على مدى سنوات كانت فكرة توطين الصناعة مطلبًا، وتوجهًا من الدولة، وخلال 8 سنوات تم إطلاق وبناء أكثر من منطقة صناعية مع إحياء الصناعات التى تمتلك فيها مصر ميزات تنافسية كالغزل والنسيج والجلود، بجانب صناعات لمواد خام كانت تتوفر بمصر ويتم تصديرها كخامات، وهو ما يفقد البلد قيمة مضافة، وأيضًا فرص عمل، ويمثل ملف الصناعة أولوية للدولة، وهدفًا استراتيجيًا يوفر قيمًا مضافة، وفرص عمل، ويقلل من الاستيراد ويرفع فرص التصدير.
كان ملف الرمال السوداء من بين الصناعات التى تتوفر موادها الخام ولا تستغل، حتى تم افتتاح مصانع منتجات الرمال السوداء فى كفر الشيخ، واحد من مجموعة مصانع لاستخلاص المعادن والخامات الصناعية من الرمال السوداء التى كان يتم تصديرها أو تهريبها بقروش قليلة، لتعود لنا فى شكل منتجات بملايين، وطالب علماء وخبراء التعدين بوقف تصدير هذه الثروة، والتعامل معها بالعلم، وتم افتتاح المصنع، نفس الأمر مع المجمع الصناعى لإنتاج الكوارتز بالعين السخنة، والذى افتتحه الرئيس السيسى، فى مايو الماضى، ترجمة لآراء ودراسات جدوى، وخبرات، ونموذج لتعاون واسع، وتنفيذًا لاستراتيجية صناعية واقتصادية، تضاعف من القيمة المضافة، مع استغلال الثروات التعدينية المتاحة.
المشروع نفذته الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، وشركة «بريتون» الإيطالية، وشركة «الشريف براند»، وتم بناءً على دراسات الجدوى بالتعاون مع شركات عالمية بهدف تعظيم القيمة المضافة للخام، وهو يحقق مردودًا اقتصاديًا مناسبًا، ويلبى احتياجات السوق المحلى، مع تصدير الفائض للخارج لتوفير العملات الأجنبية وتوطين صناعات جديدة.
مؤخرًا تم الدفع نحو التركيز فى ملف الدواء، وتوطين صناعة الدواء لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الدواء والسعى لنقل أحدث تكنولوجيا لتصنيع الدواء محليًا، حيث يتم توفير أكثر من 93 % من احتياجات السوق المحلى، وهناك ما يقرب من 13 ألف صنف دوائى مسجل، ووصل حجم استثمارات القطاع الدوائى فى مصر إلى 110 مليارات جنيه، بجانب مدينة الدواء التى افتتحها الرئيس فى إبريل 2021 بهدف إنتاج الأدوية بشكل علمى وبجدارة، ومشروع تصنيع مشتقات البلازما، بتكنولوجيا متقدمة، وبعد ضغط فترة التنفيذ.
وهناك شقان فى صناعة الدواء، الأول أغلبية الأدوية القديمة أو التى مر على إنتاجها 20 عامًا، تنتهى ملكيتها الفكرية، ولا تحتاج دفع مقابل براءات الاختراعات للشركات المالكة، وتمثل نحو 70 %، وتبقى 30 %، هى الأدوية الجديدة التى تحظى بحماية الملكية الفكرية، وهذه الأصناف يتطلب الحصول عليها سداد مقابل براءات اختراع، ما يرفع ثمنها، ومنها أدوية الأجيال الجديدة.
وإذا كانت الصناعة أحد أهم أسس الاقتصاد الحديث، فإن توطين الصناعة يتطلب توفر كوادر علمية وبحثية وفنية، وترتيبات تتعلق بمراقبة الجودة، وبالتالى فإن التوطين يعنى بجانب البنية الصناعية توفير العنصر البشرى، مع ربط التعليم العالى والفنى بسوق العمل، وبما أننا فى بداية عام جديد، يفترض أن تتوجه الجامعات إلى الدفع نحو توفير التخصصات المتعلقة بالصناعة وهو ملف متشابك فى باقى الملفات، لأنه يبدأ من دراسات الجدوى إلى التنفيذ والبنى الأساسية للصناعة.
وبالتالى فإن ملف الصناعة يرتبط بملفات التعليم الأساسى، والفنى، والتعليم العالى، بل وأيضًا دراسات الجدوى وإدارة الأعمال والمشروعات، والأهم هو ملف البحث العلمى، وهى قضايا تم طرحها بالحوار الوطنى ومجالس الجامعات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة