القضية مهمة للاقتصاد الوطنى، ودول كثيرة عربية وأوروبية سبقت مصر فيها وحققت من ورائها مليارات الدولارات. فما الذى كان يقف عائقا للتأخير فى طرح العقارات المصرية للتصدير..؟
التشريعات والقوانين البيروقراطية القديمة والتخوفات التى لم يكن لها مبرر أو منطق، والتى صاحبتها شعارات كاذبة "بيع مصر للأجانب" هى التى أعاقت وعطلت استفادة الدولة من ثروتها العقارية، فى الوقت التى سارعت فيه دول فى المنطقة ودول أعضاء فى الاتحاد الأوروبى مثل اليونان والسويد إلى استثمار مواردها فى العقارات لتصديرها، وربحت من ورائها مليارات الدولارات.
لكن ماذا يعنى تصدير العقار الذى أصبح له الأولوية فى السنوات الأخيرة فى أجندة الحكومة المصرية؟
ببساطة تصدير العقار يعنى القدرة على جذب المستثمر الأجنبى للاستثمار فى الأصول العقارية بالعملة الصعبة، فى مقابل حق الإقامة لمدة طويلة، أو الحصول على جنسية الدولة. وبصورة مبسطة فتح الباب أمام الأجانب لشراء العقارات دون سقف لعمليات الشراء لتنشيط السوق، ومحاولة إخراجه من الركود الذى أصابه، وتحقيق حصيلة دولارية لدعم العملة المحلية والاقتصاد الوطني، هنا تبدو مسألة تصدير العقار المصرى أحد أهم عناصر جذب النقد الأجنبى لمصر خلال الفترة المقبلة.
الحكومة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة تجاوبت مع الأصوات الخبيرة فى قطاع العقارات التى نادت بالاهتمام بقضية التصدير، وعقدت سلسلة من الاجتماعات، لبحث عدد من مقترحات النهوض بنشاط تصدير العقار، وأعلن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء الاهتمام الذى توليه الدولة لملف تصدير العقار، باعتباره إحدى آليات توفير النقد الأجنبي، ودعم مشروعات القوانين التى تسهم فى تيسير تملك الأجانب للعقارات.
لكن هناك أسباب آخرى تدفع الحكومة للقيام بخطوات سريعة فى اتجاه عملية تصدير العقار...
فارتفاع الأسعار فى سوق العقارات المصرى أدى إلى عجز رأس المال المصرى عن المنافسة والإقبال على الشراء، بالتالى فالفرصة مواتية أمام الاستثمار الأجنبى فى سوق العقارات فى ظل انخفاض قيمة الجنيه. ففكرة تصدير العقار تتماشى مع فائض العرض فى السوق العقارى المحلي، نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج المنعكسة فى أسعار السوق، بالإضافة إلى متطلبات الضريبة العقارية، وهو ما لا يتلاءم مع مستويات الطلب الفعال للشريحة الأكبر من المصريين.
السبب الآخر هو تحريك الركود فى المبيعات، كما أنها فرصة أيضًا للأجانب، منها الحصول على الجنسية والإقامة.
مصر بالفعل قطعت شوطا كبيرا فى هذا الاتجاه وناقشت عددا من المبادرات والمقترحات التى تسهم فى تقديم المزيد من الدعم وتهيئة المناخ للقطاع العقاري، ومنها الموافقة على إلغاء الحد الأقصى لتملك الأجانب للعقارات فى مصر، وإزالة المعوقات التى تواجه قطاع التمويل العقاري، والحصول على إقامة من 3 إلى 6 سنوات مجاناً إذا اشترى شخص أجنبى عقارا فى مصر.
كل هذا هدفه تفعيل تصدير العقار وزيادة نسبته الحالية من خلال جذب الاستثمارات الخارجية وزيادة حصيلة النقد الأجنبى لتخفيف الضغط على الجنيه المصرى وكبح جماح التضخم.
الأرقام تشير الى أن حجم التعاملات العالمية لسوق تصدير العقار يتراوح ما بين 200 إلى 300 مليار دولار سنويا، فى حين لا تتعدى نسبة مصر فى هذا السوق 0.1%.، ويقدر المتخصصون فى ملف الاستثمار الدولى الأصول العقارية الجديدة لمصر بـ500 مليار دولار، كما أن القطاع العقارى يساهم بحوالى 20% من اجمالى الناتج القومى – أى ما يزيد قليلا على 2.5 ترليون جنيه-
المهم الآن التسريع بالخطوات والمبادرات وحزمة التحفيزات لتشجيع تصدير العقار المصري، فمصر لديها محفظة عقارية كبيرة خاصة فى المدن الجديدة والمنتجعات السياحية والعاصمة الإدارية والمدن الساحلية والعلمين ورأس الحكمة وغيرها، يمكن استغلالها وتصديرها لتحقيق ما تستهدفه الحكومة من إيرادات تقدر ما بين 2-3 مليارات دولار سنويا من عمليات التصدير.
فالمنافسة فى مسألة تصدير العقار ليست سهلة وخاصة فى المنطقة العربية ودول حوض البحر المتوسط على الجانب الأوروبي، وخاصة اليونان وإسبانيا والسويد أيضا، لكن تبقى مصر وجهة مثالية للاستثمار العقارى وما تتمتع به من مزايا أخرى.