا بالأدوات التقليدية وتعلمت كثيرا من دراسات شكرى عياد وجابر عصفور، وفاطمة قنديل، حاولت فى الكتاب طرح مقاربة نقدية حول تجربة شعراء الحداثة فى مصر، وهى محاولة للفهم بسبب القطيعة الشعرية التى كرسها شعراء الحداثة فى الوطن العربى، ثم جاء الكتاب الثانى / بعنوان بناء قصيدة الإبيجراما فى الشعر العربى الحديث، وكانت فى وقتها أول دراسة عربية تهتم بهذا النوع الشعرى واستلهمت الموضوع من مناقشة أستاذنا عزالدين إسماعيل، ولفت انتباهى إلى أهمية المقاربة فقد كان شاعرا إبيجراميا بامتياز من خلاله ديوانه التأسيسى " دمعة للأسى دمعة للفرح " فقد ارتكزت عليه فى عملية التحليل النقدى، ويرجع الفضل له لأنه وجهنى إلى دراسة الظاهرة فى الشعر العربى الحديث.

النص والقناع
النص والقناع

وانتقلت للعمل فى الجامعات التركية، وحدثت لى هزة معرفية جديدة، تعلمت التركية وقرأت ناظم حكمت، عزيز نسين، أورهان باموق عاكف آرصوى، وترجمت بعض المختارات التى لم تنشر بعد، وأتقنت الإنجليزية أيضا للوصول إلى متن النظرية النقدية العالمية متخذا منها آليات النقد الجديد ونقد ما بعد الحداثة. وهناك كتبت عن الشاعر التركى نجيب فاضل سلطان الشعر التركى فى القرن العشرين، و أنجزت عملا نقديا حول القصيدة الدرامية فى الشعر الحديث، وكتاب عن قصيدة النثر المصرية، الذى تم نشره فى 2015 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان النص والقناع / مقاربة نقدية فى قصيدة النثر المصرية، وبعد عودتى إلى مصر التحقت بالعمل فى كلية الآداب بالوادى الجديد، وحاولت استثمار وقتى هناك من خلال القراءة والكتابة المستمرة، المهم فى الأمر الاستمرارية والبناء الدائم كى تصبح الرحلة الإنسانية متعة من أجل المداومة، أيضا انتهيت من سيمياء القصيدة الدرامية فى شعر عبد الرحمن الأبنودى، الموروث عند خيرى شلبى، وشعرية السرد فى أحلام نجيب محفوظ، ... أعتقد أن الناقد لابد أن يتابع بشغف ويعمل من أجل تقويم الحياة النقدية بشكل أو بآخر .

بناء قصيدة
 

• فزت بجائزة صحار للدراسات النقدية بعد جائزة الطيب صالح ومن قبلها العديد من الجوائز.. هل ترى أن النقد يأخذ حقه من التقدير؟

جاءت جائزة صحار مفاجئة بالنسبة لي، بعد جائزة الطيب صالح، وكانت إشارة مهمة لى نحو المزيد من العمل والتجويد والاهتمام بالدرس النقدى، وبمناسبة جائزة صحار أتوجه إلى القائمين عليها بالشكر والتقدير صاحب السمو ذى يزن الهيثم بن طارق آل سعيد، وزير الثقافة العمانى، السيد خميس العدوى المشرف على الجائزة، وخالص الشكر والتقدير لسلطنة عمان الشقيقة لاهتمامها بتشجيع النقد العربى من خلال الدعم الخالص للحركة النقدية العربية من خلال جائزة صحار للدراسات النقدية والبحثية. وأشكر السادة المحكمين أ.د إحسان صادق اللواتى أستاذ البلاغة والنقد بكلية الآداب، جامعة السلطان قابوس، أ.د عبدالله القتم أستاذ الأدب والنقد جامعة الكويت، وأ.د عبدالرحيم المراشدة عميد الدراسات العليا بجامعة عجلون، الأردن، والدكتور سعيد الطارشي، والشاعر أحمد الكلباني، الأستاذة هدى بنت سعيد الريامية والأستاذة بدرية فى إدارة الجائزة. فلهم الشكر والتقدير جميعا لجهودهم وإنصافهم المهم. حيث تقدمت للجائزة بكتاب نقدى بعنوان أدوات الصورة البصرية فى الشعر العماني، سيف الرحبى نموذجا، كانت الجائزة سببا وراء البحث والاكتشاف وقراءة الشعر العمانى قراءة متخصصة، متخذا من الشاعر العمانى الكبير سيف الرحبى نموذجا تطبيقيا فى جل أعماله الشعرية الناجزة كما يسميها سيف نفسه. جاء الكتاب فى خمسة فصول أساسية متناولا الموضوعات الآتية مفهوم الصورة البصرية، شعر الحداثة، الشعر العمانى، المشهد الشعرى، اللقطة، المونتاج، الصورة السينمائية، التشذير، التشظى الشعرى، .... إلخ .

جائزة صحار
 

 أما بالنسبة لسؤالك عن أن النقد بدأ يأخذ حقه من التقدير الآن؟ فى ظنى بدأت بعض الجوائز العربية الاهتمام بالنقد الأدبى والدراسات الأدبية مثل جائزة كتارا فى الدراسات النقدية الروائية، وجائزة الشارقة لنقد الشعر العربى، وجائزة ساويرس وجائزة الملك فيصل العالمية، وجوائز المجلس الأعلى للثقافة، و جوائز معرض القاهرة الدولى للكتاب .. إلخ. مثل هذه الجوائز تدعم النقد بشكل مباشر، فهى تسهم فى تقويم الفكر النقدى وتمنح الباحثين القدرة على التنافس والكتابة الجادة حول النصوص الأدبية فى العصر الراهن. 

سيف الرحبى
 
 
• من آباء أحمد الصغير فى النقد؟
الحديث عن الآباء النقاد الذين تأثرت بهم وأخذت عنهم العلم كثيرون يأتى فى المقدمة أستاذنا الناقد المرحوم د. عصام بهى أول من ساعدنى ووقف بجوارى فى بداية الطريق وله فضل كبير أثناء إعدادى للماجستير والدكتوراه، وأيضا أستاذى الدكتور الناقد الكبير د. يوسف نوفل صاحب القامة العلمية والقيمة الأكاديمية الكبيرة فله الفضل والشكر على رعايته للباحثين، ومن آبائى أستاذنا الناقد الكبير د. عزالدين إسماعيل، صلاح فضل، جابر عصفور شكرى عياد، مصطفى ناصف، شاكر عبدالحميد، كنت أجرى وراء إنتاجهم النقدى مستمعا وقارئا لإنتاجهم العلمى الرصين، بل يمثلون لى حيلة كاملة كان لها أثرها الواضح فى البناء الأكاديمى والنقدى 
عصام بهي
 

• لماذا يرى كثير من المبدعين أن النقد لا يجارى الإبداع ويتهمونه بالتقصير؟

بعض المبدعين للأسف يتعجلون فى إصدار الحكم على النقد بشكل سطحى يخالف الواقع، لأن المبدع يحتاج لمن يصفق له دائما، ولا يتريث فى قراءة النقد، النقد عقلانى يفكر كثيرا قبل أن يتحدث، وأكثر هؤلاء يمتنعون عن المتابعة النقدية التى لا تهتم بهم، وهنا يمكن القول إن النقد ينظر للأمر بشكل مخالف لأنه ليست أدواته مثل السباكة كما يقول صديقى الناقد علاء الجابرى فى مقالة له منذ عشرين سنة تحدث فيها النقد والسباكة، الناقد مبدع بالأساس ينتج نصا نقديا يقارب من خلاله النص الأدبي، وأعتقدُ أن الممارسة النقدية لن تستطيع مجاراة الإبداع، لأن ما تطرحه المطابع كثير جدا وما يكتبه المبدعون يحتاج للفرز والفحص والتدقيق والمعايشة فى القراءة. سيظل النقد مقصرا عند المبدعين طالما أنه لم يتحدث عن أعمالهم، ورائع إذا تحدث عنهم. هذه الرؤية سطحية جدا فى طرحها وتحتاج للنظر والبحث. 
عز الدين إسماعيل
 

• نظرية عربية فى النقد.. هل لا يزال هذا الحلم قائما؟

أنا لا أحلم هذا الحلم المراهق، لأن النقد ليس بهذه البراءة، لا توجد نظرية عربية فى النقد بشكل عام أو أمريكية أو فرنسية أو انجليزية، النقد عالم إنسانى يعتمد على مناهج علمية، وفى ظنى يمكننا الإسهام فى إنتاج نظرية نقدية إنسانية عندما نتملك رؤية متجددة تعتمد على المغامرة فى قراءة تراثنا العربى من خلال المناهج الحديثة. 

كل هذه النظريات والمناهج هى نظريات إنسانية تشارك فى عملية قراءة النص الإنسانى عامة والأدبى بخاصة، لأنها ليست مصطلحات صماء مجردة أو مجانية بل تهدف على الدخول فى النص واستعادة القراءة تتطلب آليات للعمل من تتأسس على المنهجية، لأنها أكثر مرونة من المنهج أو النظرية. نحن نتملك أساتذة فى النظرية النقدية ولا نمتلك ممارسة تطبيقية مجردة. 

يوسف نوفل
 

هل ترى النقاد مظلومين؟

نعم، يقع ظلم مباشر على النقاد ليس فى مصر وحدها، بل فى الوطن العربى أيضا، فعندما يتم تهميش دور الناقد فى دائرة الإبداع التى يكون الناقد جزءا رئيسا من أجزاء تكوناتها المعرفية والفنية. فيتم على سبيل المثال، إقصاء الناقد بشكل مباشر من التمثيل الثقافى فى المنتديات الأدبية، والكتابة فى الصحف الرسمية وغيرها، وإذا تمت دعوته للكتابة، فيتم تمرير نصوصه على الرقيب الأكاديمى الذى يتبنى رؤية تقليدية معينة، مما يؤدى إلى تشويه النص النقدى برمته، ومن أسباب الظلم أن الناقد لا يستطيع العيش من وراء النقد، لأن الدوريات والمجلات الثقافية لا تمنحه مقابلا ماديا يكفيه للحياة والمداومة على الكتابة، ولى تجربة مهمة فى الجمعية المصرية للنقد الأدبى، هذه الجمعية التى لا تجد من يدعمها لإقامة ورش العمل، والمؤتمرات الدولية التى تعمل بشكل جاد على تطوير الأدوات البحثية لدى المصريين، أتذكر أن أستاذى الناقد عز الدين إسماعيل كان ينفق من ماله الخاص من أجل إقامة مؤتمرات الجمعية، للأسف حتى وزارة الثقافة تتعطل مؤتمراتها لأسباب بيروقراطية. 
لأستاذة هدى بنت سعيد الريامية
الأستاذة هدى بنت سعيد الريامية

• هل يمكن القول إن النقد بخير؟

النقد الأدبى ليس فى أفضل حالاته، هو ليس بخير، يسير كسلحفاة فقدت هدفها بسبب متطلبات وضغوطات الحياة وأغراض العيش. قلت ذلك من قبل فى حوار لإحدى الدوريات، إن الناقد يعمل بشكل فردى حيث لا مؤسسة تقف خلفه أو تدعمه دعما معنويا أو ماديا، وهناك فرق كبير بين الناقد ومدرس النقد، لأن الأول مشغول بممارسة جادة للكتابة النقدية مخترعا ومبدعا فيها، أما الثانى : هو مجرد مدرس يلوك ما سبقه الأخرون، فالجامعة المصرية لم تعد تنتج نقادا كما كانت قديما فى مطلع القرن العشرين، أحلم أن تتبنى الجامعة مشروعات نقدية ضمن برامجها البحثية والتعليمية، أحلم أن تكون الجمعية المصرية للنقد الأدبى ممثلة فى كليات الآداب كمان هو حلم أستاذنا عزالدين إسماعيل رحمه الله. وينبغى أن تتعامل المؤسسات مع الناقد بشكل مختلف يسهم فى استعادة دوره المهم فى بناء العقل النقدى الجمعى فى مصر والعالم العربى. 
جائزة
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة