صكوك الغفران تباع فى السوق السوداء.. من يملك أبواب الجنة؟

الأربعاء، 16 أغسطس 2023 06:00 م
صكوك الغفران تباع فى السوق السوداء.. من يملك أبواب الجنة؟ مارتن لوثر
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تخيلت يوما أن تدفع ثمن دخول الجنة "نقودًا" لا تتصدق بها ولا تحسن بها إلى الآخرين، لكن تدفعها عدًا ونقدًا إلى "رجل دين" فيمنحك "صك غفران" لكل ذنوبك الماضية والمستقبلية؟
 
حدث ذلك الفعل فى أوروبا فى نهاية العصور الوسطى واستمر حتى بدايات عصر النهضة، وذلك لأسباب تخص العقيدة والاقتصاد، أما العقيدة فذلك لأن الكاثوليك يؤمنون بـ "الغفرانات" ومعناها حق الباباوات والأساقفة أن يعطوا غفرانا لمدة معينة نتيجة لعمل معين خاص.
أما الأسباب الاقتصادية فمتنوعة منها بناء كنيسة أو تكوين جيش وحشد لحرب، ومن ذلك أن الكنيسة فى فترة كانت متحمسة لتمويل إعادة بناء روما، لدرجة أن صكوك الغفران كانت تباع للأفراد لتغطية خطايا المستقبل التى لم تُرتكب بعد.
 
وهناك قصة لطيفة عن نشأة صكوك الغفران، تقول إن البابا أوربانوس الثانى الذى توفى فى عام 1099 والمسئول عن إشعال الحرب بين الغرب والشرق تحت لواء المسيح وحماية الدين، بعد دعوته لحملة صليبية كبرى على أرض الشرق، لاستعادة بيت المقدس (القدس)، هو الذى اخترع صكوك الغفران من أجل بث الحماس فى القلوب ودفع الناس خاصة الفقراء للذهاب إلى الحروب. 
 
وبحسب كتاب "عقيدة الخلاص بالإيمان والأعمال فى ضوء الكتاب المقدس"، فإن الكنيسة الكاثوليكية أصدرت صكوك الغفران فى القرن العاشر، بناء على مجلس راتس سنة 934م، فأقبل معظم الكاثوليك على شرائها، بغض النظر عن كفارة المسيح أو الحالة الروحية للذين يبتاعون الصكوك، لكن تلك الصكوك لم تظهر بشكلها الشامل إلا عندما قامت الحروب الصليبية، عندما أصدر البابا أوربان غفرانا شاملا لكل الذين يخرجون إلى هذه الحرب بدافع الرغبة فى خدمة المسيحية، وبذلك ضمن الحياة الأبدية بحسب زعم أوربانوس، لكل العاملين فى هذه الحرب بغض عن النظر عن حياتهم الروحية.
 
ومما يذكره التاريخ أن مندوبى البابا كانوا يستخدمون أساليب متنوعة فى بيع تلك الصكوك، ووصل الأمر إلى وجود سوق سوداء لهذه الصكوك.
 

مارتن لوثر يعلن الثورة

فى 31 من شهر أكتوبر من سنة ١٥١٧ أصدر المصلح الدينى الشهير مارتن لوثر أطروحاته الخمس والتسعين التى رفضت صكوك الغفران، حيث بدأ لوثر فى واقع الأمر رحلته وفى ذهنه فكرة إصلاح الكنيسة، لكن سرعان ما تحول الإصلاح إلى ثورة؛ فقد تبلور احتجاج لوثر ضد صكوك الغفران سريعًا فى صورة رفض منظم لكل افتراض دينى كانت الكنيسة الكاثوليكية تقوم عليه، فقال لوثر بأن المرء يتمتع بعلاقة مباشرة مع الرب، وليس بحاجة للاعتماد على توسط القساوسة أو القديسين أو صكوك الغفران لتمنحه الخلاص، فبإمكان الفرد الحفاظ على الإيمان المطلق بنعمة إله غامض لكنه رحيم، وذلك على أمل نيل الخلاص. فلا يسع الأفراد الضعفاء والأشرار فعل شيء أمام الله، سوى التمسك بالإيمان؛ تلك العطية المطلقة من الله. 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة