ونحن فى غفلة من الزمن مستغرقين حتى الآذان فى أحداث تلاحقها أحداث أخرى من كل اتجاه، إذ بنا نُفاجأ بواقع مؤلم قد تسلل بخبث ليستشرى فى قلب المجتمع المصرى، صاحب العادات والتقاليد والقيم الأصيلة، التى لم يقو على تبديلها يوماً الاستعمار ولا العولمة والانفتاح والإنترنت، الذى جعل من العالم كله قرية صغيرة تؤثر وتتأثر ببعضها البعض بشكل مباشر و سريع.
ولكن: يبدو أن الغفلة قد طالت حتى أفقنا على مأساة، ليس كمثلها مأساة، وهى ضرب عصب المجتمع ومستقبله المتمثل فى شبابنا فى مقتل!
فقد تم إدخال عشرات الأنواع من المخدرات المصنعة كيميائيا، متعددة الأسماء والتى تم تتويجها بأنواع خطيرة تحت مسمى (الاستروكس، والشابو، والكيتامين ) وغيرهم من مستجدات الإدمان الحديثة.
لتكتمل حلقات الدمار وتغييب عقول الشباب وتدميرها فيتحول عدد كبير منه إلى مجرد مسخ لا حول له ولا قوة ولا فائدة منه ولا رجاء!
كيف تم السماح لهذه الأنواع الخطيرة بالانتشار بهذا الكم حتى أغرقت السوق المصرية وباتت متاحة للجميع بدلاً من القراءة!
كما تحولت إلى موضة يتباهى الشباب باقتنائها وتناولها وخاصة فى الأوساط الراقية، نظراً لارتفاع سعرها، أى أنها أصبحت كيف الأثرياء من الشباب!
وبما أن المجتمع قد غرق فى الحرية والانفتاح فقد ظهرت موجة جديدة من موجات التجاوز وضرب عرض الحائط بكل قيم و أخلاقيات المجتمع الشرقى الإسلامى من خلال الحفلات الصاخبة التى تجذب مئات المتمردين على الدين والعادات والتقاليد المصرية العتيقة، و التي تعد مناخاً خصباً للتباهي بأحدث وأغلي أنواع المخدرات.
ولكن: "كانت المفاجأة الصادمة التي زادت من حجم الكارثة": هي ثبوت تعاطي 16 سيدة من واقع 32 عينة عشوائية تم فحصها من العاملين بالجهاز الإداري للدولة، فقد كشف مساعد وزير التضامن الاجتماعي ومدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان الدكتور عمرو عثمان، عن عدد حالات التعاطي بين العاملين في الجهاز الإداري للدولة.
وأوضح أن الخط الساخن للصندوق "16023" تلقى 30 بلاغا من مواطنين ومستخدمين حول وجود بعض حالات التعاطي بين العاملين في الجهاز الإداري للدولة، وعلى الفور نزلت حملات بشكل مفاجئ للكشف على العاملين المبلغ عنهم، إذ يتعرض من يثبت تعاطيه للمواد المخدرة لعقوبة الفصل من العمل، و قد جاء مخدر الحشيش الأكثر انتشارا بين الحالات الإيجابية، يليه الـ"ترامادول" ثم المخدرات التخليقية مثل "الشابو" و"الاستروكس"، ثم "المورفينات"، مع وجود حالات تعاطي متعدد (تعاطي أكثر من مخدر).
أي أن الأمر لم يقتصر فقط علي فئة الشباب من الجنسين ، و إنما تخطي الأمر لينال من السيدات العاملات بأجهزة الدولة الإدارية، و التي تعد كارثة أكبر و أعمق.
نداء عاجل إلى أولى الأمر: لا تتركوا الأمور تتفاقم وأنتم منشغلون فى أمور أخرى لا تزيد أهمية عن تلك التى ترونها هامشية، وهى كارثة بكل المقاييس، كارثة ضرب عقول وأجساد نواة المستقبل وعصب المجتمع الذى إن مرض لن نرى إلا مستقبلا باهتا خاليا من التطلعات والآمال!
فبجانب المجهودات الكبيرة التي يقوم بها صندوق مكافحة و علاج الادمان، و التي شكلت فارقاً حقيقياً وتأثيراً ملموساً، إلا أنه لابد من وضع خطة عاجلة محكمة تشترك بها كافة مؤسسات ألدولة إلي جانب عمل الصندوق، للسيطرة على هذه الموبيقات، ومحاصرتها، وفرض العقوبات القصوى على مروجيها ومستهلكيها والتوعية المكثفة بمخاطرها الصحية، وتحريمها دينيا بأساليب بسيطة مقنعة تستطيع الوصول والتأثير فى عقول الشباب من سن المراهقة وحتى نهاية العشرينيات.
هذا بجانب دور البيت من الداخل الذى يتحمل المسئولية الأكبر فى المتابعة والمراقبة والتقويم .
لعلنا ننقذ أجيالاً من الشباب إن تهاوت سيتهاوى المجتمع بأسره.